يعيش أصحاب العمارات القديمة مأساة حقيقية، تتنابهم الحسرة على أملاك لا يستطيعون التصرف فيها فى ظل أوضاع اقتصادية صعبة بسبب الظروف الإقليمية والدولية، وإذا فكر المالك بيع عمارته تصدمه الأرقام المعروضة، فهى مجرد فتات وهناك منطق سليم لدى المشترى يخبر مالك العمارة أنه لو وضع الـ100 ألف فى البنك سيحصل على عائد يزيد على الألفى جنيه شهريًا، والعمارة «الشقة» فيها لا تساوى سعر سندوتش فول، فهناك وحدات لا يزيد ايجارها على خمسة جنيهات حتى المناطق الراقية تزداد الحسرة لدى الملاك وهم يقفون عاجزين عن التصرف فيها، وهى تساوى عشرات الملايين، فى حين لا تزيد القيمة الايجارية على ايجار شقة فى منطقة شعبية بعيدًا عن مأساة واخطاء قانون الايجار القديم الذى يتنافى مع العدل وحقوق الإنسان والدستور وأيضا بعيدًا عن الرؤى والتصورات الجديدة التى يجرى اعدادها وتقديمها للبرلمان لإعادة الاعتبار والحق للملاك، هناك نقاط مهمة يجب التأكيد عليها كالتالي:ـ
أولاً: هناك ملاك يقولون، إن الحكومة ترفع أسعار الخدمات والسلع وهذا أمر ليس مرفوضًا، لكن فى المقابل عليها أن تنظر إلى ملايين الشقق المغلقة وحقوق ملاك وأصحاب العمارات القديمة، فالايجار ثابت لا يتحرك منذ عقود طويلة وهناك اختلافات بين المالك والمستأجر فالمستأجر، وصل به الأمر ألا يدفع تكلفة الصيانة والترميم، حرصًا على سلامة العمارة وسلامته ويراها أنها واجب المالك فى حين أن المالك يعتصر ألمًا وحسرة فهو يتحصل على الفتات الذى لا يسمن ولا يغنى من جوع، والاسم مالك عمارة.
الأمر الثانى المهم أن أصحاب العمارات هناك الكثير منهم يعيش أوضاعًا معيشية صعبة، فى ظل تقدم العمر، وارتفاع تكاليف الحياة، والعلاج ويرى الأرقام الفلكية فى أسعار الشقق فى جميع المناطق، وهو لا يتحصل على المقابل الذى لا يراه عادلاً واحيانًا هناك ملاك يتكاسلون عن الذهاب لتحصيل الايجار، لانه أمر محبط ويثير حفيظة هذه الفئة.
الأمر الثالث أن المستأجر يستند على منطق أنه ليس مسئولاً عن أزمة الملاك فلديه عقد بالقيمة الايجارية، وهو ينظر إلى الأمور بعين المصلحة الشخصية وربما أيضا يواجه ظروفًا صعبة، وهو الأمر الذى يتطلب التوازن فى القانون الجديد أو التعديلات المحتملة، لكن لا يجب الانتظار لتحرير العقد، لعشر سنوات أو15 عامًا فقد يأتى اليوم بعد أن يكون المالك فارق الحياة بعد طول انتظار أو ينسى الورثة أن لديهم عقارًا أو عمارة قديمة.
الأمر الرابع أن تحرير العقد لا يعنى الطرد فقد يصل المالك والمستأجر إلى صيغة جديدة تحقق مصالح الطرفين، فقيمة الايجارات الحالية للوحدات السكنية فى ارتفاع كبير تصل إلى الآلاف، فلماذا لا يزيد الايجار خلال فترة مهلة تحرير العقد الـ5 سنوات إلى 25 ٪ من القيمة السائدة فى المنطقة التى تقع العمارة أو يوجد فيها العقار ثم يحرر العقد وربما تكون هناك صيغة جديدة بين المالك والمستأجر، بموافقة ورضا الطرفين عن طريق التملك أو الاستمرار بنظام الايجار الجديد والمؤقت والمتسق مع قيمة الايجارات السائدة، لكن فى كل الأحوال فإن ثمة رواجًا سوف يحدث بعد تحرير العقود فى ظل الحديث عن وجود 10 ملايين شقة مغلقة يمكن تأجيرها أو تمليكها يحدث نوعًا فى زيادة المعروض والفرص مما يخفف حدة ارتفاع قيمة الشقق ايجارًا أو تملكًا.. الصورة الحالية بالنسبة للعمارات والعقارات والايجارات القديمة مأساة للملاك ووضع قانونى وإنسانى لا يليق، فكل شيء ترتفع أسعاره ومع تزايد ضغوط الحياة، هناك تدخل سريع أو تشريع عادل يحقق أهداف جميع الأطراف، ويحافظ على حالة التوازن لكن استمرار هذا الوضع أمر فى منتهى القسوة، واعتقد أن الحكومة لولا تداعيات الأزمات الدولية والإقليمية وصعوبات الحياة والمعيشة لانجزت وعدلت قانون الايجارات القديمة بشكل عادل، يعيد الاعتبار لملاك وأصحاب العمارات القديمة، ويدخل ثروة عقارية هائلة فى دائرة العرض والطلب.. وملاك هذه العقارات، فئة لا يستهان بها ولديهم حقوق، فالصيغة القانونية القديمة بين المالك والمستأجر يشوبها خلل فادح، وظلم بين وكأن المستأجر لديه عقد تمليك للشقة كما أن من اكبر الاخطاء التاريخية هو قانون الايجارات القديمة، ولد فى اجواء وايديولوجيات مختلفة، وآن الأوان لاصلاح هذا العوار والظلم فى القانون القديم، والحكومة عقدت العزم على الاصلاح وإعادة الاعتبار للملاك مع النظر بعين العطف والرحمجة للمستأجرين من الفئات البسيطة أو الاكثر احتياجًا أو محدودة الدخل فى ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة وأسعار الوحدات السكنية.
