فى عام 2007 طلبت من الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة آنذاك السفر إلى إحدى الدول الإفريقية لتغطية أى من الأنشطة والفعاليات الثقافية التى تنفذها الوزارة سنويا فى معظم بلدان العالم، وبالفعل وافق الوزير مشكورا على ذلك موجها تعليماته إلى فاروق عبدالسلام وكيل أول الوزارة لقطاع مكتب الوزير الذى بدا عليه الاستغراب والاندهاش من طلبى السفر إلى ادغال إفريقيا وليست إلى إحدى الدول الأوروبية أو الأمريكية أو حتى العربية !!.
وأمام إصرارى استجاب عبد السلام لطلبى وسافرت إلى أنجولا لتغطية الأسبوع الثقافى المصرى الذى تضمن العديد من الأنشطة والفعاليات.
ورغم صعوبة الرحلة قبل أن تبدأ حيث تلقّيت التطعيمات اللازمة خوفا من الإصابة بأى من الأمراض المنتشرة هناك علاوة على متاعب السفر فقد تضمنت الرحلة النزول «ترانزيت» مرتين ذهابا وعودة فى كل من الخرطوم واديس ابابا، ومع ذلك لم أندم على اختيارى السفر إلى الادغال الإفريقية، حيث شاهدت وعشت العجب العجاب على مدى عشرة أيام ، فلك أن تتخيل دولة مثل أنجولا تحتل المركز الأول فى إنتاج الألماس والثانى فى إنتاج البترول ومع ذلك أهلها يعانون الفقر المدقع بسبب الاحتلال البرتغالى وما اعقبه من حرب أهلية راح ضحيتها اكثر من مليون قتيل وهجرة وتشريد ضعفهم!!.
الشيء المهم الذى لفت انتباهى خلال الزيارة هو التوغل الأوروبى والإسرائيلى هناك كما هو الحال فى كثير من دول القارة السمراء للاستفادة من خيراتها الكثيرة وثرواتها الهائلة ، مستغلين فراغ الساحة خاصة بعد محاولة الاغتيال المعروف للرئيس السابق حسنى مبارك فى إثيوبيا عام 1995، وفوجئت وأنا أجرى حوارا مع السفير المصرى بانجولا بأن عدد الجالية المصرية هناك فى ذلك الوقت 15 فردا نعم 15 فردا فقط معظمهم أو جميعهم أسرة واحدة من الأقصر!!.
قد يسأل البعض لماذا اكتب هذا الكلام الآن، ولهم أقول أن ذلك يأتى بعد الضجة الكبرى التى أحدثها اتفاق التعاون الذى وقعته مصر مؤخرا مع دولة الصومال الشقيقة لاسيما فى المجال العسكرى والامنى.
يحسب للرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه مسئولية قيادة البلاد قبل عشر سنوات الانفتاح على مختلف بلدان العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا، وكانت عودة مصر إلى إفريقيا وعودة إفريقيا إلى مصر فى بؤرة اهتمام القيادة السياسية منذ اليوم الأول من تولى المسئولية، حيث نجحت مصر فى الدفاع عن مصالح القارة السمراء ورفع صوتها من أجل الحق العادل فى تحقيق السلام والاستقرار والتنمية، بعد أن استعادت القاهرة دورها الريادى والمحورى فى عمقها الاستراتيجى الإفريقى حاملة شعلة تسوية الأزمات والصراعات والعمل على تنمية القارة الأم وتحقيق طموحات شعوبها وشبابها فى غد مشرق.
وكذلك نجحت جهود القيادة السياسية ومن ورائها كتيبة الدبلوماسية المصرية وأجهزة ومؤسسات الدولة على مدى عقد من الزمان فى إقامة علاقات متوازنة تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة وعدم التدخل فى الشئون الداخلية مع كافة دول العالم وكانت ولاتزال الأولوية للانتماء الإقليمى إفريقيا وعربيا، وهو ما جعلها تستعيد مكانتها الدولية والإقليمية بفضل السياسة الحكيمة للرئيس السيسى والتى أعلنها صراحة خلال خطاب تنصيبه رئيسا للبلاد فى الثامن من يونيو 2014.
وكذلك حرص الرئيس السيسى بعد أيام قليلة منذ توليه المسئولية على أن تكون أولى جولاته الخارجية فى قلب القارة الإفريقية ، حيث زار الجزائر، ثم شارك فى القمة الإفريقية التى عقدت بمدينة « مالابو « بدولة غينيا بيساو فى يونيو 2014 وتواصل وتنسيق الرئيس السيسى مع قادة دول القارة مستمر حتى اللحظة حيال كافة القضايا القارية والدولية، وذلك من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات الهاتفية، علاوة على مشاركته فى معظم ان لم يكن كل الاجتماعات والقمم التى عقدت على مستوى القادة.