> اى جهد يبذل لتعزيز العلاقات وزيادة التعاون بين مصر واى بلد اخر يلقى ترحيبا واهتماما كبيرين لانه يقدم اضافة لا شك فيها الى قدرات الوطن..وعندما يأتى هذا الجهد مع تركيا..فانه يشكل اضافة هامة.. لانهيأتى بعد فترة قطيعة سياسية بين البلدين..لم يكن لمصر دخل فيها..وهو ينقل تركيا الرسمية من خانة العداء لمصر الى خانة المتعاونين والمساندين لمصر..
> وقد مرت العلاقات الرسمية بين البلدين بعد ثورة 30 يونيو عام 2013 بفترة شديدة الصعوبة..تصاعدت حدتها وكانت هناك حكمة القيادة السياسية المصرية فى التعامل مع هذه الحالة والتعفف عن تناول ما يسيء إلى تركيا وكل ما حدث هو سحب السفراء بين البلدين والاكتفاء بالقائم بالأعمال.
> وعلى العكس من الجانب الرسمي..كان الجانب الشعبى على نقيض هذا الموقف..فالتبادل التجارى ظل مستمرا..والحركة السياحية ظلت متواصلة..بل يمكن ان نقول انها زادت الى حد كبير..
> وهكذا كان اسلوب مصر فى مواجهة القطيعة من الجانب التركى مقدرا حين غضت النظر عن المعاملة بالمثل..حتى ادركت تركيا الرسمية تحت ضغط شعبى وحزبى وبرلمانى ان استمرار العداء لمصر لا مبرر له.. وكان التحول التركى هو البادئ فى مد يد الصداقة مرة اخرى الى مصر..من خلال تصريحات متتالية وايجابية عن مصر من اعلى المستويات السياسية فى تركيا.. وكان هذا يواجه من مصر بالتحفظ..انتظارا لمواقف فعلية على الارض..وهو ما حدث بالفعل..
> ثم حان موعد لقاء الرئيسين وجها لوجه لاول مرة بعد هذه القطيعة والذى حدث على هامش افتتاح مباريات كأس العالم فى قطر بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى ورجب طيب اردوغان..ثم تبادل وزيرا خارجية البلدين اللقاءات فى مناسبات مختلفة لاذابة الجليد الذى امتد من تركيا الى مصر.. وكانت بداية اذابته ايضا من الجانب التركي..
> وتصاعدت الامور فى تحسنها حتى كان لابد من الزيارات الرئاسية الى البلدين جاء الرئيس اردوغان الى مصر فى زيارة رسمية فى 14 فبراير 2024 ثم حان موعد زيارة الرئيس السيسى الى تركيا لرد الزيارة من ناحية وعقد اول اجتماع لمجلس التعاون الاستراتيجى رفيع المستوى بين البلدين برئاسة الرئيسين..وقد سبق هذا بطبيعة الحال جهد كبير فى اعداد مسودات الاتفاقات المقترحة للتعاون بين البلدين ليتم توقيعها خلال اجتماع الرئيسين فى انقرة..
> وبالفعل تم توقيع 18 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين بحضور الرئيسين شملت كافة اوجه التعاون واكدت الرغبة المشتركة فى زيادة حجم التعاون فى الاقتصاد والاستثمار فى مختلف المجالات..وتوسيع شراكتهما فى كل المجالات الى المستوى الاستراتيجي..
> وبهذه الزيارة يكون الجليد قد ذاب تماما بين البلدين..وانقشعت ايضا السحب السوداء التى كانت تخيم وتفسد علاقاتهما..وعادت العلاقات بينهما الى طبيعتها..وبدأ عهد جديد بين البلدين قال الرئيس السيسى عنه : « يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون والتكامل واستنادا الى روابط الصداقة القوية والقيم المشتركة التى تربطهما ومبادئ الاحترام المتبادل والتفاهم المشترك والتعاون»..
> ولا شك ان ثقل البلدين كأهم ركيزتين فى موقعهما الاقليمى قد ظهر فى البيان المشترك الذى ضم 36 بندا اختتمت بأربعة بنود عن ادانة العدوان الاسرائيلى على الفلسطنيين فى غزة والضفة والمطالبة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلى واقامة دولة مستقلة لفلسطين..والحفاظ على حق العودة لكافة اللاجئين الفلسطينيين.. ودعوة الدول التى لم تعترف بعد بدولة فلسطين الى الاعتراف بها..كما اشار البيان المشترك الختامى الى الهموم المشتركة بين البلدين تجاه الاوضاع فى سوريا والعراق وليبيا والسودان و القرن الافريقي..ولابد ان نضيف الى هذا توقعات التعاون الاستراتيجى سياسيا وانعكاساته على المنطقة..
> ولابد هنا ان نشير الى اتفاق البلدين عن تطلعهما الى زيادة التجارة البينية بينهما لتصل الى 15 مليار دولار..بكل ما يعنيه هذا من تعزيز ودعم لاقتصاد البلدين..وزيادة فرص التبادل التجارى والاستثمار فى مختلف المجالات..
> يبقى سؤال عن علاقاتنا مع اليونان وقبرص..وهل تتأثر بتحسن علاقات مصر مع تركيا؟..وبطبيعة الحال لا يمكن ان يكون شئ من هذا مطلوبا..لان مصر لا تستعيد علاقاتها مع تركيا لكى تفسدها مع اليونان وقبرص..ربما قد يكون السؤال الادق هنا: هل تفيد علاقاتنا الطبيعية مع تركيا علاقاتنا مع اليونان وقبرص .. والجواب نعم فإن مصر هنا بحكم صداقتها للطرفين تستطيع الان ان تلعب دورا هاما فى مواجهة المشكلات التى تسود علاقات تركيا مع كل من اليونان وقبرص..
> ولعل هذا فى تقديرى ما دفع وزير الخارجية د. بدر عبد العاطى الى الاتصال بكل من وزيرى خارجية اليونان وقبرص ليؤكد على خصوصية علاقاتنا التاريخية مع البلدين الصديقين.. والحرص على متابعة مسارات التعاون المشتركة بين الدول الثلاث..وايضا الاعداد للقمة الثلاثية العاشرة لرؤساء البلدان الثلاث فى الفترة القادمة..ومصر دولة تحكمها المبادئ..وتتمسك بالصدق والمصداقية فى تعاملاتها مع كل دول العالم .