طيلة تاريخهم الممتد لقرابة مائة عام دأبت جماعة الإخوان الإرهابية على المزايدة على كافة القوى الوطنية المصرية بشأن قضية فلسطين والادعاء المستمر بأنهم هم وحدهم المقاومون والمناضلون ضد المشروع الصهيونى منذ نشأته وحتى اليوم.. وما أن جاء ما سمى بـ (الربيع العربي( حتى تساقطت تلك الادعاءات واحدة إثر الأخرى وبان للناس عوارها وتهافتها وكذبها.. وبأن (الاخوان( هم الاقرب للصهاينة دونا عن باقى القوى الوطنية والقومية.. وبأنهم دعاة تطبيع وسلام مع إسرائيل وليسوا دعاة حرب ونضال كما ادعوا فى أدبياتهم طيلة الفترة من (1928 – 2024) وأنهم بالفعل والواقع (أصدقاء لإسرائيل( وليسوا كما صوروا للناس (أعداء لها( والشواهد فى ذلك عديدة ولعلنا لا ننسى الخطاب الشهير الذى أرسله الرئيس الإخوانى محمد مرسى إلى شيمون بيريز ووصفه له بـ (الرئيس العظيم).. ولا داعى للاعذار الإخوانية المعروفة عن هذه الرسالة وبأنها (مسألة بروتوكولية بحتة( فالنضال والجهاد فى سبيل الله (المزعوم منهم( لايعرف ولا ينبغى له ذلك!
ولعل أبرز القضايا العربية التى تأثرت بقوة، بما سُمى بربيع الثورات العربية التى ركبها ووظفها.. الاخوان، هى القضية الفلسطينية ، ولعل أكثر الدول الكبرى تأثراً ثم توظيفاً أو اختراقاً لهذه الثورات هى (الولايات المتحدة الأمريكية)؛ ولقد أنتج التداخل بين الأركان الثلاثة لهذا التأثير والتأثر ونقصد بهم (فلسطين – الثورات – الولايات المتحدة( واقعاً جديداً، ومختلفاً خاصة بعد مرور قرابة العامين على اندلاع الثورة الأولى من ثورات ما سمى بالربيع العربى (الثورة التونسية – ديسمبر 2010) مروراً بالثورة المصرية (25 يناير 2011) وانتهاء بما جرى فى ليبيا وسورياوهو مايراه البعض أنه ليس بثورات، وأن ما يلمع ليس كله ذهباً ، وأنه لا يعدو كونه مجرد صراعات على الحكم ومؤامرات خارجية وأن الغرب ومعه الجماعات الداعشية والاخوانية والدول الراعية والتابعة له قد ركبها جميعاً وسماها (ثورة( مستخدماً القصف الإعلامى الموسع لشل العقل والرؤية عن الفرز الصحيح بين الثورات الحقيقية والثورات المزيفة.
>>>
* أولاً: جاءت حرب العدوان الاسرائيلية على غزة والتى انطلقت فى 7/10/2023 ولاتزال أحداثها ودماؤها مستمرة وثقيلة للغاية جارية.. والاخطر لايزال الاخوان والدواعش بعيدين عنها رغم أنهم كانوا حاضرين وبقوة فى أحداث الربيع العربى أو العبرى – سيان -.. إن (فلسطين( كانت ولاتزال تأتى فى المرتبة الأخيرة من اهتمام الدواعش والاخوان.. ترى ما السبب هل لأنهم منذ البداية لا يرونها سوى (أداة للوصول للحكم والتقرب من واشنطن( وهو عين ما جرى خلال أحداث فلسطين كلها وخلال أحداث غزة الأخيرة -؟! ونسأل – أيضا – ترى كيف جرى التأثير والتأثر، بين هذه الأركان الثلاثة (فلسطين – الثورات – واشنطن)، وما الانعكاسات الحقيقية له على أرض الواقع؟ خاصة مع وضوح الاختراق الغربى الكبير لهذا الربيع العربى والنجاح تقريباً فى حرفه عن مساره الصحيح ، مسار التغيير للأفضل بالنسبة للشعب العربى وللحقوق العربية الثابتة والمقاومة العربية الصحيحة ضد الهيمنة الإسرائيلية والغربية، وأضحى ربيعاً غربيا بامتياز!.
