قال طارق العوضى المحامى الحقوقى وعضو لجنة العفو الرئاسى والقيادى فى كتلة الحوار إن الدعوة الرئاسية لانطلاق الحوار الوطنى هى الضمانة لجدية ونجاح وانفاذ مخرجات وتوصيات الحوار.
وأضاف فى حوار مع «الجمهورية الأسبوعي» ان قرارات العفو الصادرة من الرئيس عبدالفتاح السيسى المتتالية تؤكد على فتح المجال السياسى وإعادة دمج الجميع على أرضية وطنية مشتركة خلال هذه الفترة.
وأثنى طارق العوضى على ما يدور فى جلسات الحوار الوطني، وقال ان كل ما يهم الوطن والمواطن تم طرحه على مائدة الحوار وبهدف الوصول إلى حلول مناسبة للواقع المصري، وتواكب قدرات وامكانيات الدولة.
وأشار إلى أهمية تنفيذ التوصيات الناتجة عن المناقشات وقال: «الحوار لا يكون إلا بين مختلفين وإن هذا الاختلاف فى الرأى يجب ألا يفسد للوطن قضية» وهذا نص ما دار معه من حوار:
> كيف ترى الحوار الوطنى بعد هذه الفترة؟
>> الحوار الوطنى تنبع أهميته من عدة أوجه، أولاً ان الدعوى إليه جاءت من رئيس الجمهورية، وهو ما يمثل أهم ضمانة لجديته ونجاحه، ومن ناحية أخرى كان توجيه الرئيس بتنفيذ كل المخرجات والتوصيات الصادرة عن الحوار الوطنى كما أنه رسالة طمأنة لجميع المشاركين فى الحوار الوطنى وأكبر دليل على جديتة وضمان تنفيذ مخرجاته وما يصدر عنه من توصيات. ومن ناحية ثالثة فان أهمية الحوار الوطنى انه جاء بعد فترة جفاء وقطيعة ساهمت فيها عوامل متعددة بين السلطة والقوى السياسية نظراً لما كانت تتعرض له البلاد من خطر الإرهاب، لذلك كانت أهمية هذا الحوار الذى يمثل دعوة للتواصل بين جميع القوة السياسية وبعضها البعض من ناحية ومن ناحة أخرى وبينها وبين السلطة وان يستمع الجميع إلى بعضهم من أجل خلق مساحات مشتركة نحو بناء دولة ديمقراطيه حديثة تؤمن بالتنوع والاختلاف وتدير اختلافاتها على حوار مجتمعى يستهدف صالح الوطن.
> ما دور الحوار الوطني.. فى تعزيز الحياة السياسية فى مصر؟
>> الحوار الوطنى اعاد الحياة السياسية المصرية مرة أخرى إلى الظهور على الساحة، بعد تغييبها لسنوات طويلة، وبرغم الاختلاف حول ترتيب الأولويات التى يجب مناقشتها بين المشاركين أو طلب ضمانات لجدية الحوار تتمثل فى الإفراج عن المحبوسين على ذمة قضايا رأي.. فان هذا الاختلاف وتلك الطلبات بذاتها هى حالة إيجابية فى المشهد السياسى المصري.
بمعنى ان الجميع اتفق على ضرورة وأهمية الحوار وتوقيته وضرورة الإسراع به مدركين خصوصية المرحلة وتأكيداً على رغبتهم فى عبور آمن إلى مرحلة سياسية مغايرة تشهد انفراجة سياسية وفتح المجال العام وإتاحة حرية الرأى والتعبير السلمي. وان كانوا اختلفوا فى التفاصيل والأولويات والضمانات إلا أن كل ذلك سواء اتفقنا أو اختلفنا يعكس أهمية الدعوة للحوار الوطني.
