سُنَّةٌ حسنة وابتكار عبقرى وإيمان بدعم القوة المصرية الناعمة فى مجال القرآن الكريم.. تلك الأوصاف تجتمع فى مسابقة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم التى يرصد لها شيخ الأزهر د.أحمد الطيب مكافآت مالية تبلغ 25 مليون جنيه يتم توزيعها على المتسابقين حسب مستوى الحفظ والترتيل ، المسابقة تشمل أربع مستويات الأول : حفظ القرآن الكريم كاملاً مرتلاً بأحكام التلاوة مع حسن الأداء، والمستوى الثاني: حفظ القرآن كاملا، والثالث حفظ 20 جزءا من القرآن، والرابع فإنه فى حفظ 10 أجزاء من القرآن، وكل مستوى من المستويات الأربعة به 10 فائزين ليصبح المجموع 40 فائزا، وهذه المسابقة لاتقتصر على طلاب المعاهد الأزهرية بل يمكن المشاركة فيها لطلاب التعليم العام.. لا تقتصر الجوائز على المتسابقين بل تمتد إلى مشايخهم المسئولين عن تحفيظهم كتاب الله تعالي.. «الجمهورية» حاورت عددا من الفائزين فى مختلف المستويات.. والذين كشفت حواراتهم أن مصر الخير بها دائم مستمر طالما وجدت هذه العزائم من الشباب والآباء والأمهات الذين يحرصون على تعليم أولادهم الإرادة التى تجعلهم يستسهلون المتاعب ويتجاوزن المصاعب.
هبة : حققت التفوق بعدما عاهدت
والدها بمقابلة شيخ الأزهر
هبه عبدالجليل الجيوشى برهان قرية الشعراوى مركز حوش عيسى محافظة البحيرة طالبة بالصف الثانى الإعدادى معهد فتيات الشهيد عبدالمنعم رياض، التحقت بالكُتَّاب فى الرابعة من عمرها بمجمع الفرقان، والدها مقيم شعائر بوزارة الأوقاف ووالدتها ربة منزل، بدأت الحفظ بقصار السور، كانت تتنافس مع أخواتها: غادة وزينب ومحمد ، ومنذ اليوم الأول لها فى مسيرتها بحفظ كتاب الله تعالى عاهدت هبة والدها بأن تجعله يقابل الإمام الأكبر شيخ الأزهر، وظن والدها أن هبة تحكى عن أمنيتها الشخصية، وظلت تواصل مطاردة الحُلم بأن تجعل والدها يقابل الإمام الأكبر حتى سمعت عن مسابقة الطيب فى حفظ القرآن الكريم، وسارعت بالتقدم وحجزت أحد المراكز الأولى ليتحقق حلمها وتلتقى ووالدها بشيخ الأزهر الذى قال لها: لو كنت أعلم أمنيتك لأتيت إليك فى منزلك حتى أحقق لك ما تريدين، وعن حلمها الوظيفى تأمل أن تكون طبيبة متخصصة فى مجال الباطنة والجراحة حتى تفتح عيادة مجانية بأجر رمزى لأبناء قرية الشعراوي.
بظاظو يتحدث 3 لغات ويتمنى إنشاء تطبيق إليكترونى للمساعدة فى التحفيظ
عبدالرحمن عبدالله محمود محمد بظاظو 14عاما يعشق كرة القدم لكنها لا تتفوق عنده على عشقه لحفظ كتاب الله تعالى يحصل المركز الأول فى التعليم حيث يدرس بالصف الثالث الإعدادى بمدينة سنهور المدينة مركز دسوق محافظة كفر الشيخ، يملك الفصاحة فى الحديث وكأنه مولود خطيب بارع، ويتقن الإنجليزية والفرنسية لأن والده يعمل فى التوجيه الإنجليزى ووالدته تجيد الفرنسية، يستمتع عبدالرحمن بإجراء مسابقات وتنافس بين زملائه فى التلاوة وإتقان الحفظ، ويجمعون المتشابهات والملتبسات فى الآيات والسور القرآنية ثم يطرحونها على هيئة أسئلة، وكان يتميز عليهم فى كل مرة، عبدالرحمن يملك حلما كبيرا فهو يريد أن يعمل على إنشاء تطبيق إليكترونى يساعد المبتدئين على حفظ كتاب الله تعالى من خلال منهج يومى وتذكير وقتى يتم ضبطه حسب الموعد المتاح للشخص، ويمكنه أن يسمع من الشخص التلاوة التى يتلوها ويصحح له الخطأ، ويكرر معه التلاوة حتى يضبط المعنى مثل شيخ الكُتّاب، ويطمع بظاظو أن يكون هذا التطبيق موجها إلى الغرب حتى يتمكن مسلمو الغرب من حفظ كتاب الله تعالي، ومتمنيا أن يكون التطبيق وفق صوت الراحل الشيخ محمد صديق المنشاوى الذى يمثل معشوقه الشخصي، ويصفه بـ «صانع السعادة»، عبدالرحمن يؤمن بأن المسابقات ليست هدفا فى ذاته بل إنها مجال للتنافس فى الخير، مشيدا بتعامل الإعلام مع حفظة القرآن بتكريمهم كنماذج مثالية حتى يبعثوا الغيرة المحمودة فى قلوب الآخرين ليقتدوا منهجهم ويسيروا على طريقهم.
