بدأت الرحلة بدخول غرفة مظلمة ظلام دامس لا أستطيع أن أرى أي شيء ولا تحديد أي معلم أو لون، تستشعر حينها أنك فقدت نعمة عظمي، وهي نعمة البصر، هذا الشعور لا يمكن أن تصفه أي كلمة فنعمة البصر، تلك النعمة الإلهية العظيمة التي منّ بها على عباده، جوهرة مكنونة لا يعرف كنهها إلا من فقدها، ولا يعرف قيمتها إلا من حرم الاستفادة منها، فيكون الفاقد لها قد ابتلي ببلاء كبير وهول عظيم لا يعرف مقداره إلا من اضاعه ويئس من رجوعه.
ولكن مشروع «بصيرة»، بالتعاون مع معرض «حوار في الظلام»، أحد مشروعات جمعية النور والأمل، أخذنا في تجربة إنسانية رائعة، حيث نتبادل الأدوار، فيصبح المبصر كفيف ويصبح الكفيف هو القائد والمرشد، هذه التجربة غيرت كثير من المفاهيم وجعلتني استشعر نعم الله الكثيرة التي من بها على، وأن الحياة تستمر فما علينا إلا الحمد والصبر ومواصلة الحياة مع نعم الله التي لاتُعد ولا تُحصي.
وتحت شعار «اكتشف بحواسك ما لا تدركه عيناك»، بدأت الرحلة مع أُناس، حٌرموا نعمة البصر ونور العين، لكنهم لم يحُرموا البصيرة، ونور القلب، وذكاء العقل، وفصاحة اللسان.
تُعد تجربة «حوار في الظلام»، واحدة من أكثر التجارب إثارة في العالم حيث يحصل الزائر على فرصة لإعادة اكتشاف بيئات مختلفة بالاعتماد على حواس اللمس والتذوق والشم والصوت بدلاً من حاسة البصر في الغرف المظلمة المصممة خصيصاً لذلك، بمساعدة العصا البيضاء وبتوجيه من مرشد كفيف «فاقد للبصر»، يحصل الزائر على فرصة لاستكشاف ما لا يمكن رؤيته، وتعلم الرؤية في الظلام التام.
تتيح لك التجربة الفرصة للاستمتاع والخروج من منطقة الراحة الخاصة بك إلى عالم خالٍ من الصور فى تجربة مميزة وفريدة من نوعها، وهي اختبار العالم بدون بصر لمدة ٦٠ دقيقة!
تهدف الرحلة إلى زيادة الوعي بأهمية التنوع والمساواة، وخلق بيئة شاملة لمن يعرفوا بـ«القادرين باختلاف»، تتيح لك التجربة الفرصة للتغلب على التعاطف الزائف والتحيزات والصور النمطية، في الظلام يحل الاهتمام محل الجهل، ويتحول عدم الفهم إلى تعاطف إيجابي.