لا شك ان الجهود التى تبذلها هيئة الدواء المصرية للتغلب على ازمة نقص الدواء بالصيدليات من خلال ضخ كميات كبيرة من الدواء كان له اثر ومردود ايجابى طيب على المواطنين خاصة بعد ان قامت بمتابعة قوية لحركة تداول الادوية والاصناف التى فيها نقص فى الصيدليات من خلال لجان الرقابة والمتابعة لمنع عمليات التخزين والتكالب على جمع اى كميات من الدواء خوفا من عدم توافره بعد ذلك، وقد اطلقت هيئة الدواء خطاً ساخناً للرد على طلبات المواطنين وتوجيههم الى اقرب الصيدليات التى فيها اصناف الدواء التى يحتاجونها ولم يجدوها فى مناطق سكنهم وهو جهد كبير وضخم للهيئة تستحق عليه التقدير والشكر.
وكان لتصريحات الدكتور على الغمراوى رئيس هيئة الدواء فى احدى وسائل الاعلام حول الاجراءات المكثفة التى تتخذها وتقوم بها الدولة لتوفير الادوية للمرضى صدى قوياً فى المجتمع لانها كانت بمثابة رسائل طمأنينة وتفاؤل فى ان الايام القليلة القادمة سوف يتم القضاء على نقص الادوية تماما خاصة بعد ان تم استيراد كميات كبيرة من الخامات ومستلزمات الانتاج اللازمة لمصانع الادوية لانتاج الكميات التى يحتاجها المرضى من كافة انواع الادوية.
وصناعة الدواء فى مصر حققت طفرة ونقلة غير مسبوقة الفترة الماضية فى تلبية احتياجات السوق وتصدير الفائض للخارج وحرصت الدولة على تكثيف جهودها لتعميق وتوطين صناعة الدواء وذلك ضمن خطة استراتيجية طموحة لجعل مصر مركزاً إقليميا فى هذه الصناعة الحيوية حيث انها تمثل بعدا وامنا قوميا واولوية قصوى فى ظل المتغيرات الصحية التى فرضت نفسها على الساحة العالمية حيث يبلغ حجم استهلاك مصر من الدواء أكثر من 200 مليار جنيه سنويا من خلال 177 مصنعا تنتج 90 ٪ من الأدوية فى السوق المحلى والفجوة بين الاستهلاك والانتاج يتم تعويضها عن طريق الاستيراد لذا فإن مستقبل صناعة الدواء فى مصر واعد ومن الممكن أن يحقق انطلاقة قوية خلال المرحلة القادمة من خلال التوسع فى إنشاء المصانع التى تنتج خامات ومستلزمات الإنتاج وهى خطوة ضرورية حتى يمكن التغلب على نقص الأدوية وارتفاع أسعارها وفقا لأسعار الصرف حيث إن عمليات توطين صناعة الدواء ستوفر مليارات الدولارات من تكاليف الإنتاج والحد من استنزاف النقد الاجنبى وهذا الأمر يتطلب أن تواصل الدولة تبنى مبادرات لدعم صناعة الدواء من منحها فائدة بنكية مخفضة وازالة المعوقات امام المستثمرين وإصدار تشريعات وقوانين تساند صناعة الدواء وتستمر فى التشجيع الاستثمار فيها بقوة.
والحقيقة ان صناعة الدواء تواجه تحديات صعبة اهمها عدم توافر المواد الخام اللازمة لعمليات التصنيع وارتفاع تكلفتها نتيجة استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة حيث إن التكاليف الإنتاج عالية وأسعار المنتجات منخفضة وثابتة رغم المتغيرات التى طرأت عليها ولا تزال تفرض عليها تسعيرة جبرية مما يعد عائقاً امام الشركات فى إنتاج العديد من أصناف الأدوية وتتحكم فى صناعة الدواءالعديد من للدول الكبرى التى تمنع وصوله لدول العالم النامية وفقا الى قوانين اتفاقية منظمة التجارة العالمية «الملكية الفكرية» التى تمنح الشركات العالمية الاحتفاظ لنفسها بكل ما هو جديد فى صناعة الدواء باعتبارها براءة اختراع وبذلك تتحكم فى العديد من الأصناف التى تنتجها وتمنع وصول مثل هذه الأدوية الحديثة إلى دول العالم الثالث فالدواء سلعة ضرورية لايمكن الاستغناء عنها ويجب أن تحظى بالاهتمام الكامل من قبل الدولة.