نعيش فى هذه الايام ذكرى مولد خير البشر النبى محمد صلى الله عليه وسلم.. فميلاد الرسول الكريم لم يكن مجرد مولد شخص عادى ولا حتى نبى مرسل، وإنما كان مولد أمة، رباها وأسسها محمد صلى الله عليه وسلم على أسس واضحة كافضل ما يكون البنيان، من تنشئة صحيحة وتعليم جيد ليكون هناك جيل قادر على قيادة أمة عظيمة اصبحت من أقوى الأمم..وما أشبه الليلة بالبارحة فقد فطنت الدولة المصرية حاليا لأهمية بناء الإنسان وتنميته بشكل جيد فكانت المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»، التى تستهدف تعزيز الاستثمار فى رأس المال البشري، من خلال برنامج عمل يستهدف تنمية الإنسان والعمل على ترسيخ الهوية المصرية.
الرئيس السيسى أكد أن رأس المال البشرى يعد الثروة الحقيقية لمصر، التى يجب العمل على تنميتها والاستثمار فيها.. وتلك بداية جيدة ورائعة وهى تربية ورعاية النشء والشباب، وهذا ما بدأ به النبى صلى الله عليه وسلم منذ اكثر من 1400 عام.. فلكل مُعلم ومربى وأب.. وأنت تواجه تياراً جارفاً من المتغيرات، وشبابنا يشهدون انفتاحاً كبيرا وتيسيراً لأبواب الشر أكثر من ذى قبل، وأصبح المنع والحجب قليلَ الفائدة فى زمن الانفتاح، وهنا فكم هو مهم أن تغرس فى قلوبهم رقابة الله، فعلق تلميذك او ابنك بالله وامض بعد ذلك لما شئت، فإذا وَعَتِ القلوبُ الرقابة الإلهية فإن ذلك سيردعها عن كثير من الشر والفساد وسيحملها على كثير من الخير
وإننا اليوم والأمة تواجه انفتاحاً كبيراً، والمربون يعانون من كثرة الشواغل، وتنوع الملهيات، او ما نسميه الان حروب الجيل الرابع.. إننا بحاجة أشد من أى وقت إلى العودة إلى معين السيرة، لننظر كيف ربى النبى -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، فخرج لنا خلال جيلاً بلغ القمة فى أخلاقه، وفى جهده، وتضحيته، وفى تمسكه بدينه، وعمله وإخلاصه فى بناء وطنه، فدعونا نتلمس بعضاً من معالم تربيته لذلك الجيل.
إن من أعظم المبادئ التى غرسها الرسول الله فى نفوس أصحابه هو مبدأ المراقبة لله، اللهُ الذى يراه فى كل مكان، فالله رقابته تامة كاملة ورقابة الخلق قاصرة.
وكان يدرك النبى الكريم – عليه الصلاة والسلام- أنه لا يمكن لأمةٍ أن تنتصر وقلوب أتباعها متناحرة، ولا يمكن لدعوة أن تستمر، ولا لدولة أن تستقر وقلوب شعبها مختلفة.. ولذا فيوم أن بدأ دعوته فى المدينة كانت أول لبنة فى بناء المجتمع لبنة المؤاخاة بين أصحابه، والاصطفاف حتى ربط بينهم، فأصبح القرشى أخا الأنصاري، والأوسى أخا الدوسي، وإذا بالقوم الذين قامت بينهم بالأمس حروبٌ عشرات السنوات هم اليوم أخوةٌ متآلفون وفى الله متحابون.. والحق أن هذا الأمر من أروع واهم معالم تربية النبى -صلى الله عليه وسلم- لذلك الجيل المتفرد، وما أحوج الأمة اليوم إلى ارتسامه، فى وقتٍ الخلافات تلقى بظلالها بين البعض.. واتذكر فى تلك النقطة تحديدا كلام الرئيس السيسى والذى يكرره دائما «ماحدش يقدر علينا طول ما احنا إيد واحدة».
ومن معالم تربية المصطفى -صلى الله عليه وسلم- للجيل الفريد.. تربيتهم على التوازن فى أمورهم، وهو القائل لعبد الله بن عمرو وقد رآه يداوم على الصيام: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟»، فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ».
معالم مهمة ودرس نتعلمها من المعلم الاول محمد صلى الله عليه وسلم.. ومن حسن الطالع ان يتعانق تاريخ بدء مبادرة «بداية جديدة.. لبناء الانسان» مع احتفالنا بذكرى ميلاد خير البشر الذى بنى رجالاً كانوا خير الأمم.