* إننا نرصد ونحلل أبرز السلبيات والإيجابيات فى مرحلة ما بعد (الثورات( على القضية الفلسطينية والدور الخبيث لواشنطن وركائزها فى المنطقة وبعض المتأسلمين من قوى التيار الإسلامى وعلى رأسهم الاخوان تحديدا – الذى كان متشددا ومنتشرا فى بلاد الربيع العربي؛ فى سرقة الثورات وتوجيهها فى الاتجاه المعادى لروح الثورات الحقيقية لتصبح ثورات ضد المقاومة ومع إسرائيل، ثورات أسقطت عن عمد من حساباتها ؛ فلسطين ولعقود طويلة قادمة، ومن لا يعى ذلك عليه أن يعيد قراءة موقف الاخوان والدواعش من أحداث غزة الاخيرة؟ وكيف أنهم صمتوا صمت الخرفان رغم المذابح الصهيونية البشعة ورغم أن نصف هذه المذابح كانت تحركهم فى أفغانستان والبوسنة ولا تحركهم اليوم وكان موقف النظام الحاكم فى مصر وسوريا ضد (الحريات) المزعومة إبان التسعينيات والالفية الاولية.. بدفعهم للارهاب. (وللثورات المزعومة).. فما بال المذابح فى فلسطين لا تحركهم ولا تدفعهم للقتال والعنف ضد الصهيوني؟ ما لهم صامتون هكذا ويلقون بالمسئولية على غيرهم؟ أين ذهبت قوتهم وأعدادهم الغفيرة (300 الف منهم ذهب الى سوريا- الاسد ليقاتل والآلاف الى سيناء ليصنع داعش( أين هم من مذابح غزة؟.. واضح الان أن الذى كان ولايزال يحركهم هو الغرب يومها فى 2011 طلب منهم الثورة والتغيير فلبوا.. واليوم (2024) طلب منهم (الصمت والسكوت( رغم دموية ما يجرى فى غزة.. فصمتوا.. ثم إذ بهم يلقون المسئولية على حكام العرب!! رغم عمالتهم التى بانت الان شديدة الوضوح للغرب وواشنطن تحديداً!.
ثانياً: نعتقد أن النتيجة النهائية لما اصطلح على تسميته بالربيع العربى كما عشنا – ولانزال نعيش – وقائعه منذ ثورة تونس وحتى أحداث سوريا والبحرين مروراً بمصر وليبيا واليمن – هى سقوط القضية الفلسطينية من أجندة الذين انتصروا فى هذه الثورات – نقصد الاخوان تحديدا – وتولوا الحكم وتراجعها خطوات طويلة للخلف ، بل وربما التآمر عليها ومحاولة تدجين وترويض بعض حركات المقاومة المسلحة لتتحول إلى مقاومة سياسية بلا طعم ولا رائحة فى وطن محتل بالكامل، إن المؤرخ المنصف لتطور الأحداث فى ثورة مثل مصر – على سبيل المثال – يجد أن من وصل فيها إلى الحكم وافق على التطبيع مع إسرائيل مع الاعتماد على دول الخارج وهو ما يعنى تحديداً إعادة إنتاج نظام التبعية بلحية وقشرة إسلامية، وسقطت فلسطين تماماً من سلم الأولويات، حتى القضايا ذات البعد الإنسانى مثل قضية العودة سقطت وباتت موضوعاً للمزايدة إرضاء لواشنطن وتل أبيب (لنتأمل تصريحات الاخوان فى سنوات 2011 – 2012 بشأن فلسطين!).
>>>
ثالثاً:* خلاصة القول وبعد أحداث غزة الكاشفة والتى عرت الاخوان والدواعش وأظهرت عمالتهم المبكرة للغرب وصمتهم المخزى على ما يجرى هناك.. فى غزة باسم الدين الذى هو منهم براء.. أن (الإخوان والدواعش) هم حلفاء للغرب وهم شركاء – ولو بالصمت – فى مجازر إسرائيل فى غزة.. إن مستقبل فلسطين (القضية والوطن( فى الحراك الواسع الذى أنتجته ثورات ما سمى بالربيع العربي، يحتاج إلى إدراك أن الحرية الحقيقية للامة لن تتحقق سواء فى فلسطين أو غيرها سوى بالمقاومة، وبتميزها عن مسار الارهاب بالاجر الذى يسير فيه (الاخوان والدواعش( وهو مسار أسقط فلسطين تماما من حساباته وسيجعلها دائما ورقة للوصول للحكم ولو على جثة (فلسطين)!