النجاح الكبير الذى تحقق لمهرجان «العلمين» هذا الصيف يؤكد أن مصر تتفوق دائماً بقواها الناعمة، فقد حبانا الله المواهب النادرة فى كافة الفنون وهى صفة لازمت مصر طوال تاريخها العريق منذ أيام الفراعنة لأن الباقى من عصور أجدادنا حتى الآن هو فنونهم فى البناء والتشييد وكذلك الرسومات على جدران المعابد والمقابر التى مازالت واضحة جميلة بألوانها الزاهية حتى اليوم وهذه هى مصر وشعبها الموهوب.
مهرجان «العلمين» كان فى الحقيقة خمسة مهرجانات هي: مهرجان الموسيقى والمسرح ومهرجان الرياضة ومهرجان نبتة للطفل ومهرجان للطعام وآخر للترفيه، لقد شاهد الجمهور حفلات للفنانين مدحت صالح ومحمد منير وكاظم الساهر وماجدة الرومى وتامر حسنى والمايسترو نادر عباسى وهانى شاكر وعمر خيرت ورامى جمال وعمرو دياب وديانا حداد، كما شاهد الجمهور ثمانى مسرحيات مثل «فيلم رومانسي» و«الستات عايزه ايه» و«الشهرة» و«حدوتة بعد النوم» و«التليفزيون» و«السندباد» و«حبيبتى من تكون».
والجديد هذا العام أن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية قررت اطلاق مبادرات وطنية بهدف تسليط الضوء على التنمية العمرانية فى منطقة الساحل الشمالى وعلى رأسها مدينة العلمين الجديدة والترويج للسياحة فى المدينة والفرص الاستثمارية هناك، كذلك كانت مشاركة وزارة الثقافة ناجحة ومبهرة بالحفلات والفعاليات التى قدمتها على المسرح الرومانى بالمنطقة التراثية وفى المنطقة الترفيهية بفرق الفنون الشعبية وعروض السيرك القومى والمكتبات المتنقلة والتى سوف تذهب بعد العلمين إلى محافظات الجنوب مثل أسوان والوادى الجديد والغردقة واستوعبت الفعاليات الرياضية الشباب من الجنسين فى الفترة الصباحية طوال أيام المهرجان.
من الضرورى ان نفتخر بقدرتنا على تنظيم المهرجانات الموسمية مثل «العلمين» ونتمنى أن يتم التحضير من الآن لمهرجان شتوى فى إجازة نصف العام خلال يناير وفبراير 2025 وهى فرصة لاكتشاف المزيد من المواهب الشابة فى الفنون والرياضة وعندنا المزيد من المدن الجديدة مثل العلمين والتى تسعد بإقامة المهرجانات على أرضها وهذه خير دعاية وتسويق لكل المشروعات المقامة حديثا فى تلك المدن.
كان رفاعة الطهطاوى يحمل جينات الفن المصرى داخله عندما سافر مع المبعوثين المصريين للدراسة فى باريس، وكانت مهمته الوحيدة إقامة الصلاة للطلاب المسلمين هناك ولكنه اقتطع من وقته وجلس يكتب واحدة من أجمل كتب الرحلات وهو «تخليص الإبريز فى تلخيص باريس» الذى نقل للقارئ المصرى كل شيء عن الحياة فى فرنسا فى القرن التاسع عشر وهو ما كان مجهولاً تماماً للقارئ المصرى وجعل الناس تدرك ما ينقصنا لكى نلحق بركب الحضارة الحديثة وهو ما تحقق اليوم وأصبحت مصر تحجز مكاناً وسط شعوب العالم المتحضر، وتقيم المدن الذكية الحديثة مثل «العلمين» وغيرها وهى تعلن عن نفسها بالمهرجانات والمشروعات وفرص الحياة العصرية وسط عالم يجرى سريعاً من حولنا ولا ينتظر أحداً لكى ينهض.