أمانى تحلم بعلاج الفقراء مجانا ..
وقراءة القرآن بصوت الحصرى فى الحرم النبوى
أمانى رجب عبدالهادى طالبة الصف الثانى الثانوى القسم العلمى أبنة قرية طنطا الجزيرة مركز طوخ محافظة القليوبية يعمل والدها فى مجال المحاسبة، ووالدتها ربة منزل، وقد حرص الوالدان على تحفيظ جميع أبنائهم كتاب الله تعالي، وقد بدا ارتباط أمانى بكتاب الله تعالى منذ الرضاعة درجة أن والدتها كانت تجدها تبكى فتقوم بتشغيل القرآن الكريم بصوت الشيخ الحصرى بجوارها فتجدها تتوقف عن البكاء، وكان هذا مثار استغراب لدى والديها، ومنذ بدأت التمييز قامت والدتها بتحفيظها قصار السور، لكن والدها لاحظ فيها نبوغا فى الحفظ درجة أنها كانت تحفظ وراء قراء المصحف المُرَّتل خاصة الشيخ الحصري، فقام بإرسالها إلى مكتب تحفيظ القرية، وخلال عامين كانت حفظت القرآن كاملا وهى فى سن الــ12 عاما، وبعدها انتقلت إلى الإتقان فى التلاوة ومعرفة أحكام القراءة، وقد ساعدها القرآن على النبوغ حيث حققت المراكز الأولى أثناء الدراسة حتى أصبحت فى القسم العلمى وتحلم أن تصبح طبيبة قلوب وتعالج البسطاء مجانا، وأن تتلوا القرآن فى الحرم النبوى بصوت الشيخ الحصرى معشوق حياتها.. أمانى حتى هذه العُمر لا يوجد لديها حساب على السوشيال ميديا، ولا علاقة لها بالهواتف الحديثة وتقضى يومها بين الصلاة وقراءة القرآن ومطالعة المواقع العلمية وشراء الكتب والموسوعات الفقهية والطبية.
مودة .. خصصت جائزتها لشراء ورشة حدادة لوالدها
مودة السباعى من منشية البدوى مركز طلخا طالبة بالصف الثانى الإعدادى بمعهد منشية البدوى فتيات، تحكى أن والدها يعمل فى مهنة الحدادة، وذات يوم قبل أن يتزوج استعصى عليه شيء فى عمله بتصنيع الحديد، ونال منه الإرهاق الذهني، وأثناء ذلك سمع الشيخ عبدالباسط عبدالصمد يقرأ من سورة النمل قول الله تعالي: «وأَلَّنْاَ له الحديد» فقام منتفضا وكأن الخطاب يناديه وظل يكرر الآية على الحديد المستعصى أمامه فوجده يلين فى يديه ببركة نور القرآن الكريم والثقة فى قدرة الله تعالي، ومنذ تلك اللحظة نذر لله إن رزقه أولادا أن يهبهم ليحفظوا القرآن الكريم، وتمضى السنين ويتزوج الاب بسيدة ربة منزل، وعلى قدر النوايا تأتى العطايا، فقد رزقه الله مودة، فطلب من أمها أن تجعلها مهمتها الأساسية بأن تذهب بها فور قدرتها على النطق إلى كُتَّاب قرية منشية البدوى منذ كانت فيسن الحضانة وعمرها ثلاث سنوات، وكانت لديها ملكة حفظ أذهلت الجميع حينما استطاعت حفظ القرآن فى عام ونصف العام، واستغرق إتقانه فى الأحكام معها عاما، وبدأت رحلتها فى المسابقات الدولية حيث شاركت فى مسابقة رابطة العالم الإسلامى تحت سن 10 أعوام، وحصدت المركز الأول، كما حصدت المركز الأول فى مسابقة بنك فيصل، ولم يفارقها المركز الأول فى مختلف مسابقات الجمهورية، تحكى مودة أن حفظ القرآن مشروع مثل أى مشروع لا بد له من مقومات حتى يحقق النجاح، موضحة أن نجاحها كان قائما على رغبة من الوالدين وتحفيز وتوفير أسباب النجاح إضافة إلى وجود دار لتحفيظ القرآن بمنشية البدوى يقوم عليها مجموعة من مشايخ القرية ويديرها د.