جاءت عملية الفجر التى أطلقها حزب الله اللبنانى فى اتجاه العاصمة الإسرائيلية تل أبيب الأحد الماضى لتشكل ثالث هجوم يتعرض له قلب إسرائيل بعد عملية المسيرة الحوثية والهجوم الإيرانى قبل شهور قليلة، ولنكتشف من خلال هذا المثلث العملياتى حقائق جديدة تتعلق بأمن إسرائيل، فرضتها الحرب على قطاع غزة والتطورات الاقليمية والدولية والتكنولوجيات العسكرية الحديثة، لتبقى المحصلة النهائية فى غير مصلحة تل أبيب التى تصور رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو أنه يستطيع وحده مهاجمة عواصم عربية دون أن يردعه أحد، فإذا بالصواريخ والمسيرات ترد عليه بأنه لا أحد بعيد عن مرمى النيران وأنه قد يأتى وقت على إسرائيل تتعرض فيه لهجوم «واسع» وسريع يدمر قواعدها العسكرية وبنيتها التحتية، قبل أن تنقذها حاملات الطائرات الأمريكية أو السفن الحربية الأوروبية.
عقدة إسرائيل أنها كيان صغير المساحة – لا يتجاوز بالأراضى التى تم الاستيلاء عليها فى العام 1967» ثلاثة وثلاثين ألف كيلو متر مربع»، تشكل هذه المساحة مثلثًا محدودًا لا تزيد المسافة بين ضلعيه فى أوسع نقطة عن 11 كيلو متراً، ما يسهل تنفيذ أى عملية عسكرية شاملة تستهدف عمق إسرائيل، ولهذا السبب لم يكن مستغربًا أن ينادى المرشح الرئاسى دونالد ترامب بتوسيع مساحة إسرائيل، فى خطوة معروف نوازعها والغرض منها باستقطاب أصوات اليهود فى الانتخابات الأمريكية، ولكن فى حال وصول ترامب للبيت الأبيض يجب ان ينتبه العرب لمثل هذه الأقاويل والتى قد تتحول إلى وعد على شاكلة وعد «بلفور» اللعين، بمعنى أن مقولة ترامب قد تأخذ طريقها إلى التنفيذ على حساب أراض عربية وفلسطينية.
هكذا هى الحالة الإسرائيلية التى تكشفت بدرجة كبيرة بعد عملية» طوفان الاقصي» التى نفذتها المقاومة الفلسطينية فى أكتوبر الماضى ردًا على الجرائم الإسرائيلية فى قطاع غزة وتسببت العملية فى إشعال أطول حرب فى الشرق الأوسط وفى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلي، وأسفرت عن النتائج التالية:
> نجاح المقاومة الفلسطينية فى توجيه أكبر إهانة لإسرائيل بعدما اثبتت هذه العملية المفاجئة إخفاق جهازى المخابرات العسكرية الإسرائيلية والمخابرات العامة فى احباط العملية الفلسطينية قبل وقوعها.
> كشفت العملية «هشاشة» الجدار الأمنى الذى بنته إسرائيل حول غزة، كذلك فشل المنظومة العسكرية والأمنية الإسرائيلية فى تأمين القطاع.
> كبدت عملية الطوفان إسرائيل خسائر بشرية جسيمة فى المعدات والأرواح ويقال إن الخسائر البشرية بلغت ضعفى خسائر إسرائيل فى حرب 1967.
> تمكنت المقاومة الفلسطينية من أسر العشرات من المدنيين والعسكريين الإسرائيليين، واولئك الأسرى يشكلون أحد المحاور الرئيسية فى مفاوضات وقف اطلاق النار فى غزة.
> فشلت إسرائيل فى تحقيق أهداف العدوان على غزة بما فيها القضاء على المقاومة الفلسطينية، وتهجير سكان القطاع وتصفية القضية الفلسطينية، وذلك رغم تدمير غزة واستشهاد واصابة عشرات الآلاف من سكانها.
> تسبب الفشل الإسرائيلى المتتالى فى اتباع تل أبيب سياسة الاغتيالات وكذلك انتهاك سيادة الدول، وكلاهما يهدد باتساع رقعة الحرب وحرمان سكان إسرائيل من السلام الذى عايشوه وتمتعوا به على مدى أكثر من أربعة عقود.
> أدى طول أمد الحرب على غزة إلى تعرض إسرائيل لخسائر اقتصادية ضخمة، كما بات الكيان الصهيونيى مهددًا بخطر العزلة الدولية وبالمزيد من الاضطرابات الداخلية.
فى الأخير، فإن سكان إسرائيل يدركون حاليًا أن حكومة نتنياهو تسببت فى العديد الخسائر والاهانات غير المتوقعة والتى تهدد أمن البلاد، وفى هذا السياق قال «دان نتنياهو» وهو قريب لرئيس الوزراء الإسرائيلي: إنه يشعر بالخجل لأن»بنيامين نتنياهو» ابن عمه ومن عائلته ولكونه يهمل ويدمر إسرائيل منذ سنوات أمنيًا واقتصاديًا، كما أن بنيامين يتعمد إحباط صفقة الأسرى خوفًا من الوصول لاتفاق بوقف اطلاق النار يؤدى لانسحاب اليمين المتطرف من حكومته، ومن ثم سقوط الحكومة وتعرضه للمساءلة بسبب تورطه فى قضايا فساد.
ما لم يذكره «دان نتنياهو» أن قريبه رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين» بات مجرم حرب وأنه يتوجب محاكمته على حرب الابادة التى يشنها على قطاع غزة وتعمده قتل النساء والأطفال.