مازال الغرب، ومازالت دولة الاحتلال، يواصلون الكشف عن الوجه القبيح، لأقنعة حقوق الإنسان المزيفة، ومتاجرات الحرية والديمقراطية فى ظل التجاوزات السافرة، وضرب مبادئ القانون الدولى الإنساني، خاصة فى ظل العدوان الإسرائيلى وحرب الإبادة التى يشنها جيش الاحتلال على الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة والتى لم يسلم منها الأسرى والرهائن الإسرائيليون لدى المقاومة الفلسطينية، ويسعى نتنياهو للتخلص منهم وتعمد قصفهم، للتخلص من الصداع الذى يدق رأسه، فى ظل المظاهرات والاحتجاجات المتصاعدة فى المجتمع الإسرائيلى ليضمن استمراره السياسى كرئيس للوزراء ليتجنب المصير المجهول من حساب ومحاكمات جراء الفشل والفساد.
وقائع وأحداث كثيرة جرت على مدار 11 شهراً، أسقطت أقنعة الغرب وإسرائيل فى التشدق بحقوق الإنسان، والحرية، سواء فى حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والتى تجاوزت 14 ألف شهيد أكثرهم من الأطفال والنساء. وجميعهم من المدنيين الأبرياء ناهيك عن التدمير الشامل لكافة مظاهر الحياة فى قطاع غزة والضفة، لم يسلم منها الحجر والبشر، حتى باتت غزة مجرد أطلال وأشلاء، وضرب المستشفيات والمدارس وقتل الأطباء والممرضين، والطواقم الطبية وقصف 871 مركز إيواء منذ بدء العدوان الصهيونى يضم النازحين من المدنيين الأبرياء، والأسر من الأطفال والنساء الذين يقيمون فى المدارس وغيرها من المنشآت، وبناء على تعليمات جيش الاحتلال فى معظم الأحوال.. إلا أنه يستهدفهم بالقصف والقتل المتعمد فى جريمة يندى لها جبين الإنسانية، ورغم ذلك تحظى إسرائيل بالدعم الكامل الأمريكى والمطلق عسكرياً ومادياً وتسليحاً، وسياسياً ودبلوماسياً بل جاءت بجيوشها لحماية إسرائيل.
أتحدث عنها عن سلسلة وقائع جديدة تضرب بقوة فى بيت «العنكبوت»، الغربى والصهيونى للمتاجرة بالإنسانية وحقوق الإنسان والحرية فمن العجيب، أن يزعم نتنياهو أن جيش الاحتلال هو الأكثر أخلاقية بين جيوش العالم، وهو يمعن القتل فى الأطفال والنساء حتى صنفته الأمم المتحدة بأنه الجيش القاتل للأطفال، فما حدث من استهداف الناشطة الأمريكية تركية الأصل «عائشة» التى جاءت الأراضى الفلسطينية للتضامن مع المزارعين الفلسطينيين ضد الجرائم الصهيونية برصاص قناص إسرائيلي، رغم أنها لم تفعل أى شيء سوى التضامن والموقف الأمريكى جاء متناقضاً ومخيباً للآمال، فعندما عثر على ٦ جثث من الأسرى والرهائن كانوا محتجزين لدى المقاومة الفلسطينية واغتالهم القصف الإسرائيلى بينهم أمريكى خرجت الإدارة الأمريكية تتوعد وتهدد المقاومة، دون أن تكلف نفسها معرفة التفاصيل أو الحقائق، أو التحقيقات أو معرفة من قتل الأسير، والعكس فى موقفها تجاه القتل المتعمد من إسرائيل للناشطة والمواطنة الأمريكية، والذى اقتصر فقط على تصريحات مضمونها انتظار التحقيقات أو المطالبة بها رغم أن الحقيقة واضحة وأعلن عنها أنها تعرضت للقتل بشكل متعمد برصاص جيش الاحتلال الصهيوني، والسؤال هل يتسق ذلك مع حقوق الإنسان والحرية، وماذا لو كان القتل على يد أخرى غير إسرائيل ولماذا تصمت واشنطن على جرائم وحرب الإبادة الصهيونية أليس هذا تواطؤاً؟.
