حدثتنى أمى عن رسائل بريد الجمعة للكاتب عبدالوهاب مطاوع وكيف كانت تشترى جريدة الأهرام من أجل قراءة رسائل بريد الجمعة؛ وكنت أقرأ من الحين للآخر بعضا من تلك الرسائل التى كانت من واقع الحياة لأكتشف حقيقة الحياة ودروسها الصعبة فهل من متعظ؟! فكل قصة من تلك الرسائل تشابه العديد من القصص الذين لم يملكوا شجاعة الإرسال؛ فهناك من القصص من سردها بدون نهاية منتظرين نصيحة ورأى عبد الوهاب مطاوع وهناك من سرد تجربته كاملة ليتعظ الجميع وهناك من من يقرأ القصة ليجدها متشابهة بقصته ويتبرع بإرسال النهاية ليتعظ المرسل ويعرف النهاية وينجو بنفسه.
معظم رسائل بريد الجمعة اجتماعية متعلقة بحالات الزواج والطلاق ومن وجهة نظرى حياة الشخص بتبتدى من اختيار صحيح وتنتهى عند الاختيار الخاطيء؛ ولكن متى نسمى الاختيار بأنه صحيح ومتى نطلق عليه خاطئاً؟! فالشخص عندما يختار يعلم وهو يختار بأن اختياره صحيح ودلائل ذلك الاختيار بأنه مقتنع بذلك قلبا وعقلا ويتوقع نتائج اختياره ويتقبلها ومستعد لتحمل العواقب ومواجهتها؛ فلا شيء اسمه اختيار خاطيء الا لو علم بذلك وجازف برغم ذلك فلا يلومن الا نفسه! فكل من تحدثوا عن تجاربهم السيئة نحو الزواج كانوا يعتقدون انهم اختاروا صح من وجهة نظرهم؛ فنشاهد فى كل الأفراح مدى سعادة الزوجين لاعتقاد كلاهما بأن اختياره صحيح وعقب الزواج يدعون انهم اختاروا خطأ رغم ان المصطلح الاوقع انهم اختاروا صح من وجهة نظرهم وكانوا يتوقعون حياة مثالية بعد الزواج مبنية على التمنى وليس الواقع! فعلى سبيل المثال من اختار زوجة لا يحبها ولكنه رأى انها مناسبة له كزوجة كان له الا يتوقع الحب بعد الزواج الا إذا كان هناك بوادر لذلك الحب؛ فاذا كانت مرحلة الخطوبة بلا مشاعر او سعادة فكيف يكون هناك حب او سعادة بعد الزواج؟! ومن تتوقع انها تزوجت شخصاً يحمل صفات سيئة على أمل انه يتغير بعد الزواج فهذا مجرد تمنى او محاولة منها قد تنجح وقد تفشل! فمرحلة اختيار شريك الحياة أهم مرحلة فى حياة الإنسان ومنها يتحدد شكل مستقبله العملى والعلمى والعاطفى والاسري؛ فكل شيء يظهر منذ البداية ولا أحد يصدم فيما أمامه بل كل شيء يكون واضحاً منذ البداية ولكن أحيانا الشخص يعيش على أمل التغيير؛ فالتريث والتأنى فى مرحلة الاختيار قد ترحمك من نهايات مؤلمة وعلى النقيض اختيار خاطيء قد يكلفك الكثير وتكون الخسارة بشكل فادح الانسحاب منذ البداية افضل من الاستمرار وخسارة كل شيء؛ فهناك كثير من الرجال والنساء مطلقين فى سن مبكرة ولديهم ابناء بسبب الاستمرار فى زيجة لا يريدها او ليس هناك توافق فكرى وروحى وعاطفى وعائلى وأشياء مشتركة بين الطرفين؛ فتريثوا عند الاختيار فلا تدفعك تجربة فاشلة للاندفاع بالزواج ممن لا تحبها لمجرد التشافي؛ ولا يدفعك كلام المجتمع للتسرع فى الزواج خوفا من العنوسة او عدم الإنجاب فالأطفال رزق من الله يهب لمن يشاء اناثا ويهب لمن يشاء ذكورا ويجعل من يشاء عقيما؛ فهناك من تزوجت فى سن مبكرة ولم تنجب وهناك من تزوجت فى سن متأخرة وانجبت؛ فهناك من تزوجت مبكراً واستمر زواجها سنوات قليلة وتم الطلاق أيضا مبكراً! وهناك من تزوجت فى سن متأخرة واستمر زواجها؛ فالعبرة ليس متى تتزوج بل ممن تتزوج زواجاً سعيداً تجد فيه الحب والمودة والرحمة وتكونون شركاء حياة وليس مجرد أزواج فالحياة تحتاج لشريك حياة يشاركك رحلتك تكتفى به ويكتفى بك لتنجبوا أطفالاً يشعرون بالحب الذى يجدونه بينكم ومن ثم ينتقل للأبناء ليصبحوا اسوياء نفسيا وليس كما يحدث اليوم الكثير متزوج على الورق فقط ويعيشون فى بيت واحد تعساء شبه منفصلين ويصبح لديهم أطفال معقدون ومرضى نفسيون؛ فالانجاز ليس الزواج فى حد ذاته بل فى الاستمرار فى ذلك الزواج وان تكون سعيداً وليس الإنجاز أيضا فى الإنجاب بل فى انجاب أطفال سعداء أسوياء نفسيا..