تسبب الصمت العالمى تجاه انتهاكات الاحتلال بقطاع غزة فى تمادى إسرائيل وتوسيع انتهاكاتها فى الضفة الغربية، حيث تواصل القوات الاسرائيلية لليوم الثانى على التوالى عدوانها تجاه المدنيين الفلسطينيين فى محافظتى جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية، وهو العدوان الأوسع منذ اجتياح عام 2002، فيما انسحبت من محافظة طوباس.
وبحسب مصادر طبية فلسطينية، فقد أسفر العدوان على شمال الضفة الغربية عن استشهاد 17 فلسطينيًا بينهم 8 فى جنين، و5 فى طولكرم، و4 فى طوباس، وإصابة أكثر من 30 آخرين، ما يرفع حصيلة الشهداء منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 667 شهيدًا.
ففى طولكرم شمال الضفة المحتلة، وسعت قوات الاحتلال عدوانها ليشمل مخيمها إلى جانب مخيم نور شمس، وداهمت عشرات المنازل فيه وأخضعت عددًا كبيرًا من الفلسطينيين للتحقيق الميداني، فيما تواصل حصار مخيم نور شمس وتغلق مداخله كافة مع اقتحام المنازل وتفتيشها.
وفى جنين، واصلت قوات الاحتلال حصار المدينة، واقتحام الحى الشرقى منها، كما دفعت بتعزيزات عسكرية، إلى محيط مخيمها وسط اندلاع مواجهات عنيفة، وسماع دوى انفجارات بين حين وآخر.
وقال محافظ جنين كمال أبو الرب لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، إن الوضع صعب، ولا تزال قوات الاحتلال تحاصر المدينة ومخيمها وتغلق الطرق الواصلة إليها. وأضاف أن قوات الاحتلال تواصل تدمير مركبات المواطنين وممتلكاتهم، وتجريف الشوارع والبنية التحتية، ومداهمة المنازل والتنقل من منزل إلى الآخر فى المدينة والمخيم.
وأشار إلى أن قوات الاحتلال أجبرت عددًا من المواطنين على إخلاء منازلهم وأخبرتهم بعدم العودة إليها قبل أربعة أيام، وحولتها إلى ثكنات عسكرية.
وقال مدير مستشفى جنين وسام بكر إن آليات الاحتلال لا تزال تتمركز على مداخل المستشفى وتضع سواتر ترابية فى الشوارع المؤدية إليه. وأضاف أن التيار الكهربائى لا يزال مقطوعًا عن أجزاء كبيرة من شوارع جنين والمخيم بما فيها المستشفى الحكومي، وأن المستشفى يعتمد حاليا على المولدات الكهربائية.
وتابع: «نعتمد حتى الآن على مخزوننا من الوقود لتشغيل أقسام المستشفى وغرفه، وبالنظر إلى انقطاع المياه عن جنين فإننا نلجأ إلى خزان المياه الموجود فى المستشفي، حيث يتوفر فيه حتى الآن نصف سعته. وأشار إلى أن قوات الاحتلال تعوق عمل الطواقم الطبية وتواصل التدقيق فى البطاقات الشخصية للمرضى الداخلين إلى المستشفى والخارجين منه.
فى الوقت نفسه، أعلنت إسرائيل اغتيال قائد كتيبة طولكرم محمد جابر «أبو شجاع» و4 آخرين . كما أكدت حركة الجهاد فى بيان أمس اغتيال أبو شجاع، قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، وأحد مؤسسيها الأوائل.
وبسبب العدوان الاسرائيلى فى الضفة، أعلنت شركتا الاتصالات الفلسطينية و»أوريدو» انقطاع الاتصالات وشبكة الإنترنت عن محافظة جنين. وأوضحتا فى بيانين منفصلين، تضرر المسارات الرئيسية والاحتياطية المغذية لشبكة الاتصالات فى محافظة جنين، بسبب تدمير الاحتلال الواسع للبنى التحتية.
كما أوضحت غرفة العمليات المركزية التابعة للهلال الأحمر، فقدان الاتصال بمركز إسعاف جنين وطواقمه بشكل كامل، حيث تفيد الأنباء بانقطاع شبكة الاتصال الخلوي، وكذلك الأرضى وشبكة الإنترنت، بالإضافة الى توقف أجهزة الإرسال اللاسلكى أيضاً.
من جانبه، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، قيام القوات الإسرائيلية بعمليات عسكرية واسعة النطاق فى محافظات جنين وطولكرم وطوباس شملت شن غارات جوية مما أدى إلى وقوع خسائر فى الأرواح، بما فى ذلك بين الأطفال وإلحاق ضرر بالبنية التحتية المدنية، ودعا إلى وقف فورى للعمليات.
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، دعا الأمين العام، إسرائيل إلى الامتثال لالتزاماتها ذات الصلة بموجب القانون الدولى الإنسانى واتخاذ تدابير لحماية المدنيين وضمان سلامتهم، وحث قوات الأمن الإسرائيلية على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم استخدام القوة المميتة إلا فى حال عدم التمكن من تجنبها من أجل حماية الأرواح.
وأعرب الأمين العام، عن قلقه العميق أيضا بشأن الأفعال والتصريحات الخطيرة والاستفزازية الأخيرة التى أدلى بها وزير إسرائيلى فى الأماكن المقدسة بالقدس. وشدد جوتيريش على أهمية الحفاظ على الوضع الراهن لتلك الأماكن. وقال: «فى نهاية المطاف فإن إنهاء الاحتلال والعودة للعملية السياسية ذات المغزى التى ينتج عنها تحقيق حل الدولتين هما السبيل الوحيد لوضع حد للعنف». وأضاف أن الأمم المتحدة ستواصل العمل مع جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف والسعى لتهدئة تصعيد الوضع الراهن وتعزيز الاستقرار فى المنطقة.
فى سياق متصل، قال المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان إن العملية العسكرية الواسعة التى أعلن عنها الجيش الإسرائيلى فى شمال الضفة جزء من العدوان الواسع والخطير الذى تشنه إسرائيل ضد الفلسطينيين، جنبًا إلى جنب مع عنف جماعات المستوطنين المسلحة، وتوسيعًا لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة فى قطاع غزة.
وتابع الفريق الميدانى للأورومتوسطى فى الضفة الغربية خلال الأشهر الأخيرة ارتفاع وتيرة ومستوى الانتهاكات الإسرائيلية بالقتل والاقتحام والتدمير، إلى جانب تمكين وتسهيل ارتكاب المستوطنين جرائم عنف ضد الفلسطينيين فى مختلف أرجاء الضفة الغربية، بما فى ذلك جرائم قتل وتهديد وتدمير الممتلكات المنقولة وغير المنقولة الخاصة وتدمير وسرقة المحاصيل الزراعية.
من ناحيته، قال المجلس الوطنى الفلسطيني، إن عدوان الاحتلال الإسرائيلى الواسع على الضفة الغربية يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولى والإنسانى والقيم والأخلاق الإنسانية، ووصمة عار ستلاحق من يغض الطرف عن جرائم الاحتلال.
وأضاف المجلس الوطنى فى بيان أن هذه الحرب العدوانية تساهم فى زيادة التوتر وتأجيج الأوضاع على الأرض، وتشعل المنطقة وتقضى على أى فرصة لتحقيق السلام العادل والدائم.