محمد سرور، وهذه الدار لها منهجية مختلفة فى التحفيظ حيث تقوم بعمل دورة صيفية تبدأ منذ الصباح وتنتهى حتى العصر، فمنذ يدخل الطالب دار التحفيظ صباحا لا يغادرها سوى بعد صلاة العصر، وطيلة هذه الفترة هناك ألوان مختلفة من التعليم على فنون وأساليب الحفظ، وكلما وجد القائمون على الدار قدرة لدى الطالب تعلى الاستيعاب يمدونه بالمزيد من المقرر حتى يضبطوا قدرته الاستيعابية، ويستمر القياس لتلك القدرة عدة أيام حتى لا تكون مجرد أمر طارئ أو عارض، ويقدمون الطعام للتلاميذ مجانا وهناك فترات من الراحة التى يمارس بها الأطفال الألعاب التى تكسر حدة الملل عندهم.
تبذل مودة جهدا خارقا من أجل الوصول بمستوى الأختين رحمة بالصف الخامس الابتدائى وآلاء بالصف الثالث الابتدائى حيث تطمع أن تذهب بأختيها للمشاركة فى مسابقة القرآن العالمية بمكة المكرمة، وبعدها تشارك فى مسابقة الأسرة القرآنية حيث تطمع أن تجمع تلك الجوائز لتساعد والدها على افتتاح ورشة حدادة خاصة به، تأمل مودة أن تصبح طبيبة هى وأختيها ليكون والدهما أبو الدكاترة.
ابن باروط يساعد والده فى الزراعة ويحفظ بالقراءات
عبدالرحمن محمد صلاح طالب بالصف الأول الثانوى من باروط محافظة بنى سويف والده يعمل مزارعا، التحق بأحد كتاتيب قريته منذ السادسة من عمره وأتقن الحفظ، وأخذ إجازة القراءة برواية حفص عن عاصم، ورواية نافع، يحرص عبدالرحمن على مساعدة والده فى الأعمال الزراعية خلال الإجازة صباحا، وعقب الظهر يذهب إلى الكُتّاب حتى بعد العصر، ثم يعود إلى منزله يراجع ويحفظ ما أخذه على يد الشيخ فى الكُتَّاب، وبعدما حقق عبدالرحمن حالة تفوق فى الحفظ بدأ يتولى مسئولية رعاية أخيه بالصف الثانى الإعدادى الذى أوشك على إتمام حفظ كتاب الله تعالي، معلنا أن الله تعالى منحه المكافأة بمقابلة فضيلة الإمام الأكبر الحُلم الذى يراود كل مسلم على وجه الأرض.
مريم ابنة أسيوط:
أتقنت القرآن فى السابعة والنصف
مريم كمال حسن من قرية دكران مركز أبو تيج اسيوط تبلغ من العمر 11 عاما، والدها يعمل سائقا بالأجرة، لكنه منذ رزقه الله بأولاده حريص على تحفيظهم كتاب الله تعالي، وأكبر أبنائه مريم حين بلغت سن التمييز فى السادسة من عمرها ذهب بها إلى كُتَّاب القرية، وهناك تسلمها الشيخ محمد حسانين الذى وجد فيها قبولا للحفظ بصورة مختلفة عن باقى تلامذة الكُتَّاب، فكان يعطيها الواجب المقرر حفظه من الآيات لكنها كانت ترفض العودة إلى منزلها وتظل جالسة وخلال دقائق تعلن للشيخ بأنها قامت بحفظ المطلوب، وقد أبدى شيخها استغرابه مما قالت، فأقدم على اختبارها وبالفعل وجدها حافظة بإتقان فقام بزيادة المنهج المطلوب من الآيات لكنها كانت تفاجئه كل مرة بالحفظ، وخلال عام ونصف العام أتمت مريم حفظ القرآن كاملا فى سن السابعة والنصف، مما جعله ينقلها إلى مرحلة الإتقان لأحكام التلاوة وبينما هى فى التاسعة كانت مريم جاهزة للانطلاق فى المسابقات، وقد بلغ اتقان مريم درجة جعلت شيخها يقوم بتنظيم دورة مدة عشرة أيام كاملة للطلاب الذين يقوم بتحفيظهم كتاب الله تعالي، ولكن مريم تفوقت على الجميع حيث قامت بتسميع القرآن كاملا دون خطأ.