> وما هى أهم إنجازات الحوارحتى الآن؟
>> التوافق على أولويات العمل الوطنى المشترك فى المرحلة القادمة وتمثيل لكل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى والشخصيات العامة والاستماع إلى أفكار جديدة والحرص على الوصول إلى حلول لعدد كبير من القضايا المهمة والملحة والتى كانت مسكوتا عنها فى السنوات السابقة.
كما أن تواجد كل أطياف المجتمع المصرى بما يمثلون من اختلاف فى الرأى وتعارض فى المصالح وجلوسهم على مائدة واحدة جسد ممارسة فعلية لثقافة الاختلاف على ارضية وطنية مشتركة تراعى مصلحة الوطن والمواطنين فى المقام الأول.
لقد كان صدور العديد من قرارات العفو الرئاسى عن اعداد كبيرة سواء من المحكوم عليهم أو المحبوسين احتياطيا هو الإيجابية الأهم والأعظم للحوار الوطني، فقد صدرت قرارات بالإفراج عن اعداد من المحبوسين احتياطياً، قاربت على 2000 شخص، فضلاً عن صدور قرارات بالعفو عن اعداد كبيرة من المحكوم عليهم مثل المحامى والبرلمانى السابق زياد العليمي، والمحامى الحقوقى محمد الباقر، وغيرهم عشرات من الصادر بشأنهم أحكام نهائية.
وعكست تلك القرارات – «سواء اتفقنا أو اختلفنا حول الاعداد ومدى كفايتها» – جدية الدولة فى فتح المجال العام، واعادة دمج الجميع على أرضية وطنية مشتركة خاصة، وقد صدرت تلك القرارات جميعها تزامنا مع انعقاد الجلسات وقبل انتهاء المناقشات والخروج بالتوصيات.
ولولا الحوار الوطني، والإرادة السياسية الواضحة ما كان لمثل تلك القرارات ان تصدر، وان كنا نتفق مع رؤية القوى السياسية، حول ضرورة الإسراع فى إنهاء هذا الملف وتبييض السجون المصرية من كل سجناء الرأي.
لكن ما حدث ايجابية كبيرة وخطوة غير مسبوقة.. وهذا ما تؤكد عليه ونقول أنه إنجاز وتأكيد لإرادة حقيقية.
> وما هى أهم القضايا التى ناقشها الحوار الوطني.. وكيف تعاملت الدولة مع توصياته؟
>> قبل الحديث عن أهم القضايا التى ناقشها الحوار الوطنى يجب بداية توجيه الشكر والتقدير إلى أعضاء مجلس آمناء الحوار الوطنى «رئيساً وأعضاء» وكذلك الأمانة الفنية للحوار الوطنى «رئيساً وأعضاء»، على قيامهم بعرض جميع القضايا التى تهم الشعب المصرى الذى يتطلع اليوم إلى تحقيق حلمه المشروع فى تحول ديمقراطى سلمى نحو دولة مدنية ديمقراطية حديثه تعكس عملاً وواقعاً شعار وطن يتسع للجميع.
لقد كان ادراك إدارة الحوار الوطني، لمعنى مهم فى هذه المرحلة، يتمثل فى ان الشعب المصرى يتطلع إلى جلسات الحوار الوطنى وينتظر من المشاركين جميعا مخرجات موضوعية تزيل حالة الاحتقان السياسي، وتنزع خطاب الكراهية وترفع عن المظلومين آناتهم، فكان ادراك إدارة الحوار والدولة المصرية انه لن يتم ذلك، الا إذا توافرت الإرادة السياسية لتنفيذ تلك المخرجات وجعلها موضع التطبيق فى إطار من احترام الدستور والقانون.
لذلك فإن كل ما يهم المواطن المصري، وما يتطلع إليه أو يعانى منه هى قضايا مهمة طرحت على مائدة الحوار الوطنى بلجانه المختلفة ولم يكن الهدف فقط مناقشتها أو التوافق بشأنها بل كان كان الهدف هو الوصول إلى حلول يتم التوافق عليها وتناسب الواقع المصرى وقدرات وإمكانيات الدولة المصرية.
