ماذا يريد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو؟، لماذا يراوغ ويماطل، ويتعسف، لماذا يحاول، فرض سياسة الأمر الواقع، لماذا يتجاهل نداء وضغوط العالم، لماذا يصر على العدوان وحرب الإبادة والقتل والدماء، ولماذا يريد إشعال المنطقة وتوسيع نطاق الصراع إلى حرب شاملة، لماذا يريد التحايل على اتفاقيات راسخة وثابتة ومن يقف وراء رئيس وزراء إسرائيل المتطرف وهل يستغل بانتهازيته الحالة الانتخابية الأمريكية، واللعب على الطرفين أو الحزبين الجمهورى والديمقراطي، ما بين، جو بايدن الذى يسعى لتحقيق أى إنجاز قبل مغادرته البيت الأبيض فى يناير من العام القادم، ويهدى مرشحة الحزب الديمقراطى كامالا هاريس إنجازاً يدفع بها إلى الأمام، وبين دونالد ترامب الذى وعد نتنياهو ويقال إنه اتصل به بعدم إبرام الاتفاق حتى لا يصب فى مصلحة كامالا هاريس وينتظر لحين وصوله إلى البيت الأبيض، ماذا يجرى فى كواليس الإدارة الأمريكية، وهل تريد أمريكا بالفعل إبرام اتفاق أم أن التصفيق الحاد لنتنياهو فى الكونجرس، «صك» على بياض بأن يفعل ويقتل ويشعل المنطقة كما يحلو له، ولماذا يريد نتنياهو البقاء فى محور صلاح الدين أو فيلادلفيا رغم الاتفاقيات والملاحق الأمنية التى لا تمنحه هذا الحق، بل ويتمادى فى ذلك إلى الحد الذى طالب فيه بوجود 8 أبراج مراقبة فى محور فيلادليفا، أو حتى برجين وهو الأمر الذى رفضته مصر بحسم، ورفضت وجود قوات إسرائيلية فى محور فيلادلفيا، لأن هذا طبقاً للاتفاقيات والملاحق الأمنية شأن مصرى فلسطيني، ولماذا يصر نتنياهو على التواجد فى معبر رفح الفلسطينى ومحور نتساريم، وهل تنجح الوساطة الثلاثية ـ المصرية ـ الأمريكية ـ القطرية فى حلحلة الأمور باعتبارها الفرصة الأخيرة أم أن نتنياهو يريد أن يحقق نصراً وهمياً يسوقه ويخدع به شعبه الساخط على الفشل الإسرائيلى والمرعوب من التصعيد مع مصر أو ما وصلت إليه قوات الاحتلال من إخفاق أو خسائر وتجمد اقتصادي، وصلت الأمور إلى ما يقرب من 76 مليار دولار خسائر اقتصادية، ناهيك عن تكلفة الحرب التى تكمل شهرها الحادى عشر بعد أيام قليلة.
نتنياهو يلعب بالنار، غير مبال بمصير المنطقة، بل بمصير إسرائيل وما وصلت إليه من إنهاك، وفشل، هل هو فيروس هذا العصر، فى ظل تحذيرات خبراء إسرائيليين من مغبة سياسات نتنياهو التى تهدد وجود إسرائيل، ومن أين لرئيس الوزراء هذه الجرأة والقدرة على التصعيد بعد ما يقرب من 11 شهراً من العدوان، وفتح جبهات أخرى مع لبنان واليمن والعراق وإيران وألا تستطيع واشنطن الضغط على نتنياهو وحكومته المتطرفة أم هناك أمور أخرى خلف الكواليس، وثمة أهداف خبيثة جرى الاتفاق عليها، بدعم أمريكى غربي.
الحقيقة أن نتنياهو المذعور من الوصول إلى اتفاق لوقف العدوان وإطلاق النار، يدفع به إلى حسابات تغتال مستقبله السياسي، وتزج به إلى غياهب المحاسبة على الفشل، وانتهاكات وقضايا مالية، وفساد وصلت إلى 3 وقائع لكن الأرجح أن نتنياهو مدعوم، ويعرف ماذا يفعل بدليل أنه تعدى أى منطق، ويحاول دائماً استفزاز الآخرين، من خلال ممارسات ومطالبات، لا تعبر ولا تعكس حالة الضعف والارتباك والفشل التى تعانى منها دولة الاحتلال، سواء فى غزة أو خسائرها على كافة الجبهات، أو حتى تهديد مصالح القوى الدولية والإقليمية أو التحرش بقوى إقليمية، لديها القوة والقدرة على ردع غرور وتعنت نتنياهو وتماديه فى العدوان والاستفزاز، وإصراره على مزيد من الإشعال والتصعيد.
