استقبال الرئيس السيسى أمس للرئيس التركى أردوغان فى زيارته التاريخية التى تأتى لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات.. يجسد نجاحاً كبيراً للدبلوماسية الرئاسية التى رسخت رؤية عبقرية تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.. فالقاهرة ليس بينها وبين أى دولة خلاف أو صراع طالما ان هناك علاقات طبيعية ترتكز على الاحترام والتعاون.. كما ان عودة العلاقات بين البلدين تعزز من فرص التعاون والشراكة فى الكثير من المجالات.. بما لديهما من قدرات وفرص هائلة.. كما أنها إضافة قوية لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة.. وحل عدد من الأزمات فى بعض دولها بما يرسخ ان المنطقة أولى بحل خلافات وأزمات دولها.. لذلك نحن أمام زيارة وحدث تاريخى سيتم البناء عليه فى تحقيق إنجازات ومكاسب على كافة الأصعدة.
«مصر- السيسى» لديها إطار واضح ومحدد وشريف لعلاقاتها الخارجية والدولية.. ثابتة لا تتغير على الإطلاق هى علاقات طبيعية بين أى دولة وأخرى تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح والتعاون المشترك بما يحقق تطلعات الشعوب.. واستغلال متبادل للموارد وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول واحترام إرادة الشعوب وسيادة الدول ولم تخرج مصر يوماً عن هذا الإطار الواضح والثابت.. ولم يصدر من قيادتها السياسية أى إساءة لأى دولة على الإطلاق.. بل نحن أمام قيادة تتمسك بأعلى درجات الاحترام وأخلاقيات رفيعة فى سياسة التعامل مع دول العالم.
زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لمصر هى زيارة تاريخية بمعنى الكلمة وهى أول زيارة له منذ أكثر من 10 سنوات تجسد نجاحاً عظيماً للدبلوماسية الرئاسية المصرية.. التى لم تغير من مبادئها وثوابتها والحقيقة ان استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى بالأمس للرئيس أردوغان يشير إلى عودة العلاقات «المصرية- التركية» وفتح صفحة جديدة من العلاقات التاريخية بين البلدين.. ورغم ما جرى على مدار السنوات الماضية إلا أن العلاقات بين البلدين فى العديد من المجالات لم تنقطع ولم تتأثر بل تنامت.. وتطورت خاصة على الصعيدين الاقتصادى والتجارى حيث ارتفع معدل التبادل التجارى وظلت الاستثمارات على وتيرة متزايدة والأهم أنها لم تتأثر على مستوى علاقات الشعبين اللذين يجمع بينهما إرث كبير من العلاقات والأواصر المختلفة.
فى ظنى ان عودة العلاقات «المصرية – التركية» إلى سيرتها الأولى وإلى مستوى الشراكة الإستراتيجية فى التعاون يدفع بمستوى العلاقات الثنائية فى كافة المجالات إلى آفاق أكثر رحابة خاصة فى المجالات الاقتصادية والتجارية والسياحية.. ومجال الصناعات الدفاعية والعسكرية فى ظل قدرات الدولتين الهائلتين فهما ركيزتان أساسيتان وقوتان فى المنطقة والشرق الأوسط ولديهما فرص عظيمة وهائلة لتطوير التعاون خاصة فى ظل ترسيخ علاقات البلدين على أساس التعاون المشترك وتبادل المصالح واستثمار القدرات المشتركة لدفع النمو الاقتصادى فى البلدين والتبادل التجارى الذى تطمح الدولتان فى وصوله إلى 15 مليار دولار فى السنوات القليلة القادمة.
الحديث الذى سبق القمة «المصرية – التركية» عن وجود استثمارات جديدة بين البلدين ومجالات للتعاون سواء فى مجال السياحة والتبادل التجارى والتصنيع المشترك ورغبة تركيا فى إقامة منطقة صناعية فى مصر وأيضاً التعاون فى مجال الطاقة بالإضافة إلى فتح مجالات جديدة للتعاون يعطى زخماً كبيراً للعلاقات بين البلدين.
