غطرسة نتنياهو وتصريحاته الاستفزازية الأخيرة ورفضه توقيع أى إتفاق لوقف النار فى غزة وتبادل الرهائن والأسرى رغم رفض الشارع الإسرائيلى لتصرفاته السبب فيه ليس فقط ضمان استمراره فى السلطة حتى لا يدخل السجن كما هو معلوم وإنما هناك سبب آخر يجعله يتمسك بموقفه المتشدد ويدفع المنطقة إلى التصعيد ألا وهو الانتخابات الأمريكية والرهان على فوز المرشح الجمهورى دونالد ترامب الذى يراه الأنسب لدعم إسرائيل ومساندتها فى المرحلة الحالية ولم لا وترامب هو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى أعلن فى ديسمبر عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووافق على نقل سفارة بلاده إلى القدس لتأكيد هذا الاعتراف فى خطوة لم يجرؤ رئيس أمريكى آخر على القيام بها.. كما أن ترامب هو الرئيس الأمريكى الوحيد أيضاً الذى وقع قراراً فى مارس 2019 يعترف فيه بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
نعم.. نتنياهو يراهن على فوز ترامب ويدعمه ولعل هذا مايفسر إصراره على إحراج الرئيس الأمريكى جو بايدن وعرقلته لاتفاق الفرصة الأخيرة الذى وضعه بايدن نهاية مايو الماضى ووافق عليه مجلس الأمن فكلما اقتربت المفاوضات من التوصل لاتفاق وضع نتنياهو شروطا جديدة لنسفه من الأساس لأنه يدرك أن أى اتفاق لوقف النار إن تم سيصب فى النهاية لمصلحة كامالا هاريس وهو ما لا يريده حتى لا يؤثر ذلك على فرص فوز مرشحه المفضل ترامب ومن أجل عدم التوصل لاتفاق يلجأ نتنياهو إلى سياسة التصعيد ووضع الشروط التعجيزية ومنها إصراره على بقاء جيش الاحتلال فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» وهو مارفضته مصر جملة وتفصيلاً واعتبرت تلك التصريحات «تزيد من تأزيم الموقف وتؤدى إلى مزيد من التصعيد فى المنطقة».
فى رسالة دعم غير مباشر لمرشحه ترامب انتقد نتنياهو فى مؤتمره الصحفى ليلة الإثنين الماضى الرئيس الأمريكى جو بايدن الذى كان قد صرح قبل ذلك بساعات قليلة بأن «التوصل لاتفاق نهائى بشأن تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل بات قريباً جداً لكن نتنياهو لايفعل مايكفي» ورد نتنياهو بالقول إنه «لم يسمع بايدن لكنه سمع جيداً عدداً كبيراً من المسئولين الأمريكيين الذين أشادوا به على ما أبداه من مواقف إيجابية فى المفاوضات» ولا أدرى ماهى المواقف الإيجابية التى يقصدها نتنياهو والتى تندرج فقط ضمن أكاذيبه لإفشال المفاوضات واجهاض اتفاق بايدن.
إذن.. علينا من الآن أن نتوقع قيام نتنياهو بتصعيد الحرب فى غزة والضفة الغربية حتى موعد الانتخابات الأمريكية لجعل هاريس منافسة ترامب فى موقف ضعيف ولكن إذا كان نتنياهو يريد حقا تأجيل مصير حربه فى غزة لحين فوز ترامب حسب ما يخطط لذلك فعليه أن يدرك من الآن أن رفض مصر القاطع لاحتلال محور صلاح الدين «فيلادلفيا» لن يتأثر أو يتغير سواء فاز ترامب أو هاريس وعليه أن يستوعب مغزى قيام الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب قواتنا المسلحة الخميس الماضى بتفقد قواتنا المكلفة بتأمين معبر رفح وحدودنا مع غزة وتأكيده على أن «رجال القوات المسلحة قادرون على الدفاع عن حدود الوطن جيلا بعد جيل».. نعم جيش مصر «مبيهزرش».