تتلخص إشكالية التعليم بمصر فى أنها لم تخضع لأى تطوير ملموس طوال سنوات مضت وكانت أى رؤية للتطوير تتم بشكل فردي.. وزير يتولى الوزارة فيتحرك برؤيته الشخصية ويقوم بإلغاء صفوف وتعديل مناهج ويستمر الأمر لسنوات.. ثم يأتى من بعده آخر فيكرر نفس الأمر برؤيته المختلفة بعيداً عن كل ما تم من قبل.. وهكذا بداية من الدكتور فتحى سرور عندما كان وزيراً للتعليم حتى الدكتور حسين بهاء الدين حتى وصلنا للدكتور طارق شوقى الوحيد الذى كان له رؤية فى التطوير لكن للأسف نسفت هذه الجهود تكتلات أصحاب المصالح فى السناتر من ناحية وأصحاب المصالح من جهة أخرى وجروبات الماميز وأولياء الأمور الذين كان كل همهم أن يكون الامتحان فى مستوى الطالب الأقل مستوى وليس مهما أن يكون التعليم بشكل علمى بحت دون عواطف أو خواطر أو امتحان فى مستوى الطالب المتدهور.
غادر طارق شوقى بعد حرب عنيفة تعرض لها من كل أصحاب المصالح والمنتفعين.. وتم التغيير مؤخراً بالوزير الحالى الذى هوجم بشدة بسبب أشياء لا تخص الأداء أو الرؤية أو القدرة على التطوير.. حتى فاجأهم بقرارات ثورية لم يتوقعها أحد عندما قام بتغيير خريطة المناهج الدراسية بشكل ثورى تم فيه دمج مواد وتحويل مواد من أساسية تدخل فى المجموع إلى خارج المجموع وتخفيف عدد المواد الدراسية بشكل كبير ومؤثر.. وهو ما أدى لثورة عارمة ورفض عنيف من نفس الرافضين لكل عمليات التطوير السابقة ونجحوا فى ذلك نفس أصحاب المصالح وأباطرة الدروس الخصوصية والسناتر وكالعادة جروبات الماميز الرافضين لأى تغيير أو تطوير رغم اعتراضهم الدائم والشكوى من صعوبة الامتحانات وطول المناهج إلى آخره.
الغريب فى الأمر أن الهجوم والرفض كان على مبدأ التغيير أو التعديل أو الإصلاح على اعتبار أن الوضع الحالى مستقر ولا يحتاج إلى أى تدخل أو معالجة.. هاجمت نفس العناصر الوزير الجديد بحجج كثيرة لا معنى لها إلا أنهم يرفضون التغيير أو التدخل فى الأمر من قريب أو من بعيد.. رغم أن هؤلاء أنفسهم هم من كانوا يهاجمون الوزراء السابقين بحجة أن التعليم فى خطر وأن التغيير واجب وفرض وضرورة.. وعندما يقوم أحد بالبدء فى عملية التغيير تنقلب الدنيا رأساً على عقب من الرافضين لأى تطوير على طول الخط.
الخلاصة يا سادة فى عملية تطوير التعليم أن تعود المدرسة لتكون هى المكان الوحيد للتعليم وليس السناتر أو الدروس الخصوصية أو امبراطوريات التعليم التى تمارس التعليم بالرقص والهزل.. أعيدوا المدرسة للتعليم.. وأعيدوا للمدرس قيمته وقامته مع إقصاء شلل المنتفعين.. هنا فقط يمكن أن نتحدث عن تطوير التعليم فى مصر.