لا شك ان عودة العلاقات «المصرية- التركية» إنجاز كبير للدولتين المحوريتين فى الشرق الأوسط.. وأيضاً لها انعكاسات ايجابية على أمن واستقرار وسلام المنطقة.. بما بات لديهما من قناعات عن حتمية التعاون والشراكة فى إطار الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بما يعزز فرص التنمية والنمو الاقتصادى فى البلدين فى ظل قدرتهما الهائلة وفى ظل ما خلقته ملحمة البناء والتنمية فى مصر من فرص غزيرة وعظيمة يمكن استثمارها.
أيضاً لا شك ان عودة العلاقات «المصرية – التركية» تعزز من فرص الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة.. وتفك شفرة الأزمات فى بعض دول المنطقة خاصة فى ظل تقارب الرؤى ووجهات النظر بين مصر وتركيا حول العديد من الملفات والقضايا الإقليمية والأزمات فى الشرق الأوسط.
صفحة جديدة هى العنوان الأنسب الذى وضعه الرئيس السيسى للعلاقات «المصرية – التركية» لكنها فى ذات الوقت تمثل انطلاقة حقيقية على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى.. وخطوة مهمة على طريق تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.. خاصة ان القاهرة وأنقرة لديهما رصيد وإرث حضارى وثقافى زاخر ومشترك وعلاقات تاريخية على المستويين الرسمى والشعبى.
جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال المؤتمر الصحفى مع الرئيس التركى أردوغان عقب مباحثات القمة بينهما لتعبر عن عودة العلاقات «المصرية – التركية» وما تحمله من آفاق واعدة للتعاون الثنائى فى مجالات كثيرة تحقق أهداف وتطلعات البلدين على مستوى التبادل التجارى والصادرات والاستثمارات والسياحة والتصنيع المشترك بالإضافة إلى التنسيق والتشاور المتبادل فيما يتعلق بالعديد من القضايا وملفات وأزمات المنطقة والاستفادة من موقع الدولتين بما لهما من ثقل إقليمى ودولى وبما يدعم مساعى الأمن والاستقرار والسلام ويدعم أيضاً جهود الازدهار والرفاهية ولديهما أيضاً تحديات مشتركة سواء اقتصادية واجتماعية أو فيما يتعلق بالإرهاب وأيضاً تحديات تفرضها الاضطرابات الإقليمية المتنامية والمتصاعدة.
الحقيقة ان هناك تحديات مشتركة بين مصر وتركيا وأهداف واحدة.. لذلك فإن عودة العلاقات بين البلدين تدفع مسارات الأمن والاستقرار والسلام ولديهما نفس الرؤى والمواقف فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلى الوحشى على قطاع غزة.. وحرب الإبادة والحصار والتجويع التى يشنها جيش الاحتلال وتسعى مصر إلى التهدئة ووقف إطلاق النار وإنقاذ الأشقاء الفلسطينيين وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع فى ظل الكارثة الإنسانية التى يتعرضون لها.. وأيضاً لدى مصر مبادئ وثوابت حيال ما يحدث برفض قاطع وحاسم لتصفية القضية الفلسطينية أو التهجير القسرى لسكان غزة أو التوطين على حساب الأراضى المصرية وأمنها القومى.. ومصر تبذل جهوداً متواصلة من أجل إنفاذ المساعدات لغزة رغم ممارسات إسرائيل من تضييق وتأخير على هذه المساعدات ويتسبب فى دخول شاحنات المساعدات بوتيرة بطيئة.
الرئيس التركى أردوغان قدم الشكر لمصر على جهودها فى دعم القضية الفلسطينية ورفض التهجير القسرى لسكان غزة.. وإدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وهناك توافق «مصرى – تركى» على ضرورة وقف إطلاق النار فى القطاع وبشكل فورى وتحقيق التهدئة بالضفة الغربية لتهيئة الظروف لاستئناف عملية السلام فى أقرب فرصة وصولاً إلى حل الدولتين وإعلان الدولة الفلسطينية ذات السيادة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.. والحقيقة ان هذا التوافق «المصرى – التركى» وهما قوتان إقليميتان لا يستهان بهما ذاتا تأثير دولى واسع وكبير على كافة الأصعدة يدعم جهود الحل والتهدئة ووقف إطلاق النار.
