نتحدث كثيرا عن الصورة الذهنية لمصر فى الخارج، وتم تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات تحت هذا العنوان الكبير والمثير للانتباه وتحدث الخبراء والمفكرون وكتبت المقالات وأجريت اللقاءات التلفزيونية حول أهمية وحتمية رسم الصورة الذهنية لمصر وانصب الاهتمام على أعين الخارج، ولا يمكن أن تجد معارضا أو منتقدا لهذه الأفكار العظيمة، ووسط هذا الزخم قفز إلى ذهنى سؤال بسيط جدا ويمكن من شدة بساطته أن ينالنى قسط من السخرية على ما أبدو عليه من ضحالة وتفاهة، السؤال هو «ما الصورة الذهنية التى نطالب جميعا برسمها لمصر؟» هل المطلوب ان نصدر صورة مصر الحضارة والتاريخ والأهرامات وأبو الهول والآثار؟ أم المطلوب نصدر مصر الحديثة القوية المتقدمة؟ أم يتم التركيز على مصر ذات المكانة السياسية الفاعلة فى الإقليم وبأنها رمانة الميزان فى المنطقة وبدونها سيتحول الشرق الأوسط إلى «خرابة»؟ ام يجب أن تكون الصورة الذهنية الملائمة لمصر أنها بلد السلام والأمن والأخوة والصداقة والطيبة والتعايش السلمى مع الجميع؟ وهل يمكن ان تكون الصورة المطلوبة لمصر هى التنوع الثقافى والدينى وهضم الخلافات؟ ام أن صورة مصر الأكثر ملاءمة يجب أن ترتبط بقوتها الناعمة من موسيقى وغناء ومسرح وسينما وكتابة وثقافة وصحافة ونحت وتصميم وموضة؟ أم يجب أن تكون الصورة للأزهر متعانقة مع الكاتدرائية لرسم صورة تعكس وحدة الشعب وترابطه وتنوعه؟ وهل تكون المدن الذكية الجديدة والعاصمة الادارية الجديدة وممشى أهل مصر وأنفاق قناة السويس وقناة السويس الجديدة والطرق والمحاور المرورية التنموية وكذلك الموانى والمطارات هل يمكن ان تكون هذه التوليفة هى الصورة التى يجب ان ترسم وتسوق وتصدر؟ وهل يمكن ان تكون الصورة الذهنية مرتبطة بالشعب وتنوعه وكفاحه وصبره ووعيه للحفاظ على بلده؟ هل يجب ان تكون المؤسسات الراسخة فى الدولة هى عنوان الصورة الذهنية لهذه الدولة؟ هذه الاسئلة المتعددة تحتاج إلى اجابات بسيطة تمثل فيما بينها اجابة على سؤالى الأبسط والذى طرحته فى البداية: «ما الصورة الذهنية التى نريدها؟» هذا السؤال يحتاج إلى اجابة واضحة يرسمها لنا الخبراء والمعنيون ونتفق جميعا على الإجابة لتكون امام أعيننا جميعا ونحن نرسم صورة مصر فى الخارج والداخل كذلك، نريد وضع التصورات والماكيتات والنماذج ونتفق عليها وبعدها نبدأ فى نسج ورسم تلك الصورة وهذه قصة أخري.