العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة يقترب من إكمال عامه الأول، دون أن تنجح الولايات المتحدة فى إجبار أو إقناع نتنياهو بإيقاف آلة القتل والإبادة وتبادل الأسرى والرهائن وإنقاذ المنطقة من مصير مجهول يتجه بها إلى حرب إقليمية شاملة، ولم يتوقف الدعم الأمريكى لإسرائيل منذ بدء العدوان سواء بالسلاح والذخائر والمال والسياسة والدبلوماسية بل جاءت بأساطيلها وبوارجها وحاملات الطائرات والمقاتلات الشبحية والصواريخ والغواصات والمدمرات، ومضاعفة أعداد قواتها فى الشرق الأوسط من أجل حماية الكيان الصهيوني.
واشنطن دخلت طرفاً أصيلاً فى العديد من الوساطات والمفاوضات من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلى دون جدوى أو تأثير أو فاعلية حتى إن المقترح الذى قدمه الرئيس جو بايدن نجح نتنياهو فى إفساده وإجهاضه وتعرض للتحريف الإسرائيلي، والمماطلة وفرض مطالب جديدة، ورغم ذلك تكيل أمريكا الاتهامات للجانب الفلسطيني.
أمريكا التى تركز جل جهودها فى إفساد أى محاولة لإنفاذ قرار أممى أو فى مجلس الأمن يدين إسرائيل أو حتى يوقف الحرب ومارست الضغوط على محكمة العدل الدولية، والجنائية الدولية لاتخاذ قرارات ضد الكيان أو توقيف رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف، ووصل الأمر إلى استقبال نتنياهو فى الكونجرس والسماح له بإلقاء كلمة مليئة وحافلة بالأكاذيب، وانتهت بتصفيق حاد من جموع الأعضاء فى الكونجرس الأمريكى فيما يشبه التفويض والمباركة لجرائم إسرائيل ضد الإنسانية، وتأييداً لمجرم الحرب نتنياهو.. وجل ما تقوله واشنطن أنها تطالب نتنياهو بالحذر وعدم استهداف المدنيين، والإمعان فى قتل الأطفال والنساء، ورغم ذلك فإن مجرم الحرب وجيش قتل الأطفال والنساء يزيد من جرائمه، ويوسع عملياته الإجرامية ليحصد أرواح المزيد من المدنيين والأطفال والنساء، ولأننا أمام تفويض أمريكى مطلق لإسرائيل لمواصلة حرب الإبادة.
لا تندهش، إن واشنطن تحشد ترسانتها العسكرية بأسلحتها الفتاكة لتضرب وتدمر وتؤدب كل من يجرؤ على مهاجمة إسرائيل، لذلك ليس غريباً أن تهاجم إيران واليمن وتقتل، وتدمر منشآت يمنية بالتعاون مع الحليف البريطانى صاحب توكيل إنشاء الكيان السرطانى فى المنطقة المسمى بإسرائيل.
السؤال الذى يطرح نفسه هل حصلت إسرائيل ونتنياهو وحكومته المتطرفة على تفويض أمريكى كامل قبل هذا الإجرام، وحرب الإبادة، والبلطجة، والسعى إلى توسيع نطاق الحرب، وتهديد المنطقة بحرب إقليمية شاملة وهل هى حرب بالوكالة تخوضها إسرائيل لصالح واشنطن، ولتحقيق مصالح الكيان وقوى أخرى فى الإقليم، هل ما يجرى هو فخاخ جديدة لاصطياد قوى كبرى فى المنطقة واستدراجها، واستنزافها بعد أن نجحت هذه القوة الإقليمية فى إجهاض المؤامرة الشيطانية وتعطيل المخطط الخبيث لإعادة تقسيم المنطقة، وأفشلت مخطط خبيث لوأد وتصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين، ومحاولات فاشلة لتوطينهم فى سيناء على حساب الأمن القومى المصري، وهو ما رفضته مصر بحسم وبرسائل قاطعة، وكانت هناك وساطات غربية، لمحاولة تمرير المخطط الصهيونى وممارسة الضغوط على مصر من أجل أن تقبل ذلك لكن دون جدوي، فحدود مصر، وأرضها مقدسة، وخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها، ومهما كانت الضغوط والإغراءات، وتبرز واشنطن داعمة ومؤيدة للأهداف الصهيونية ومستعدة لتقديم الغالى والنفيس.
