نعم حبنا للنبى صلى الله عليه وسلم يحتاج فعلاً إلى مراجعة جادة وحقيقية حتى تظهر نتائج هذا الحب على كل مظاهر حياتنا العامة والخاصة.
وللحقيقة فليس حبنا للنبى هو الذى يحتاج فقط إلى مراجعة بل كل أشكال ما اصطلح على تسميته بحب وما هو بحب ولا علاقة له بهذه العلاقة السامية التى جعلها الله فى أسمى المراتب حتى فى العلاقة مع الذات العلية ومع رسوله صلى الله عليه وسلم.
ما يجرى على الأرض من واقع يفضح هذا الحب الفاسد أو المزيف أو المدعى ويكشف حقيقة ما ران عليه وعلى القلوب فحجب عن الناس والمجتمع تأثيراته الإيجابية الفعالة وحرم الناس من خير وفير وأكيد.
من المفارقات أنك إذا سألت أحدا مباشرة: هل تحب رسول الله حقا؟! فإنه سينتفض مجيباً: نعم بكل تأكيد..
لكن عندما تبحث عن أمارات وعلامات هذا الحب لا تجدها.. إلا قليلاً وعند من رحم ربي.
ويقفز إلى الذهن سؤال ترى لو كنا نحب رسول الله حقاً هل كان حالنا سيكون بما عليه الأمة الآن وما وصلت إليه سواء على المستوى العام أو الخاص؟!
كثير مما يشوه صورة المجتمع المسلم يقيم الحجة الأكيدة على وجود أخطاء كارثية لم تكن لتوجد لو أقمنا الحب واسسنا للمحبة وسمحنا لها أن تنمو وتترعرع وتزهر بالتالى لو سمحنا للحب أن يتجاوز الحناجر والألسنة ويمتد ويلتصق بالأقوال والأفعال أن تجد له ترجمة حقيقية فى السلوك والعلاقات.. فى البيت فى الشارع العام وفى كل المحافل.. فى المعاملات التجارية فى إتقان الصناعة والاهتمام بالحرف فى محاربة الغش والتدليس فى مقاومة الاحتكار ومحاربته والتضييق على خلق الله وخنقهم ذلك يتنافى ويتعارض مع إعلان محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قد يسأل البعض أين تكمن المشكلة إذن؟!
والجواب ببساطة ترجع إلى غياب الوعى بكيفية محبة رسول الله.. وأن هناك خللاً واضطراباً فى فهم حب الرسول وأن الناس لم تتعلم كيف تحب رسول الله أو ما هو الطريق الصحيح الذى يقود إلى ذلك بأمان؟!
ومع أن الطريق سهلة والوصول إلى المحبة أسهل ولكن على من يسر الله له.. وللحقيقة فإنه لا يمكن إغفال أو تجاهل تأثير حملات وموجات العبث بالعقول من قبل الفئات الضالة والمنحرفة فكرياً وعقائدياً من ناحية وتيارات الإلحاد ومقاومة التدين الصحيح من ناحية أخرى وما تتبعه من وسائل للاختراق ومحاولة السيطرة على الشباب خاصة وبث سمومها ليل نهار لإثارة البلبلة بالتركيز على الشبهات وغيرها من أراجيف وأضاليل وخزعبلات قديمة وحديثة على السواء.
أزعجنى بشدة وانا أشاهد على التيك توك بعضا من الشباب لا يعرف اسم النبى صلى الله عليه وسلم كاملاً ولا اسم أبيه أو أمه.. لو أن هؤلاء وأمثالهم تلقوا تعليماً أولياً أو لو وجدوا رعاية فى المنزل أو المدرسة أو غيرها أو فى المسجد لو وجدوا من يعلمهم كيف نحب رسول الله وبالتالى أخلاقه ومواقفه ورسالته السامية للعالمين.. لو علمنا أولادنا محبة رسول الله ما رأينا صور الشباب الضائع أو التائه بين صرعات الموضة ولبس المقطع والمحزق وما شاهدنا قصات الشعر العجيبة التى تذهب بمظاهر الرجولة وتعزز توجهات التخنث والتحلل والانحلال ولما صدمنا كل يوم فى مجتمع مسلم بكل ما هو مستنكر ومستكره ومستقذر من السلوك والأخلاق وحتى فى لغة الخطاب وهذه كارثة أخري.
لو تعلّموا حب رسول الله لما تفشت الأمراض الاجتماعية الخطيرة ولما كثرت حالات القتل و العقوق للاباء والابناء ايضا والسرقة بالإكراه وغيرها.
>> عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوَةَ الإيمانِ: أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبُّ إليه مِمَّا سِواهُما وأنْ يُحِبَّ المرْءَ لا يُحبُّهُ إلَّا للهِ وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعودَ فى الكُفرِ بعدَ إذْ أنقذَهُ اللهُ مِنْهُ كَما يَكرَهُ أنْ يُلْقى فى النارِ».
من هنا رأى العلماء أن إيمان بعض المسلمين بارد ولا يستشعرون له طعماً ولا مذاقاً ولا يحسون به وجوداً مطلقا لأنهم فقدوا حلاوة هذا الإيمان وطلاوته وتكميل هذه المحبة أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وليس المقصود أصل الحب أى أن نحب فقط وإنما موافقة ما يحبه المحبوب وكره ما يكرهه المحبوب.
والله المستعان..