حنين تقوم بتحفيظ والديها
وإخوتها كتاب الله
منذ كان يحيى ذكى مدرس اللغة الإنجليزية شابا انحصر حلمه على أن يرزقه الله أولادا يحفظون كتاب الله تعالى ويصبحون أُسرة قرآنية، وبعدما عثر على زوجته العاملة فى تدريس اللغة العربية رزقه الله بثلاثة أبناء اكبرهم حنين طالبة فى الصف الثانى الإعدادي، وفى قرية على بن أبى طالب محافظة البحيرة بدأت أولى خطوات حفظ القرآن فى كُتَّاب الشيخ محمد أبوسنة بقرية الشعراوي، منذ كانت فى الصف الثانى الابتدائى وأتمت الحفظ خلال عامين، ووضعت لنفسها طريقة أطلقت عليها طريق الحديد، قاصدة أن تصل بمستوى الحفظ درجة تكون فيها نسبة الخطأ صفرا، فكانت تراجع يوميا 7 أجزاء، وظلت تراجع حتى وصلت درجة تسميع القرآن كاملا خلال 6 ساعات دون خطأ، مما جعلها تتصدر المسابقات فى المحافظة ومنها إلى مسابقة الإمام الطيب، وقريبا سوف تشارك فى المسابقة العالمية بمكة المكرمة، وعلى ذات الطريق يسير إخوتها أسيل ومحمد حيث يحفظان القرآن وتقوم حنين بالمراجعة لهما، بل إن حنين تقوم بتحفيظ والدتها ووالدها القرآن وتطبق عليهما القواعد التى تعلمتها فى كُتَّاب الشيخ أبو سنة، وتسعى حنين إلى المشاركة فى مسابقة الأُسَّرِ القرآنية التى تنظمها وزارة الأوقاف.
ابن ديرب نجم حفظ القرآن فى عام .. تلبية لرغبة أبيه
عبدالرحمن على حجازى من كفر الجندى مركز ديرب نجم محافظة الشرقية له قصة غريبة تكشف مدى التحدى والإصرار، فلم يذهب عبدالرحمن إلى كُتَّاب القرية كعادة الأطفال فى كفر الجندي، واكتفى أن يحفظ المقرر عليه من القرآن فى سنوات الدراسة، ولم تكن لديه طموحات أن يحفظ القرآن كاملا ، وظل على هذه الحال حتى الصف الثالث الإعدادي، وذات يوم جلس معه والده الذى يعمل بمديرية التربية والتعليم، قائلا له: لقد سمعت إمام المسجد يتحدث فى خطبة الجمعة بأن حافظ القرآن يرتقى والديه فى الجنة درجات، طالبا منه بأن يمنحه ذلك الفضل بين الناس، وحينها عاهد عبدالرحمن والده على تحقيق أمنيته، وبدأ حفظ القرآن قبل دخول الصف الثالث الإعدادي، فذهب إلى أبنة عمه الشيخة شهد السعيد حجازي، وخلال عام واحد أتقن حفظ القرآن قراءة وتجويدا ، وحصل على إجازة حفص عن عاصم من الشيخ محمد حسام جمعة، حيث كان يذهب إليه يوميا بقرية «المنحريت» وبعدها انتقل للحصول على باقى القراءات وهو حاليا يتعلم قراءة يعقوب الحضرمى وأبو عمرو البصرى على الشيخ خليل صالح عطيه، وحينما سمع عبدالرحمن عن مسابقة الإمام الطيب كانت لجنة المسابقة أغلقت باب التقديم، وأصابه ضيق شديد وقتها، لكن بعدها قامت اللجنة بفتح باب التقدم يومين، فأسرع شقيقه للتقديم له، وفاز فى التصفيات بالزقازيق ثم ذهب لمركز المؤتمرات وحصل فى هذه التصفيات على المستوى الأول.