الدعم الأمريكى لإسرائيل ليس أمراً جديداً، فلا ننسى الدعم الأمريكى المطلق، والجسر الجوى المتواصل لتل أبيب خلال حرب أكتوبر 3791، ورغم ذلك لم تفلح فى إنقاذ الكيان الذى منى بهزيمة ساحقة، وكسر غطرسته وغروره وقطع اليد الطولي.. وهنا أتحدث عن الدعم والموقف الأمريكى والتفويض المطلق لإسرائيل منذ بدء العدوان على قطاع غزة، والبدء فى تنفيذ المخطط الذى أحبطته مصر سواء فى تصفية القضية الفلسطينية أو تهجير الفلسطينيين أو مجرد الاقتراب من سيناء.. باعتبارها كانت ومازالت هى الهدف سواء من الهجمة الإرهابية، ثم التجرؤ بمطالبة مصر بذلك وهو ما رفضه الرئيس والقائد العظيم عبدالفتاح السيسي، وأعلنها مدوية سيناء ياتكون وتبقى مصرية، أو نموت على أرضها ثم وصلنا إلى مرحلة العدوان على قطاع غزة وأهدافه غير المعلنة لكنها واضحة وهى توطين الفلسطينيين فى سيناء بديلاً لغزة، وبالتالى المساس بالأمن القومى المصرى وهو ما تصدت له مصر.
أمريكا تكشف رويداً رويداً عن دعمها المطلق وتفويضها الكامل لإسرائيل للاستمرار فى حرب الإبادة واستفزاز القوى الكبرى فى المنطقة، وهناك تمثيلية رديئة تديرها الإدارة الأمريكية بالمشاركة مع نتنياهو.. فواشنطن الآن ورغم قتل إسرائيل لمواطنة أمريكية وهى ناشطة ومؤيدة ومدافعة عن الفلسطينيين، وجل ما قالته لإسرائيل أنها تريد توضيحاً لما حدث للمواطنة الأمريكية، فى حين عندما عثر على جثة مواطن أمريكى ضمن ٦ جثث كانت لدى المقاومة وتعرضت للقتل بسبب القصف الإسرائيلى المتواصل، جن جنون الإدارة الأمريكية وتوعدت المقاومة الفلسطينية، رغم أن إسرائيل هى القاتل الرسمى والجانى الحقيقى فى جريمة قتل الرهائن الإسرائيليين.
أمريكا تفضح نفسها، وتقر دون إعلان رسمي، بتفويضها إسرائيل فى القتل والإبادة، لتقول واشنطن إن حماس وإسرائيل لا يريدان إبرام صفقة تبادل الأسرى والرهائن، ثم تقول إنها تنظر إلى صفقة أحادية مع حماس للإفراج عن الرهائن الأمريكيين لدى حماس، وتلقى المسئولية على تعنت نتنياهو وحماس، دون جدية أو رغبة حقيقية أو ممارسة الضغوط على تل أبيب لإنجاز الاتفاق حتى الذى اقترحه بايدن رفضته إسرائيل وحكومتها المتطرفة وتكتفى بالفرجة على محاولات نتنياهو الناجحة، وألاعيبه فى إجهاض كافة المساعى والوساطات لوقف العدوان وتبادل الأسري، والأسباب معروفة، قوة نتنياهو لم تأت من فراغ وأن تعنته ليس صدفة، وبلطجته، ليست ثقة فى النفس وشجاعة، ولكنها نتاج طبيعى للتفويض الأمريكى كما يراه بعض الخبراء ولذلك فإن الإدارة الأمريكية، لا تريد أن يغضب نتنياهو، أو إسرائيل فالمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس مع تل أبيب قلباً وقالباً، والمرشح الجمهورى دونالد ترامب داعم بلا حدود لأوهام الكيان الصهيونى ويعد بزيادة مساحته وردع وتأديب خصومه.
الولايات المتحدة، التى تطبطب على نتنياهو تريد الانسلاخ من التفاوض لتترك نتنياهو يواصل إجرامه، وتترك نقاطاً خطيرة للمجهول، مثل «محور صلاح الدين» ومعبر رفح ومحور نتساريم وهو ما قد يشعل المنطقة ويدخلها فى الحرب الشاملة، وساعتها لن تترك إسرائيل، لذلك أعيد طرح السؤال هل حصلت إسرائيل على تفويض أمريكى مطلق، وهل منحت واشنطن تل أبيب الضوء الأخضر وأن ما يحدث مجرد تمثيلية هزلية، الأحداث تقول ذلك.
تحيا مصر