الترشيد فى الإنفاق العام وإعادة هيكلة النظم الاقتصادية والمالية الوطنية تمثل بعض المصطلحات الأساسية فى اقتصاد عالم اليوم، ومن ثم فمن الطبيعى جدا فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها اقتصادات العالم وبالتالى الاقتصاد المصرى ان يكون ترشيد الانفاق خاصة الحكومى إحدى الآليات المهمة التى يمكن اتباعها للتغلب على التحديات الناتجة عن تلك الأزمات، وأى حكومة فى العالم يهمها فى المقام الأول أن توازن بين إيراداتها ونفقاتها حتى تستطيع القيام بتنفيذ مهامها وخططها التنموية، وكذلك حتى تتجنب عجز الموازنة الذى يعنى أن إيرادات الدولة لا تستطيع أن تلبى نفقاتها.
إذن ترشيد الإنفاق الحكومى فى مصر هو أحد العوامل التى توازن بين الإيرادات والنفقات، وبالتالى فإن ضبط النفقات وإحكام الرقابة والسيطرة عليها والوصول بالتبذير والإسراف فيها إلى الحد الأدنى بالتوازى مع زيادة الكفاية الإنتاجية ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة بالتأكيد سوف يؤتى بثماره الايجابية على الجهة أولا ثم اقتصاد الدولة ككل.
الحقيقة أن حسن التعامل مع الأموال كسباً وإنفاقاً يعد من أهم عوامل الرشد الاقتصادى الذى أصبح ضرورة ملحة فى الظروف الصعبةالحالية، والبداية يجب أن تكون فى جميع هيئات وأجهزة الدولة الحكومية عن طريق ترشيد الإنفاق فى البدلات والمزايا المالية والعينية التى يحصل عليها كبار العاملين فى هذه الأماكن، وكذلك إزالة جميع أوجه الإنفاق غير الضرورى على الأثاث الفاخر واستهلاك المياه والكهرباء، ولا يستثنى من ذلك أى جهة خاصة بعد تصريح مسئول حكومى بارتفاع استهلاك محطات الكهرباء من المازوت لأكثر من 20٪ فى الفترة الأخيرة، وكذلك من الضرورى وضع ضوابط لكل من يأتى لتمثيل العاملين بتلك الجهات بالانتخاب حتى لا يدخل أحد من بوابات خلفية للوصول إلى مغانم غير شرعية، فالأصل أن المرشح فى خدمة من منحه صوته وليس أن يكون عبئاً عليه.
ولأن المسئولية مشتركة والظروف الصعبة قد فرضت على المواطن العادى ترشيد الإنفاق مجبرا لا بطلا من خلال اعتناق ثقافة الاستهلاك الذكى والالتزام بالموازنة الأسرية، إلا إن هناك أيضا شريحة من المواطنين يجب أن يتحملوا مسئوليتهم الوطنية تجاه قضية ترشيد الإنفاق بمكافحة النزعة الاستهلاكية السلبية للكماليات غير الضرورية بشكل استفزازى يثير الإحباط لدى الآخرين، ولأن الاصلاحات الاقتصادية تتطلب ليس فقط مكافحة التأثير السلبى للنمط الاستهلاكى المتضخم وتبعاته على الإنفاق الحكومى وإعاقته للتنمية الاقتصادية ولكن بإدراك دور المواطن الحيوى كعضو فى المجتمع فى ظل ما يمر به الاقتصاد العالمى من تقلبات وأزمات مختلفة.
كلمة فاصلة :
ببساطة.. الحفاظ على المال العام والإداراة الفعالة لجميع الموارد وترشيد الانفاق ومحاسبة من يفعل عكس ذلك أصبحوا فرض عين على كل وطنى شريف، وما المانع أن يتحمل المسئول الذى يحصل على مرتب وبدلات وحوافز فى بعض الأحيان خيالية نفقاته فى الانتقال إلى العمل والذهاب إلى المصايف والإقامة فى الفنادق وكذلك نفقات تجول زوجته وأبنائه وبناته فى الحل والترحال داخل الأسواق، وكفى تربحاً على حساب المال العام بطرق قانونية.