«مصر ـ السيسى» سبقت الجميع فى التحذير من خطورة تصعيد واستمرار العدوان، وما يشكله من تهديد للمنطقة بأسرها باتساع نطاق ورقعة الصراع بما ينذر بحرب شاملة، والعالم الآن يضع يده على قلبه خشية الوقوع فى هذا الخطأ، وهو ليس فى حاجة إلى مزيد من الصراعات والأزمات.
مصر لم تغير أو تحيد عن مواقفها وثوابتها منذ اللحظة الأولي، بل كشفت مبكراً عن أهداف العدوان الإسرائيلي، ورفضت بحسم مخطط تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان قطاع غزة وإجبارهم من خلال حرب الإبادة إلى النزوح إلى الحدود المصرية من أجل تنفيذ مخطط التوطين وهو ما اعتبرته مصر مساسا بأمنها القومى وخطا أحمر لا يمكن التهاون فى حمايته.
تمادى نتنياهو فى غيه، ومحاولاته فرض أمر واقع، والضرب بالاتفاقيات والملاحق الأمنية والثوابت عرض الحائط.. لن يفلح.. فإذا كانت تلتزم الحكمة، وتسعى بجهود متواصلة إلى وقف العدوان وإطلاق النار وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وهو ما يشكل أساسا قويا لترسيخ الاستقرار والسلام فى المنطقة، فإنها فى ذات الوقت لا تفرط ولا تتهاون ولا تتنازل عن مواقفها، والتزامات الاتفاقيات الدولية وكل ما يتعارض أو يمس أمنها القومى فمصر دولة قوية وقادرة وتعرف كيف تحمى أمنها وتحقق أهدافها ولا يستطيع أحد أن يفرض عليها ما ترفضه، أو يقر أمرا واقعا ترفضه مصر، التى اختارت الحوار والتفاوض والسلام عن قوة وقناعة وحفاظاً على أمن واستقرار المنطقة.
الوساطة المصرية ـ القطرية ـ الأمريكية الجارية، أو مفاوضات الفرصة الأخيرة تشير الأخبار والتقارير إلى حالة من التفاؤل وتخشى من محاولات نتنياهو إفساد وإجهاض الجهود الرامية إلى تحقيق اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو يسعى لتحقيق ما يراه نصراً يخدع به شعبه، ومصاب بأوهام البقاء فى محور صلاح الدين «فيلادلفيا» أو معبر رفح الفلسطينى، والتمسك بمحور نتساريم بما يعنى استمرار وجوده فى قطاع غزة، أو عندما ينتهى من إطلاق المقاومة الفلسطينية للرهائن والأسرى الإسرائيليين، يعاود العدوان من جديد ويستأنف حرب الإبادة.
الأمريكان أعلنوا أن المفاوضات جادة وأجرى الرئيس جو بايدن اتصالاً هاتفياً بالرئيس عبدالفتاح السيسى حيث أكدا على أهمية إنجاح المفاوضات والتزام الأطراف المعنية بتذليل وإبداء المرونة لإتمام الاتفاق.
الرئيس السيسى جدد تأكيده على أهمية إنهاء حالة التصعيد وتجنيب المنطقة ويلات توسع نطاق الصراع بما له من تداعيات خطيرة على شعوب الإقليم كافة.
جيش الاحتلال يريد وقف القتال وإنهاء العمليات فى غزة فى نفس الوقت يواصل نتنياهو التصعيد رغم ما يتعرض له الكيان من كوارث وخسائر فادحة وما يتكبده من نزيف يومي، عسكرياً واقتصادياً ودولياً وإقليمياً وسياسياً ودبلوماسياً وهو ما حدا بخبراء إسرائيليين بالتأكيد على أن استمرار القتال فى غزة والحرب التى يخوضها الكيان على جبهات عدة خطر على وجود إسرائيل، وربما نتنياهو يراهن على داعميه وحلفائه لكن لن يفلح هذا الدعم فى المرات القادمة ولن تنفعه واشنطن إذا ما سعى لاستفزاز قوى كبرى فى المنطقة.
نتنياهو وأعضاء حكومته المتطرفة لن يحقق أى أهداف سواء المعلنة أو غير المعلنة وفشل المخطط برمته ولم يستطع أن يكسب على ساحة القتال، ولن يفلح فى فرض أمر واقع على الآخرين، ولو لديه ذرة عقل، كان هو أكثر الحريصين على انتهاء العدوان والتصعيد، لكنه فى مأزق ويعمل لحماية نفسه سياسياً وقانونياً وشعبياً، خوفاً من المصير الحالك الذى اقترب، لا ريب فهو يتغذى على الإجرام، والتصعيد، لذلك فإن أهدافه تحولت جميعها إلى مجرد أضغاث أحلام.