فى عام 2010 اختار ممدوح الليثي، رئيس جهاز السينما، المخرج على عبد الخالق لإخراج فيلم (وبدأت الضربة الجوية) المأخوذ عن كتاب (حدث فى اكتوبر) للكاتب صلاح قبضايا، وأكد ممدوح الليثى يومها أن السيناريو الذى كتبه عاطف بشاى يتناول أحداث النكسة وصولا الى اول ضربة جوية فى حرب اكتوبر المجيدة لأنه يركز على كيفية الاعداد للحرب والتجهيزات التى قامت بها قواتنا المسلحة وخطط الخداع، اما السيناريست عاطف بشاى فقال: الفيلم يعتبر اول فيلم يوثق لفترة مهمة فى تاريخ مصر هى فترة ما قبل معركة اكتوبر 1973، تلك الفترة التى نطلق عليها اسم فترة (الخداع الاستراتيجى )، ويستكمل حوارا مهما عن الفيلم والأيام التى سبقت انتصار اكتوبر، وصولا لبداية الضربة الجوية وانتصار الإرادة المصرية فى موضوع نشرته مجلة الاذاعة والتليفزيون فى التاسع من اكتوبر عام 2010، وبالطبع نعرف جميعا أن الفيلم لم يتم انتاجه، (أوضح ممدوح الليثى فى الحوار أن ميزانيته قد تتجاوز عشرين مليونا من الجنيهات، ولهذا فإن الضرورى ان يقوم بإنتاجه مع جهاز السينما كل من اتحاد الاذاعة والتليفزيون والقوات المسلحة)، وكان هذا آخر عهد للكاتب عاطف بشاى بالكتابة للسينما والدراما بعد ما يقرب من نصف قرن من الكتابة للتليفزيون والسينما، وبعد ان اصبحت أعماله ضمن التاريخ الثرى والمهم للدراما المصرية التليفزيونية التى بدأت فى بداية الستينيات من القرن الماضى بأعمال كتاب الرواية فى نفس وقت دخول كتاب جدد للكتابة للتليفزيون مباشرة، وكان هو من ضمنهم بعد تخرجه فى معهد السينما قسم السيناريو، وكانت قصة نجيب محفوظ «تحقيق» هى العمل الاول الذى قرر أن يحوله لفيلم تليفزيوني، حيث أتاح ظهور التليفزيون تقديم أنواع درامية جديدة على المشاهد وملائمة له مثل التمثيلية القصيرة (نصف ساعة) وتمثيلية السهرة (ساعتان)، والفيلم التليفزيونى (بين ساعة وساعتين) ثم المسلسل الذى بدأ بسبع حلقات، ووصل الى ثلاث عشرة حلقة فى اقصاه، من هنا بدأت علاقة عاطف بشاى تتوثق بدراما الفيلم والتمثيلية اولا ، قبل ان يذهب للمسلسل.
«الوزير جاى»
كانت علاقات العائلة المصرية ضمن أهم ما شغله، خاصة مع بدايات الجدل حول قضايا مهمة مثل عمل المرأة وأهميته، وتربية الابناء وعلاقات الزوجين، وعلاقاتهم بالجيران والاقارب والأصدقاء، والحياة الوظيفية، وسن المعاش، وقد اتخذت كتاباته من السخرية ملمحا مهما فى كل هذه الأعمال التى زاد عددها عن 55 عملا ، وان زاد عدد التمثيليات، وافلام التليفزيون فى عقد الثمانينات الى ما يتجاوز العشرين عملا، خاصة افلام التليفزيون التى كانت فى قمتها وقتها، وحظيت باهتمام كتاب كبار عديدين مثل وحيد حامد ويوسف جوهر وأسامة أنور عكاشة وغيرهم، وبالتالى اجتذبته ايضا، خاصة مع محبته للكثير من كتاب الرواية والأدب مثل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس، ومثل احمد رجب، والذى حول بعضاً من قصصه الى افلام تليفزيونية فى البدايات منها (الوزير جاي) عام 1987،الذى نرى فيه مصلحة حكومية يحاول المواطنون فيها تخليص أوراقهم ولكنهم يفشلون مع تباطؤ الموظفين وانشغالهم بأمور اخري، حتى يأتى من يخبرهم بأن سيادة الوزير فى مرور على المصلحة وسيصل اليهم، وهنا تنقلب احوال المكان، والموظفون فى سباق مع الزمن قبل وصول الوزير، اما (فوزية البورجوازية) فيقدم قصة أمرأة فى حى شعبى تحاول ان تبدو مثل نساء الطبقات الاعلي، وتتعالى على جاراتها وتصبح سببا فى صراع بينها والجيران، والفيلمان من اخراج ابراهيم الشقنقيري، وفى هذه المرحلة ايضا يقدم عاطف بشاى افلام (الملائكة لا تسكن الارض) عام 1987 للمخرج سعد عرفة عن قصة شاب يعامله والده بقسوة لعدم انضباطه فى أداء الصلوات، وفى نفس العام يقدم فيلم (قبل الوصول لسن الانتحار) مع المخرج شفيق شامية عن مدرس اللغة العربية القدير (شكرى سرحان) الذى يفكر فى بلوغه سن المعاش بعد شهرين، وتقاعده، ووحدته، وبعدها يكتب بشاى فيلم (يوميات امرأة عصرية) للمخرجة إنعام محمد على عن قصة الكاتبة ايڤيلين رياض عن طبيبة تؤجر عيادتها لترتاح من سنوات الشقاء،وتسعد وهى تتقاضى مبلغا كبيرا يحقق لها رفاهية لم تكن تحلم بها قبل ان تكتشف ان حياتها اصبحت فارغة، وبلا معني.
