يكتب الروائى والقاص حسين عبدالرحيم، بلغة حادة مشدودة، تضفى حالة من الغموض
والشجن على كتابته، الكتابة التى تبدو حفرا عميقا فى الماضي، فى مناطق غائمة فى لا وعى شخصياته، نبش فى حكاياتهم وتاريخهم بحثا ورغبة فى الوصول للمصير، لنقطة نور وتحرر.. صدر له حديثا مجموعته القصصية «يجرى فى ملابسه كالضليل»
> من يتابع كتابتك يرى أنها حكاية واحدة ممتدة هل تقصد ذلك؟
لديّ فكرة راسخة «لا تكتب إلا عما تعرفه» وأنا لديّ تجربة حياتية واسعة وخبرات عملية كثيرة، بسبب عملى فى مهن كثيرة للتحايل على الحياة، لأخوض قدرى كاملا.
لا أعرف الآن بعد كل هذه الرحلة التى قطعتها فى الكتابة والحياة، هل هذا هو الطريق الذى حلمت به، أتمنى الآن أن أخرج للعالم بشكل مختلف عما سبق وحدث. أن أخرج من تجربتى لمدن أخرى وحياة ثانية.
كتابتى جاءت بسبب ما رأيت، فأنا شاهد على حياتى وعلى حياة عائلتي، حياة الحرب والغربة التى عاشتها أسرتي، مازلت اشعر بمرارة الهزيمة، هزيمة ميلادي، هزيمتى أمام والدي. الذى مرر لى تاريخ الحروب من الحرب العالمية الثانية حتى آخر حرب فى تاريخه.
-أبي- أعظم شئ حدث لى فى حياتي، التاريخ بين الأمل والرجاء ولحظات الفرح العابرة.
> علاقتك بالكتابة هل هى تحرر أم فهم للذات؟
بالكتابة نكتشف علاقتنا بذواتنا وبالعالم.. الكتابة محاولة للبحث عن التحرر.. وهى بحثى عن اليقين، أتمنى أن يتذكر الناس نصا واحدا لي، هذا هو الخلود.
الكتابة لو لم تكن حقيقية وصادقة ستكون بلا قيمة.. الرواية هى أم الفنون.. هى العالم.
كل ما حرمتنا منه الحياة الحقيقية موجود فى الكتابة.
من هنا جاءت فرحتى بكتابات الآخرين التى تفتح بابا من التأمل والمحبة والعيش مرات عديدة.
> فى روايتك «شقى وسعيد» امتزج التاريخ العام بالخاص، لمذا اخترت هذه التقنية للكتابة؟
اختيار البنية الفنية للكتابة، تفرضها طبيعة العمل.. هذه الرواية رغم إتكاءها على التاريخ، إلا أنها رواية موت، وداع.. يتطور لتساؤل هل هى رواية وداع ـ نهاية أم بداية جديدة.
فى هذه الرواية اكتشفت علاقتى بأمي، وهى علاقة لم تكتمل وتدخل حيز إدراكى إلا بموتها.
> لعبة الشخصيات الممتدة، والحكايات العابرة لكتبك، ألا تخاف من الوقوع فى فخ التكرار؟
يحدث ذلك بسبب هاجس الموت الذى يسكننى منذ البداية، من طفولتي، التكرار طريقتى فى وداع من غادروا عالمى بالموت، وداعهم، والتأكيد على حضورهم رغم الغياب فهم يعيشون داخلي.
التكرار موجود حتى فى الحياة الحقيقية. يختفى شخص بالموت أو غيره، فتقابل شخصاً يشبهه فى مكان آخر.
> لماذا يعتبر «البطل المهزوم» هو بطلك المفضل؟
هى شخصية تحرك فيّ شئ، انا مغرم مثلا بعيسى الدباغ، فى السمان والخريف.. هذا بطل يشبهنى فى رحلتى من لاشئ بعدما تركت بورسعيد ومررت بظروف حياتية قاسية، وذلك كان اختياري. البطل المهزوم يتحرك فى اتجاه مصيره، كل كاتب حقيقى لديه بطل مهزوم، وهى شخصية مغوية، موزعة عندى فى كل النصوص.
ماذا تعنى لك الكتابة؟
هى محاولة للإجابة على تساؤلات، كيف ستمضى الحياة فى ظل ما يمر بنا من أزمات، ورغم ان سؤال الكتابة عندى مستقبلي، إلا أنى استخدم الماضي، لأنه يحمل علامات استشراف المستقبل، أنا لست أسيرا للماضي، لكنه يتكرر دائما بشكل يقدم تفسيرات عن احداث منسية. وأنا أعتقد انه ليس هناك مدرسة فى الكتابة، أنا أكتب من داخل ذاتى ذلك القدر الجميل بأن تكون هذه هى حياتي. الكتابة هى الأمل والونس والحلم.