الأمثال العامية.. ذلك الكتاب الفريد الذى قام به العلامة والمحقق أحمد تيمور باشا قدمها مشروحة ومرتبة أبجدياً حسب الحرف الأول من المثل وسجلت فيما يربو عن 500 صفحة 3188 مثلاً.. وأضاف إليها مركز الأهرام للترجمة والنشر الكشاف الموضوعى الذى ييسر الأمر على القارئ والمتصفح.. يرشده إلى المثل المطلوب.. هذا الكتاب الرائع الذى أصدر المركز طبعته الرابعة عام 1986.. كانت مفاجأة سارة بالنسبة لى العثور عليه فى مكتبة المنزل بعد ان أعادت الابنة الوفية ترتيب محتوياتها فى الفروع المتاحة لى ولها أثناء مشوار عمل تجاوز الـ60 عاماً.. لأن الكتاب باختصار دعامة ثقافية لمن يريد الكتابة فى الشأن العام ويستثمر ترمومتراً دقيقاً للأحوال فى شكل كلمات وجمل.. أصحابها فى الأعم الغالب مجهولون.. لكنهم علقوا على الأحداث بحكمة وبلاغة باختصار منحت نبض الحياة لها على مر السنين.
نقف تقديراً واحتراماً للعالم والمحقق الذى نشأ فى بيت علم لم يبخل والده رئيس الديوان الخديو اسماعيل باشا تيمور الذى علمه أولاً فى مدرسة مارسيل الفرنسية.. ثم اختار لمرافقته الشيخ أبوعبدالوهاب رضوان عاشق اللغة العربية وبعدها لازمه الشيخ محمد محمود الشنقريطي.. وقرأ عليه من التراث ثروة فاعلة شكلت وجدانه.. ومساره الأدبى بعد ذلك ليصبح داره فى درب سعادة ثم الزمالك ملتقى الأدباء والعلماء ورجال الدين.. وبالإضافة لهواية التصوير الشمسى التى برع فيها.. قدم لنا كتباً تنافس فى المجال اللغوى وحماية لغة الضاد.. منها الكتابات العامية والبرقيات رسائل لغوية فى الرتب والألقاب.. وأخرى عن معجم لغوى لذخائر العربية والتذكرة التيمورية والموسوعة التيمورية وكتب عن الموسيقى والحب عند العرب وأعلام الفكر الإسلامى ويتوجها بكتاب عن محمد صلى الله عليه وسلم.
وبالطبع ليس بغريب على رجل بهذا الفكر الموسوعى الالتفات إلى الأمثال العامية ملح التاريخ.. واكتشافه موهبة الابن الأديب المتميز محمود تيمور– رحمه الله– وعندما تتأهل فى هذا الكتاب.. أو نلجأ إليه.. نجد الأمور ميسرة للعثور على المثل المطلوب.. مشكلاً الحروف ضماناً للنطق الصحيح.. بالإضافة إلى الغرض الذى يذكر من أجله.. ويفرق بدقة بين المثل والحكمة.. فى رحلة سلسة ترضى القراء والباحثين.. وكلما مضينا قدماً فى صفحات الكتاب الذى لا يستثنى عنه أمر.. ويعد أيضاً مرآة للسلوك الحضارى والأخلاقى والاجتماعى فى مصر المحروسة.. يدفعنا هذا الجهد المبذول للتأكد من المشقة البالغة التى قابلت أحمد تيمور باشا.. فى جمع البيانات وصياغتها وهو الجهد الذى تضاعف مع اختياره الواضح فى تحرير كتب أخرى متشابهة فى هذا الاتجاه.. ويبقى السؤال ماذا عن الأمثال العامية التى دخلت حياتنا بعد هذا الكتاب.. وما صدر من طبعات.. هذه الاضافة مهمة بكل تأكيد.. وتتطلب من القائمين على رعاية لغتنا الجميلة.. تكثيف الجهد للإضافة والتحديث.