يقيناً ان عودة العلاقات «المصرية – التركية» ستكون لها انعكاساتها الإيجابية على ملف الأزمة الليبية حيث أكد الرئيس السيسى على ضرورة تعزيز التشاور بين البلدين حول هذا الملف.. بما يساعد على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتوحيد المؤسسة العسكرية فى ليبيا بما يرسخ مبدأ مهماً للغاية ان دول المنطقة هى الأقدر والأجدر على فهم تعقيداتها وسبل تسوية الخلافات والأزمات بها.
عودة العلاقات «المصرية – التركية» مكسب كبير للبلدين الكبيرين وأيضاً خطوة أساسية ومهمة لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية الكثير من الأزمات.. وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى فى كلمته مرحباً بالتهدئة الحالية فى منطقة شرق المتوسط وأهمية البناء عليها وصولاً إلى تسوية الخلافات القائمة بين الدول المتشاطئة بالمنطقة.. حتى يمكن للجميع التعاون لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد الطبيعية المتاحة.. وهو ترسيخ وانتصار للرؤية والسياسة المصرية التى دائماً تدعو إلى الحوار والتفاوض من أجل الوصول إلى تقريب وجهات النظر والحل بما يحقق الاستفادة للجميع وعدم إهدار الوقت فى خلافات ونزاعات.. بما يشير إلى أهمية إعلاء قيمة العقل والحوار.. هذا النهج المصرى الذى أثبت جدواه.. والحقيقة ان عودة العلاقات «المصرية – التركية» وبقوة تعود بالدرجة الأولى إلى الإعلاء من قيمة الحوار والذى أفضى فى النهاية إلى وجود تقارب وتوافق فى وجهات النظر وبالتالى تعزيز التعاون وتعظيم المكاسب والمصالح التى تحققت للدولتين والشعبين.
عودة العلاقات بين القاهرة وأنقرة انتصار حقيقى للمبادئ والقيم والرؤية المصرية.. فالدولة المصرية ليس لديها أدنى خلاف مع أى دولة أخرى طالما ان هناك علاقات طبيعية تقوم وترتكز على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة وتعظيم التعاون للوصول به إلى آفاق أكثر رحابة وأيضاً فإن هناك آمالاً عريضة على عودة هذه العلاقات لحلحلة الأزمات فى ليبيا والصومال والسودان وأيضاً شرق المتوسط.. والقضية الفلسطينية فى ظل التوافق والتفاهم وتقارب الرؤى ووجهات النظر بين مصر وتركيا وهو ما سينعكس على قوة العلاقات الثنائية بين البلدين بما يعزز الفرص والمصالح المشتركة فى جميع المجالات.
هناك محور آخر تطرق إليه الرئيس السيسى فى كلمته وهو الاهتمام المشترك بين مصر وتركيا بالتعاون فى القارة الأفريقية والعمل على دعم مساعيها للتنمية وتحقيق الاستقرار والازدهار.. لذلك من المهم والضرورى ان ننظر إلى ثلة الأهداف والمكاسب والانعكاسات الايجابية لعودة العلاقات «المصرية- التركية» التى تستند إلى ركائز مهمة أبرزها الاحترام المتبادل وتطوير التعاون وتحقيق المصالح المشتركة وأيضاً يدعم ويرسخ قدرة المنطقة على حل أزماتها وخلافاتها لأنها الأكثر دراية وإلماماً بتعقيداتها.
الرئيس السيسى أعلن عن تطلعه لتلبية دعوة الرئيس أردوغان لزيارة تركيا أبريل المقبل.. لمواصلة العمل على رفع علاقات البلدين فى شتى المجالات بما يتناسب مع تاريخهما وإرثهما الحضارى وسوف يعود خلال هذه الزيارة أول مجلس للتعاون الإستراتيجى بين البلدين.. لذلك أقول إن القادم لمصر وتركيا أفضل فى ظل وجود النوايا الصادقة والإرادة السياسية القوية والرؤية الشاملة لتطوير العلاقات بين البلدين وكيفية الاستفادة منها لتحقيق صالحهما وتلبية تطلعات الشعبين.
رؤية «مصر- السيسى» نجحت وباقتدار وامتياز.. فالحكمة والصدق والاحترام والتمسك بالقيم والمبادئ والشرف وعدم الإساءة لأحد درس يتعلمه الجميع من مدرسة الرئيس السيسى السياسية.
تحيا مصر