أعتقد أن مما يضع أمريكا مع إسرائيل فى موقف محرج، مع هذه التكنولوجيا المتقدمة وأجهزة الأمن والمخابرات والمعلومات المتدفقة كالسيول، والمسح الجوى والتجريف الأرضي، أنهم غير قادرين حتى الآن على معرفة مكان الرهائن المحتجزين لدى حماس، بجانب الفشل «المشترك» فى كل محاولات تحريرهم، وما يزيد النتن ياهو حنقا وحمقا أن كل ما ما فعله من حماقات وإبادة ووحشية وتدمير لم يحقق هدفه بإعادتهم ولا حتى كسر المقاومة التى مازالت رغم مرور ما يقرب من أحد عشر شهرا تقاوم وتنفذ عمليات موجعة للكيان الصهيوني.
وبكل أسف، إن السفاح رئيس الحكومة المتطرفة قد أخذته العزة بالإثم، ويتوهم أنه يستطيع أن يمحو قطاع غزة من الوجود كما تفعل آلته العسكرية، وتزداد حماقاته مع طلعة شمس كل يوم عندما يتجدد فشله ويزداد حجم هزيمته، لأنه طبقا لكل المقاييس العسكرية وخبراء العالم فإنه رغم كل ما يحدث فإنه لا يستطيع أن يقول إنه انتصر فى حربه الغاشمة.
ولا أقول كلاما مرسلا من عندي، بل على لسان أحد المقربين من نتنياهو، ابن عمه المدعو «دان» الذى أكد أن نتنياهو يحبط صفقة الأسرى خوفا من انسحاب اليمين المتطرف من حكومته، ويعمل باستمرار على تقويض الديمقراطية، بتشريعات تضر باستقلال المحكمة العليا، والشرطة تستخدم العنف ضد المتظاهرين وعائلات المختطفين والقتلي، ويهمل ويدمر البلاد منذ سنوات أمنيا، ويسحق الاقتصاد.
وقال دان إن نتنياهو حوّل الليكود إلى مجموعة من البلطجية والمجرمين، وتخلى عن الضمان الاجتماعي، ويحبط بشكل متكرر صفقة إطلاق سراح المختطفين، والغرض من جميع أفعاله هو تمديد حكمه إلى أجل غير مسمى ورفض إنشاء لجنة تحقيق حكومية للتحقيق فى الأحداث التى أدت إلى اندلاع الحرب، واعترف دان بأنه يشعر بالخجل من أن رئيس الوزراء أحد أفراد عائلة نتنياهو.
وتتجلى البلطجة العبرية فى الهجوم القذر على المنظمات الدولية، وفى مقدمتها الأمم المتحدة بكل منظماتها التى تدين الممارسات الإسرائيلية، ولم يسلم أنطونيو جوتيريش الأمين العام من الشتائم والسباب بأبشع الألفظ والصفات، وكذلك المحكمة الجنائية الدولية.
وبالمناسبة، فقد طلب المدعى العام للمحكمة كريم خان من القضاة البت بشكل عاجل فى أوامر اعتقال نتنياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، وحث خان القضاة الذين ينظرون فى مذكرات الاعتقال المطلوب إصدارها بحق مسؤولين إسرائيليين على اتخاذ قرارهم بسرعة ودون تأخير.
ومما يزيد «الطين بلة»، أن إيران تلقت العديد من الضربات المهينة من تل أبيب واحدة تلو الأخري، وكل مرة يكون رد طهران مجرد تصريحات إعلامية نارية يخيل إلى العالم أنها ستمحو إسرائيل من الوجود وفى النهاية وكالمعتاد يتكرر الموقف والنتيجة «فنكوش»، مما يجعل إسرائيل تتمادى فى غيها وطغيانها، خاصة بعد أن أعلنت إيران عدة مرات عن منع الطيران فوق أراضيها وتدريبات عسكرية وغيرها من الاستعدادات، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن إسرائيل هى التى تدرس تنفيذ هجوم استباقى ضد إيران وتوجيه ضربة لها لردعها.
الغريب أن البعض يعولون على الانتخابات الرئاسية الأمريكية لإيجاد حلول لقضية الشرق الأوسط، لكن الحقيقة، وكما يبدو من التصريحات، فإن المرشحين لرئاسة الولايات المتحدة دونالد ترامب وكامالا هاريس يختلفان كثيرا فى معظم الملفات فى السياسة والقضايا الداخلية والخارجية، لكنهما يتفقان على دعم الكيان الصهيوني.
لذلك فإننى ويوافقنى الكثيرون هذا الرأي، أجزم أن أميركا ليست وسيطا ولا نزيها فيما يسمى بعملية السلام من قبل ومن بعد، وأن جميع إداراتها المتعاقبة تؤيد تل أبيب على أباطيلها وتدافع عن جرائمها وتحميها من جميع العقوبات، وخاصة باستخدام الفيتو فى مجلس الأمن وإحباط كل سبل إدانتها، مما يجعلها تعيث فى الأرض فسادا.