صدر المجلد الرابع من موسوعة الفروق الدلالية واللمحات البلاغية فى الذكر الحكيم الذى يتناول الجزء الرابع من القرآن الكريم ،وهو عمل جماعى شارك فيه ٩٣ متخصصا .يتناول القرآن الكريم كله انطلاقا من لغته التى كانت أول ما أعجز أرباب الفصاحة إلى درجة أن بعض الشعراء الأعلام فى ذلك العصر توقف عن قول الشعر تمامًا خجلًا أمام عظمة القرآن الكريم وبعضهم أسلم لأنه يستحيل أن يكون هذا الكلام الذى يتلوه محمد بن عبد الله من قول البشر وبعضهم ادعى – استكبارًا وعنادًاـ أنه من أقوال الجن وأنه سحر يأخذ بالالباب .
وهذا العمل الذى بين يدينا دليل عملى على أهمية العمل الجماعى الذى افتقر إليه فكرنا العربى رغم المناداة المستمرة به على مدى الأزمان ورغم وضوح أهميته سواء من خلال المنطق أو من خلال التطبيق العملي، فأبسط ما فى العمل الفردى من سلبيات هى عدم الوفاء بكل جوانب الهدف، فلا شك أن قدرات الفرد لا يمكن أن تحقق ما تحققه الجماعة .
وإذا أردنا أن نضرب مثلا على ذلك مما أشار إليه هذا العمل. ما جاء فى تقدمة الدكتور محمد محمد داوود فى تعليقه على تعدد الترجمات العربية لمصطلح cohesion والذى ترجمه البعض بالتماسك والبعض باللتئام والسبك والانسجام وغير ذلك، فيقول لأن كل مترجم ترجمها بما يتوافق مع توجهاته لذا حدث التضارب الذى من شأنه أن يربك الباحث».
لذا ظهر فى الفكر العربى ما يسمى « لا مشاحة فى المصطلح « ويعنى لا حرج أن يختار الباحث مصطلحًا ما لشيء ما بشرط تحديده تحديدًا دقيقا فى أول بحثه بما سموه تحرير المصطلح.أى تحديد معناه، حتى ولو استخدم غيره مصطلحات آخر لنفس المعنى ،وهو أمر يحمى القارئ من تصور ما لا يقصد الباحث، وهى مشكلة أحدثت جدلًا وسوء فهم واسع بسبب وصول المعانى للآخرين بغير ما يقصد المؤلف، فيتم الرد عليه والجدال معه، رغم أن كلا الرجلين يقصدن شيئًا واحدًا.
بدأ المجلد الذى يشارك فيه العالمان الجليلان: الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر الأسبق والدكتور محمد داوود أستاذ اللغويات بجامعة قناة السويس والداعية المعروف والمشرف على الاصدار ببحثين مهمين كتصدير المجلد .أما بحث الدكتور الهدهد فجاء حول « الاعجاز البيانى فى ترتيب المعاني.. دراسة جديدة فى الذكر الحكيم» حيث يتناول ترتيب المعنى الواحد تصاعديًا وتنازليا فى سور القرآن الكريم وما فى ذلك من تنامى المعنى والدلالة ثم يتناول ترتيب العموم والخصوص فى المعاني.
أما الدكتور داوود فقد دار بحثه حول التماسك النصى فى النظم القرآنى سواء فى ترتيب السور أو ترتيب المعنى وهو ما قد نعود إليه لاحقًا.