امتدادا أو تواصلا مع مقالنا فى الأسبوع الماضى «الثقافة والانسان « نتحدث عن الجمهور عامة وجمهور المسرح بخاصة والمكون للجمهور هو الانسان اذ أن المستهدف هو الانسان وكما هو معروف ومعلوم هو أن الانسان هو صانع مستهدفه ومنتجه الابداعى لان فى الثقافة والفنون هو ابداع وفى العلوم والاكتشافات هو ابتكار وشتان بين الابداع والابتكار ولكل منتج جمهور وكلمة الجمهور هنا جاءت من «الجمهرة» والالتفاف حول شيء سواء كان ابداعا أو ابتكارا وكل منتج ابداعى أو علمى يحتاج الى متلقى أو جمهور لهذا المنتج والعبقرية فى الاشكالية هنا أن الصانع والمصنوع أو المنتج وصانعه فى علاقة فيها مشاركة وفيها مزاوجة وفى النهاية هى علاقة أحادية أى منه « الانسان « وله وهنا نرى أن جودة المنتج هو الجاذب الأول للمتلقى أو الجمهور وهنا الابداع أهم وأقوى أم التعليم والتحصيل واجتمع جمهور الفقهاء من النقاد أن الابداع أهم لأنه صانع للجمال والجمال هنا فى معناه الاصطلاحى فى قوة التأثير جماليا على العقل والوجدان معا وعودة الى الجمهور وهو المستهدف من المنتج الابداعى والحديث عن جمهور المسرح الذى يتلقى الابداع بصورة مباشرة ودون وسيط ومدى التجاوب مع العملية الابداعية يتوقف على ثقافة المتلقى الذى هو الجمهور والبيئة القادم منها والحالة المزاجية لحظة استقباله للابداع وهو العملية المسرحية دراما وتمثيل واضاءة ومناظر مسرحية وديكور وأزياء الخ والجمهور فى المسرح يختلف فهو احد اضلاعه الهامة والمهمة ولا تكتمل العملية المسرحية الا بوجود الجمهور وتفاعله مع العرض المسرحى ولا يخرج العرض المسرحى من رحمه ليكتمل نموه وتدب فيه الروح الا اذا بات الجمهور يمثل زخما فى صالة العرض والمسرحية التى ينصرف عنها الجمهور تبدو كالجنين ناقص النمو او مصابا بداء شلل الاطفال حيث لا يجدى معه التطعيمات اللازمة والمطلوبة لذلك ينبغى حتميا الاهتمام بالمنتج المسرحى الابداعى بداية من النص المؤلف أو المكتوب ومرورا بالمخرج النابه وذكاء الممثل والبحث عن مصممى مناظر مسرحية والازياء ومتخصص فى تصميم الاضاءة لتحقيق حالة «توحد» فى الرؤية بقيادة المخرج النابه صاحب الرؤية والصورة التشكيلة « السينوغرافيا» وهى مسئولية المخرج والذى يتحمل مغبتها نجاحا او اخفاقا . قضية الجمهور قضية قديمة جديدة نستشعرها فى كل المراحل والأزمنة الإبداعية لانها قضية «حية» تفرض نفسها عندما يغيب أو يضمحل الجمهور فى خصامه عن التواجد فى المسرح وفى قلب العرض المسرحى لأنه هو المكمل الأساسى للعرض فلا مسرح بدون جمهور وفير وهذا يأخذنا الى العملية الإبداعية وماهيتها وادارة هذا الابداع ومنهجية الفرق المسرحية المختلفة والمتباينة والتى ينبغى ان يبدو تباينها جليا وفق منهج وأهدف كل فرقة وهذا منعدم تماما على أرض الواقع وهو ما يثير الكثير من النقد والانتقادات حتى من الجمهور ذاته لكن التجارب الواقعية تشير إلى أن الفرق المسرحية تقدم أعمالا ذات خصائص وملامح واحدة بهدف الضحك ظنا أنه يجذب الجمهور لذلك فالمطروح لا هو مضحك ولا هو ينتمى للكوميديا وهنا يجب حرص كل فرقة على طبيعة منهجها وإلا يتم دمج جميع الفرق فى فرقة واحدة ذات شعب وأفرع هاوية ومن هذا المنظور علينا الاهتمام بجمهور المسرح وما يقدم له من معالجات تلامسه جماليا وتلامس قضاياه ولأن الجمهور أحد أضلاع العملية المسرحية الهامة والمهمة ينبغى أن يكون المعروض عليه منه وله بهدف واحد جماليا من حيث التأثير والتأثر فكلاهما يؤثر فى الآخر ولكى يتحقق هذا على الجهات المنوط بها القضية برمتها التوجه الى المنهج والادارة واشياء كثيرة ولكن العاجل هنا الخطة والهدف «المنهجية» والادارة «ادارة « الهدف والمنهجية وأحد أضلاع وثوابت كل هذا هو الجمهور وماهية المطروح عليه من معالجات مسرحية ودرامية وتلقى هذا المطروح من الابداع المسرحى ومن هنا يأتى حتمية الاهتمام بالجمهور عامة وجمهور المسرح بخاصة وستظل قضية الجمهور «معلقة» مع كل مرحلة.. مرحلة فى الابداع المسرحى إذ أن جنين المسرح يكتمل عقليا ووجدانيا بجمهوره وحضوره الوفير زخما عدديا وكما على مستوى التلقى ويظل المسرح فى انتظار جمهوره؟!!.