«كانت قضية الإشراف القضائى على الانتخابات الرئاسية المصرية» السابقة، هى أول اختبار للحوار الوطنى وجديتة ومدى مصداقيته، والتى نجح فيها الحوار الوطنى بامتياز وكذلك دعم القيادة السياسية حيث تم بالفعل الاستجابة إلى توصية الحوار الوطنى واستمرار الإشراف القضائي.
ومن ناحية ثانية كانت قضية «الوصاية على الأطفال» وما يترتب عليها دليل آخر على جديه الحوار الوطنى وصدق إرادة الدولة نحو المضى قدما فى استمرار حالة الحوار وتنفيذ مخرجاته. وكذلك انشاء مفوضية مناهضة التمييز.
واخيرا كانت مخرجات الحبس الاحتياطى وسرعة استجابة الرئيس فى التوجه لتنفيذها دليل آخر على جدية الدولة فى التعامل مع تلك التوصيات والمخرجات.
> ما هى الملفات التى تستحق الحوار حولها الفترة القادمة.. وأن تكون أولويات الحوار؟
> > من حيث المبدأ فإن قواعد الانصاف تقضى بالا تكون هناك أولوية لقضية على الأخري، فكل ما يهم الوطن والمواطن المصرى يعتبر ذات أولوية.
إلا انه يمكن الحديث عن قضايا عاجلة مثل الوضع الاقتصادى ورفع المعاناه عند أبناء شعبنا وضمانة حياة كريمة لكل مواطن مصري، من خلال إجراءات اقتصادية تحقق تدفق الاستثمارات والعملات الأجنبية وتفتح فرص عمل جديدة لتحقيق التنمية المستدامة.
كما ان قضايا «الحريات وانهاء ملف الحبس الاحتياطي»، يجب ان تكون على رأس الإجراءات التنفيذية العاجلة خلال المرحلة، وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسى وكذلك رئيس الوزراء وهو ما يعكس القناعة بهذا الأمر وأخيراً آرى ان تعديل قانون الانتخابات النيابية بغرفتيها النواب والشيوخ يجب ان يتم التوافق عليها سريعاً، حيث إن الانتخابات فى 2025، وهو ما يستلزم بالضرورة خلال تلك المرحلة وجود لجنة تواصل سياسى بين مجلس أمناء الحوار والحكومة من خلال ممثلين لكلا الطرفين للاتفاق حول الإطار الزمنى لتنفيذ المخرجات وكيفية جعلها موضع التنفيذ حتى نضمن متابعة تنفيذ توجيهات الرئيس عند إحالة التوصيات إلى الحكومة أو البرلمان.
> ما هو دور الدعم الرئاسى فى تحقيق نتائج ملموسة للحوار خلال الفترة الماضية.. خاصة توصيات الرئاسية حول الحبس الاحتياطي؟
>> فى هذا الأمر نعانى من فرق السرعات، فالدعم الرئاسى للحوار الوطنى واضح وظاهر بجلاء منذ إعلان الرئيس الدعوة إليه فى ابريل 2022 ووعده بتنفيذ كل ما ينتج عنه من توصيات، سواء استلزم الأمر تعديلات تشريعية أو قرارات تنفيذية أو توجيه للحكومة ومعالجة المشاكل، واعتقد ان هذا الدعم حتى الآن هو الطمأنة الوحيدة لجدية وضمان استمرارية حاله الحوار الوطني.
إلا أنه تظل اشكالية فرق السرعات بين التوجيهات الرئاسية والمؤسسات المعنية فى تنفذها واضحة للجميع.