الرؤى والتعديلات الجديدة قد تعيد الحق للملاك وأصحاب العقارات والعمارات القديمة بتحرير العقود، لكن النظر إلى حل أزمة المستأجرين من الفئات البسيطة أو الاكثر احتياجًا أو محدودى الدخل، وهنا لا أتحدث عمن يغلقون وحداتهم السكنية القديمة ويقيمون فى مناطق أو شقق فى مناطق جديدة من باب الوسع ولكن اتحدث عن المتضررين من المستأجرين نظرًا لظروفهم وهو واجب مجتمعى لا يجب أن نغفله ويمكن أن اطرح الآتي:ـ
أولاً: تخصيص صندوق لدعم المستأجرين من أصحاب الظروف والأحوال الصعبة أو من لا يستطيعون الحصول على وحدة سكنية بديلة، وهو دور الحكومة فى المقام الأول ويمكن استغلال فترة الخمس سنوات قبل تحرير العقود فى توفير وحدات بديلة ضمن مشروعات الدولة السكنية على أن يقوم مستأجرو الوحدات القديمة بدفع اقساط قبل الاستلام بعد خمس سنوات ثم قسط شهرى لمدة من 15 ــ 20 عامًا بعد انتقالهم للوحدات السكنية الجديدة فى مناطق يتم انشاؤها على غرار المناطق الراقية التى اقيمت للقضاء على العشوائيات وتكون دفعات الاقساط خلال الخمس سنوات عبارة عن مقدمات وليسًا اقساطًا ولكن بنوع من التخفيف زمنيًا ماليًا.
ثانيًا: تخصيص 10 ٪ من قيمة العمارة أو العقار القديم بأسعار السوق لدعم الصندوق المخصص لمساعدة هذه الفئات من المستأجرين، فإذا افترضنا أن الوحدات السكنية فى العقار القديم سيتم بيعها أو تأجيرها بأسعار السوق فإن المالك هو المستفيد، وعليه أن يسدد 10 ٪ من قيمة البيع لاجمالى الوحدات السكنية أو العقار لدعم هذه الفئات بعد تحرير العقود.
ثالثًا: يمكن للمجتمع المدنى والبنوك أو شركات المقاولات أو كبار رجال الأعمال أو الجهات الخيرية دعم هذا الصندوق لمساعدة هذه الفئات من مستأجرى الوحدات القديمة، أو تخصيص ضريبة أو دمغة بحيث يكون هناك تكافل مجتمعى لاقامة وحدات جديدة لهذه الفئات.
القضاء على حالة الاحتقان والسخط بين المالك المظلوم والمهضوم حقه فهو مالك على الورق ويشعر بالغبن وبين المستأجر الذى استسلم لهذا الوضع مع توازن بين حق المالك والمستأجر البسيط وغير القادر أو تخصيص رسم بسيط فى مرحلة التراخيص للمبانى أو التصالح أو تذاكر الخدمات، لكن يبقى مقترح مساهمة أصحاب وملاك العمارات والعقارات بنسبة 10 ٪ من قيمة العقار هو أمر اراه عادلاً وهو أمر لن يرفضه مالك العمارة أو العقار القديم بعد أن تم تحرير العقود وأصبح المجال أمامه متسعًا وبنسبة الـ10 ٪ من جميع المناطق سواء العمارات فى المناطق الراقية أو الشعبية.