منذ عدة سنوات بدأ الحديث عن العملات المشفرة، رافقه لغط كبير، وردود فعل مختلفة لدى المصريين إذ اعتبر البعض قرار منع تداولها مهمًا للحفاظ على الاقتصاد المصري من عمليات احتيال كبرى، بينما رأى آخرون أن وراء هذا القرار زيادة في التحويلات بالعملات الرقمية غير معلومة القيمة أو الضرائب.
صحيح هناك تحويلات كبيرة تحدث دون فواتير مثبتة أو تحويلات بنكية، وبالتالي قد تستخدم هذه العمليات في تبييض الأموال، فعندما تحول الأموال بالعملات المشفرة لا يوجد رقيب عليها، ما ينتج عنها جرائم مالية كبرى.
ولكن إقبال الشباب على التداول بهذه العملات بسبب المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلانات المكثفة والربح السريع مغري جدا، في الوقت ذاته، ليست هناك قيمة فعلية لهذه العملات، فليس هناك قانون أو مرجعية تحمي المتعاملين من ارتفاع أو انخفاض هذه العملات.
في المقابل دخلت دول كبري على صناعة العملات الإلكترونية لتقنين وتنظيم التعامل بهذه العملات بعد أن أصبحت واقع فرضته آليات السوق العالمية مما يمكنها من مراقبة تداولها بينما لا يمكنك وضع رقابة على العملات المشفرة.
ومصر أيضًا لم تكن بمعزل عن هذه الصناعة وتعمل بنشاط على تطوير مشروع العملة الرقمية للبنك المركزي، والمعروف بـ”الجنيه الإلكتروني”، مع خطط لإطلاقه بحلول عام 2030.
فالجنيه الإلكتروني لا يتشابه مع البيتكوين أو العملات المشفرة، والبنك المركزي سيكون المشرف على إصدار الجنيه الإلكتروني، ولابد من فتح حساب إلكتروني في أحد البنوك لإمكانية استخدامه، وبالفعل تمت الموافقة المبدئية لإنشاء أول بنك رقمي.
وإطلاق الجنيه الإلكتروني يأتي لتعزيز القدرة التنافسية للعملة الوطنية، وتحسين كفاءة وفعالية السياسة النقدية، بحيث تتوافق هذه الخطوة الاستراتيجية مع التزام مصر بالاستفادة من فرص التحول الرقمي لدفع قطاعها المالي إلى الأمام.
الجنيه الرقمي سيكون مرتبطا بالجنيه المصري وسيطبق عليه إجراءات السياسة النقدية، ولكنه سيكون بمثابة نقلة إلكترونية في مجال التداول في مصر، وله دور في تسهيل المعاملات وتطوير العملة بصورة آمنة، ويمكن استخدامه عبر الهواتف المتنقلة، وفي التحويلات التجارية، قيمته هي قيمة الجنيه الرسمي، وبالتالي فهو خيار جيد حيث تكنولوجيا التداول الآمن التي ستعيد الثقة في الاقتصاد المصري.
ومن المتوقع زيادة عدد المحافظ المالية الرقمية، لتصل إلى مستوى 80 مليون محفظة رقمية بحلول عام 2030، وتتماشى هذه المبادرة مع الهدف الأوسع المتمثل في تعزيز الشمول المالي الرقمي، وتوسيع نطاق اعتماد الخدمات المالية الرقمية في جميع أنحاء البلاد.