الواقعة الثانية، تتعلق بالممرضة الفرنسية إيمان معرفى التى ذهبت إلى قطاع غزة متطوعة بالعمل فى المستشفى الأوروبى بخان يونس، لمدة أسبوعين وإثر عودتها إلى باريس استدعاها البرلمان الفرنسى لسماع شهاداتها وأقوالها، عن الكوارث الإنسانية التى يتعرض لها الشعب الفلسطينى والمأساة والمعاناة الصحية رغم سقوط آلاف الشهداء معظمهم من الأطفال، وأيضاً آلاف المصابين دون وجود أى تجهيزات أو إمكانيات صحية، قالت روايتها بصدق، وبحق، ولكن فوجئت أن السلطات الفرنسية تقرر اعتقالها فى موقف وإجراء غريب يعصف بكل المتاجرات والشعارات الخاصة بالإنسانية وحقوق الإنسان والحرية، وحرية الرأى والتعبير رغم أن البرلمان هو من طلبها وهو ما يؤكد أن الغرب داعم على بياض وبدون خطوط حمراء لدولة الكيان الصهيونى مهما ارتكب من جرائم وحرب إبادة لذلك فإن من كانوا يدافعون ويتشدقون بديمقراطية وحرية وحقوق الإنسان على الطريقة الغربية. عليهم أن يراجعوا أنفسهم فى ظل ما يحدث من انتهاك سافر لجميع المبادئ والقوانين الإنسانية وسقوط لأقنعة الحرية، الغربية.
أكثر من 071 صحفياً اغتالتهم قوات الاحتلال الإسرائيلى باستهداف مباشر ومتعمد، من أجل اغتيال الحقيقة، والصورة الكاملة وكشف جرائم وحرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، لأن دولة الاحتلال تكره الحقيقة، وتدمن الكذب وتزييف الحقائق.
الغريب أن الغرب المتشدق بالحرية ويفاخر بالنموذج الديمقراطى والإنسانى اتضح أنه رسم صورة مخادعة ومضللة لكافة الشعوب، حتى حرية شعوبه لا يحترمها، ولعل ممارساته وسياساته فى دول العالم الثالث والفقيرة فى نهب ثرواتها، وتفقيرها وقهر شعوبها، وهو ما انتبهت إليه الشعوب مؤخراً، ولم تعد أباطيل الغرب تنطلى على الهائمين حباً وعشقاً فى النموذج الغربى فى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، بل باتت شعوب الدول التى سقطت بسبب هذا الخداع تلعن نفسها، وتلعن دول الغرب.
ما بين عائشة نور الناشطة الأمريكية التى قتلت عمداً برصاص جيش الاحتلال، وإيمان الفرنسية التى اعتقلت لمجرد أنها نقلت حقيقة ما يدور فى الأراضى الفلسطينية من حرب إبادة، تهوى وتسقط بيوت العنكبوت الغربية للتشدق بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وقبل كل ذلك الدعم الأمريكى والغربى لإبادة الشعب الفلسطينى وابتلاع حقوقه، لذلك فالغرب متعدد الأوجه، يصرح بأنه مع الدولة الفلسطينية المستقلة، والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفى نفس الوقت يتلاعب ويماطل ويستغل الوقت لإفشال جهود إيقاف العدوان الإسرائيلي، ويدعم بكل ما يملك جيش الاحتلال فى القتل والإبادة والضرب بالقوانين الدولية والإنسانية عرض الحائط، على مدار 11 شهراً كاملة دون أى رغبة صادقة، أو إرادة حقيقية، وقوية، لإيقاف المجازر والمذابح التى ترتكب ضد الفلسطينيين والتجويع والحصار، والتشريد، والتهجير تحت سمع وبصر أمريكا والغرب، والمجتمع الدولي.
وجه الغرب لم يتغير، ولا تغريك الابتسامات والمتاجرات، نفس سياسات الماضي، وحملات الاستعمار وقهر الشعوب واغتصاب حقوقها يعيدون إنتاجها ولكن بأساليب جديدة وبخداع منقطع النظير، لذلك على الشعوب المخدوعة، ودعاة الحرية الغربية أن يتوقفوا، ويعتذروا، ويقروا أنهم تعرضوا لأكبر عملية خداع.
جيش الاحتلال يمارس حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، ويقصف مراكز الإيواء التى تعج بالأطفال والرضع والنساء والمدنيين، ويبرر ذلك بوجود مسلحين، لنفترض أن مزاعم وأكاذيب الكيان صحيحة، فهل ذلك يبرر قتل المدنيين، لقد فقدت إسرائيل وداعموها كل معانى ودرجات الأخلاقية والإنسانية، وسقطت ورقة التوت عن وجه الديمقراطية والحرية والإنسانية المزعوم فى معاقل القهر، والبربرية.