لا يوجد تعريف محدد ومتفق عليه للذكاء الاصطناعي.. وهذه التكنولوجيا ليست جديدة بل معروف كعلم فى مصر والعالم منذ عشرات السنين – كما ذكر الخبراء – لكنه فى الفترة الأخيرة وتحديدًا فى السنوات الخمس الأخيرة أصبح حديث الكثيرين فى العالم.. لكن الحديث عن التطبيقات وليس العلم.. بل إن الكثيرين يتحدثون عن التطبيقات المستقبلية للذكاء الاصطناعي.. وهنا ثار جدل كبير حول إيجابيات وفوائد الذكاء الاصطناعي.. والسلبيات والآثار السلبية المتوقعة لهذه التطبيقات.
جدل مثير لكنه بلا هدف.. ولكى نحدد رؤيتنا للذكاء الاصطناعى وما له وما عليه لابد أن نعرف أولاً ما هو الذكاء الاصطناعي؟ وإذا كنا نعترف بعدم وجود تعريف متفق عليه فإن الأكثر قربًا للاتفاق هو أنه الآلات والتطبيقات التكنولوجية التى تستجيب للمحفزات بشكل منسق مع الاستجابات التقليدية للبشر أى بالمقارنة مع قدرة الإنسان على التأمل وتكوين الرأى وإصدار الأحكام.. وهناك أربع فئات حتى الآن للذكاء الاصطناعى منها اثنان يتعامل معهما وبهما الإنسان حاليًا والآخران تطبيقان تكنولوجيان يستعد الإنسان للتعامل بهما ومعهما مستقبلا.
والنوع الثانى أكثر تطورًا وهو «الذاكرة المحدودة» وهو قادر على تذكر التجارب السابقة وثم هذه الذكريات فى القرارات المستقبلية، وهناك «نظرية العقل» وهو أكثر تطورًا فى الذاكرة المحدودة حيث يمكن للذكاء اللاصطناعى طبقًا لنظرية العقل أن ينسب الحالات العقلية مثل المعتقدات والنوايا والعواطف والرغبة والمعرفة للآخرين.. والنوع الرابع «كما اتفقنا فهذا النوع وسابقه مجرد نظريات ولم يتم تطبيقها فى الواقع».
وهنا نجد أن تطور الذكاء خاصة طبقًا للنوع الثالث والرابع سيمثل خطرًا على البشرية، حيث يصبح الإنسان تحت رحمة الآلة ويقل الاعتماد على الإنسان ليس فقط فى الاستغناء عن وظائف كان البشر يعملونها بل الاستغناء كليًا على دور الإنسان فى أمور عديدة ووظائف متعددة والكثير من المهام وفى المقابل سيحدث تطور كبير للعقل الإنسانى والوعى الذاتى للإنسان وإذا كانت مكونات الذكاء الاصطناعى هى التعلم والتفكير وحل المشكلات والإدراك واستخدام اللغة وبذلك يتحقق منه الكثير لصالح البشرية.
وفى تقرير علمى أن الذكاء الاصطناعى له مميزات، منه أنه يسهل ويسرع خطوات كثيرة كانت تستهلك بدونه جهدًا ووقتًا كبيرًا ويساعد البشر على تطوير قدراتهم لمجابهة الذكاء الاصطناعي.. إلا أنه سلاح ذو حدين فهذا ما يؤدى إلى تطوير قدراتنا أو تدمير صحتنا النفسية.. وأشار نفس التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعى ربما يتسبب فى تدهور الصحة النفسية للموظفين الذين يعملون فى أماكن عمل تعتمد على هذه التكنولوجيا فيجدون أنفسهم فى حالة عزلة داخل مكاتبهم مع آلات وروبوتات فينعدم التفاعل الاجتماعى فيشعر الموظف بالعزلة والوحدة ويدخل فى حالة اكتئاب ذلك بخلاف أن الذكاء الاصطناعى يمثل تهديدًا لبعض المهن مما يخلق حالة خوف فى الفصل من العمل نتيجة إحلال الذكاء الاصطناعى محله ومن أخطر تأثيرات الذكاء الاصطناعى هو الاعتماد عليه وإدمانه والإفراط فى استخدامه مما يؤدى إلى قلق وتوتر الإنسان.
الخبراء اتفقوا على ضرورة وجود مبادئ أساسية لمواجهة هذه الأخطار وهذه المبادئ هى الشفافية والعدالة والسلامة والمسئولية وتطوير وتحديد هذه المبادئ طبقًا لما يحدث مستقبلاً.. ويرون أن الشفافية فى المبادئ الأساسية بحيث تكون الشركات والحكومات شفافة بشأن كيفية استخدام الذكاء الاصطناعى وبالنسبة لمبدأ العدالة فإنهم يؤكدون على ضرورة استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى بطريقة عادلة وغير تمييزية.. وبالنسبة لمبدأ السلامة فيؤكدون على أن تكون أنظمة الذكاء الاصطناعى آمنة وفعالة أما مبدأ المسئولية فيفرض على الشركات والحكومات أن تكون مسئولة عن أى ضرر يسببه الذكاء الاصطناعي.. ومن خلال تطبيق تلك المبادئ الأساسية فيمكن للإنسانية إنشاء إطار تشريعى قوى للذكاء الاصطناعى يضمن استخدامه لصالح البشرية وليس العكس.
من ناحية أخرى فإن الخبراء يؤكدون على ضرورة العمل الجاد لتقليل مخاطر الذكاء الاصطناعى مثل ضرورة الاستثمار فى التعليم والتدريب التكنولوجى فى هذا المجال وإنشاء مدارس ومعاهد متخصصة فى تعليم الذكاء الاصطناعى وإعداد برامج لتدريب العاملين فى هذا المجال إلى جانب وضع معايير وأخلاقيات لضمان استخدام الذكاء الاصطناعى بطريقة أخلاقية ومسئولة وإنشاء معايير عالمية للذكاء الاصطناعي.. وإذا تم ذلك فقد يتم تقليل المخاطر بل وقد يؤدى إلى تطبيق برامج الذكاء الاصطناعى بطريقة مسئولة وأخلاقية.
قد يسأل سائل: ولماذا كل هذا الجهد لمواجهة أفكار الذكاء الاصطناعى وقد تملك الدول إلغاءه تمامًا؟.. الإجابة تكشف عن فوائد عديدة لهذه البرامج وتلك الآلات حيث يرى الخبراء أن الذكاء الاصطناعى يبشر بتحولات جذرية اجتماعيًا واقتصاديًا وكلها تصب فى صالح المجتمعات.
ومن هنا نجد أن «رؤية مصر 2030» حددت من خلال استراتيجيتها أشارت إلى أهمية الذكاء الاصطناعى فى النهوض بالقدرات التقنية البشرية وتعزيز التحول الرقمى للاقتصاد المصرى مما يؤدى إلى الإسراع فى عملية التنمية مما أدى إلى تبنى مصر لاستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعى والتركيز على قدرات مصر التنافسية فى هذا المجال وفى كل المجالات مثل قطاع الصحة والقطاع الزراعى وجودة المحاصيل الزراعية وتعزيز النمو الاقتصادي.