> متى يبدأ الحوار الوطنى حول قضايا التعليم؟
– ناقشت لجنة التعليم فى الحوار الوطني، على مدار عدة جلسات قضية التعليم ما قبل الجامعي، توافقت على 17 توصية من شأنها استحداث مسارات جديدة للتعليم ما قبل الجامعى والاهتمام بالميول وبمهارات وقدرات الطلاب والتوسع فى التوأمة بين المدارس الحكومية والمدارس الدولية وعقد مؤتمرات ثانوية للتعليم وانتهت اللجنه إلى ما يقرب من 17 توصية.
ومن وجهة نظرى آرى ان مشاكل التعليم فى مصر مشاكل تاريخيه متراكمة، يتم التعامل معها بأسلوب المسكنات، أو تطبيق تجارب دول أخرى ربما لا تتناسب مع واقعنا وهو ما يؤدى إلى تغيير نظم التعليم كل عدة سنوات.
لذلك فان قضية التعليم تحتاج إلى حلول جذرية، يمكن لتوصيات لجنة التعليم ان تشكل المبادئ العامة الحاكمة لتلك الحلول التى تحتاج إلى تفاصيل ودراسات وأحصائيات، وصولاً إلى حلول جذرية لتلك الأزمة التى يعانى منها الوطن من سنوات عديدة.
> كيف يتم التعامل مع الملف الاقتصادى فى الحوار الوطني؟
>> الملف الاقتصادى يمثل حجر الزاوية فى كل أزمات وتحديات الدولة المصرية باعتبار ان الاقتصاد هو أول المتأثرين بالوضع الإقليمى والدولي.
وشهد المحور الاقتصادى فى الحوار الوطني، اقتحام المشاركين لكل ما يتعلق بالشأن الاقتصادى مثل «التضخم وغلاء الأسعار، الدين العام وعجز الموازنة والإصلاح المالي، الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، الاستثمارات الخاصة «المحلية منها والأجنبية، الصناعة، الزراعة وقضايا الأمن الغذائي، قضية العدالة الاجتماعية، وتحقيق الحياة الكريمة للمواطن، السياحة».
ونظراً لأهمية تلك المحاور فقد طلبت إدارة الحوار الوطنى من الحكومة الرد على العديد من الاستفسارات مثل الآليات المزمع استخدامها فى الأجل القصير لكبح جماح ارتفاع الأسعار المتوقع، وكذا الإجراءات التى يمكن أن تطبقها الحكومة لرفع هذا المعدل بما يتناسب مع متوسط دخل الفرد عندنا، والاستخدام الأفضل لما هو متاح من طاقات غير مستغلة على مستوى القطاعات المختلفة، وكذا الآلية الجديدة، إن وجدت، للتأكد من أن أولويات الانفاق الاستثمارى العام تتفق مع طموحات المواطنين والنمو الاحتوائى فى الأجل المتوسط، حزمة السياسات الجديدة التى سوف تتبناها الحكومة لتقليل التحيز للقطاع العقارى على حساب قطاع الصناعة، السياسات المزمع اتباعها لزيادة دخل ورفع إنتاجية الزراعة، وهل يمكن للتعاونيات أن تلعب دوراً فاعلاً فى هذه المسألة؟ وفى ضوء ما كشفت عنه الحرب فى أوكرانية ما هى إجراءات ضمان الأمن الغذائى لمصر، وفيما يتعلق بقطاع السياحة، ما هى خطة الحكومة للتأكد من عودة السائح لمصر مرة ثانية؟
وهى استفسارات مهمة لانها تقدم بيانات واحصائيات قامت بها الحكومة وهو ما يمكن المحور الاقتصادى من البناء عليها ووضع الحلول على ضوء بيانات صحيحة.
علينا جميعاً أن ندرك بأهمية حالة الحوار الوطني، وان ندرك بأن الحوار لا يكون إلا بين مختلفين وان الاختلاف فى الرأى يجب أن ألا يفسد للوطن قضية بل ما يحدث يؤكد ان مساحات الاتفاق بيننا أكبر كثيراً من مساحات الاختلاف.