«يا رجال العالم اتحدوا»
يحاول زوج التخلص من سيطرة زوجته عليه، خاصة انها تركت له شئون المنزل والأولاد بحجة ان دخلها هو الاكبر والاهم للأسرة، فيقرر تأسيس جمعية باسم (يا رجال العالم اتحدوا) بعد ان اكتشف ان اصدقاءه ومعارفهم يتعرضون لهذا ايضا من زوجاتهم فى محاولة لتبادل الأدوار بين الرجل والمرأة، وهى قصة للكاتبة سلوى الرافعى كتبها بشاى فى مسلسل ليقدم من خلالها واحداص من اهم المسلسلات التى ناقشت الكثير من قضايا علاقات الزوجين فى بداية الالفية الثانية (عام 2000) وقام حسين فهمى بدور الزوج وإسعاد يونس الزوجة واستطاع العمل ان يجذب قاعدة كبرى من المشاهدين ويثير الجدل وهو ما دعا الانتاج لتقديم الجزء الثانى بعدها بعام بعنوان (النساء قادمون) وبنفس المخرج حسن بشير قدم عاطف بشاى الجانب الآخر من الصورة، اى الجيران والاصدقاء وكيف وصلت العلاقات بينهم الى حافة الهاوية مع تجمع الرجال معا، وبالتالى تجمعت النساء لتطالب كل منهن بحقها وفقا لهذه المتغيرات، وحتى المسيحيات طلبن الطلاق ومع زيادة عدد المسلسلات فى التسعينيات ألا ان كاتبنا لم يبتعد كثيرا عن السهرات والافلام فقدم (شخلول) عن الشاب الذى ورث دكان ابيه وبدأ يقوم بأعمال غير مشروعة ليقفز اجتماعياً مثل احتكار السلع وإخفائها حتى اصبح ثريا وذهب للعمدة ليطلب يد ابنته، ومثل فيلم (حضرةالمحترم) عن قصة نجيب محفوظ، وايضا (اهل القمة) التى حولها الى مسلسل بعد ان قدمتها السينما المصرية فى فيلم، وهكذا استمر عاطف بشاى يقدم لجمهور التليفزيون العريض ما يعبر عن فكره وقدرته على السخرية من الحياة فقدم عام 2007 مسلسل (عمارة يعقوبيان) والذى أخره عامين بعد ان علم ان الكاتب وحيد حامد بدأ كتابته كفيلم فقرر الانتظار حتى يكتمل ويعرض، وحتى يأخذ الفيلم حقه قبل ان يعرض المسلسل وهو سلوك يعبر عن الاحترام بين ابناء المهنة الواحدة، وايضا احترام. الجمهور، وبعده كتب مسلسل (تاجر السعادة) عام 2009 من اخراج شيرين عادل وبطولة خالد صالح وداليا مصطفى وهالة فاخر والذى تدور احداثه حول بائع خواتم كفيف ينجح فى إقناع اهل الحى بأنه يستطيع حل مشاكلهم باعتباره صاحب كرامات، ويبيع لهم الوهم . وبعدها توقف الكاتب الكبير عن الكتابة، وتحول الى كتابة المقالات الساخرة، بل الأكثر سخرية من الأعمال الدرامية، ليقدم ما بداخله من افكار ورؤى ووجهات نظر فى حياتنا حتى رحل منذ ايام بعد ازمة صحية سريعة، رحم الله الكاتب الساخر والمبدع الكبير عاطف بشاي.