ونحن نحتفل بميلاد رسول الإنسانية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حرى بنا أن نستلهم دروس الحب فى مسيرته . فقد أحب وطنه وأحب جيرانه وأحب أولاده وأحب زوجاته دون تفرقه وأحب أصحابه . حبه صلى الله عليه وسلم امتد الى من ناصبوه العداء ووضعوا فى طريقه العراقيل والمتاريس . حبه صلى الله عليه وسلم لوطنه وقد تجسد فى موقفين الأول عندما نزل عليه الوحى وذهب الى زوجه خديجه بنت خويلد يومها ذهبت الى ورقه بن نوفل وهو ابن عمها وفى السير «فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي.
وكان امرء تنصر فى الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخا كبيرا قد فقد بصره فقالت له خديجة: يابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يابن أخى ماذا تري؟ فأخبره رسول الله «صلى الله عليه وسلم» خبر ما رأي، فقال له ورقة: هذا الناموس الذى أنزله الله على موسى ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله «ص»: أو مخرجى هم؟ قال: نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركنى يومك انصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفى وفتر الوحي» والثانى عندما عاد الى مكه ومعه عشرة آلاف من جند الله وكان بمقدوره أن ينتقم من هؤلاء الذين طردوه وأخرجوه ونكلوا به. ولكنه كان رحمة للعالمين محبا لهم ومازالت قولته اذهبوا فأنتم الطلقاء لاتثريب عليهم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين دستورا فى الرحمة والعفو والصفح والتعايش السلمي. حبه لجيرانه ويكفيه من دروس التربية والعطف على الجار عندما سأل زوجته هل أعطيتم لجارنا اليهودى من شاة ذبحها . ثم يرسخ للعلاقه التى يجب ان تكون بين الجيران فيقول فى حديثه الصحيح ومازال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه .وحبه لأولاده وأحفاده معلوم فقد كان يقبل الحسن والحسين وهما من كانا يلعبان على ظهره وهو يؤم الناس فى الصلاة فيقول له أحد الصحابة ان لى عشرة من الأبناء ماقبلت منهم أحدا فيقول له «من لا يرحم لا يرحم».
وحبه لزوجاته وعطفه عليهن وتقديرهن وملاطفتهن دون تفرقة فيقول عن خديجة عندما سئل عن حبه لها ولم لا أحبها وقد أوتنى عندما انصرف عنى الناس ووقفت الى جوارى بمالها عندما منعنى الناس وهى اعطتنى عندما حرمنى الناس. وحبه لأصحابه فقد تجسد من خلال مشواره الطويل والممتد فقد كان يوقر كبيرهم ويحترم صغيرهم ووضع قاعدة ليت الناس يقفون على فحواها «لا تبلغونى عن أصحابى شيئا أكرهه فانى احب ان أخرج اليكم وانا سليم الصدر» الحب فى حياته صلى الله عليه وسلم كان زادا له فى رحلته قبل الدعوة وبعدها وما أعظم ان يحمل الانسان فى قلبه حباً كحب محمد صلوات ربى وسلامه عليه ولو أن مجتمعات المسلمين رسخت لهذا الحب بمعناها الأشمل لعم السلام وانتشرت المودة. هذا الحب هو ماترجمته أعرابية عندما دخلت على السيدة عائشة رضى الله عنها وأرضاها فى حادثة الإفك وبكت معها دون أن تنطق بكلمة. تقول عائشة لا أنساها لها. الحب على قدر الاستطاعة والاحتضان لماذا لا يعودا كسلوك نبيل. وإلى متى هذا الإنسلاخ عن القيم النبيلة التى رسخ لها رسول الإنسانية. فى صدر الإسلام الأول كان الرجل يأكل التمرة فيتذوقها صاحبه. كانوا يشاركون بعضهم بعضا الآلام والآمال والأفراح. الحب قد يتحقق بكلمة طيبة قد تكون سبباً فى سعادة الأخرين «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً» الحب هو مراعاة المشاعر والتلطف فى الأفعال وتذكره بالعشرة الطيبة وألا يتألم أحد من كلماتك «وقولو للناس حسناً».