36 أسرة خاضت المسابقة لتصل الى ١١ أسرة تتنافس على المراكز الأربعة للفوز
بالتكريم الرئاسى فى احتفالات المولد
600 ألف للأولى.. ومجمل الجوائز 11 مليون جنيه
مسابقة الأُسر القرآنية من المسابقات الفريدة فى حفظ القرآن الكريم.. المنافسة فيها ليست فردية بل جماعية.. كما أنها كشفت واحدة من أهم خصائص المجتمع المصرى الذى تحرص فيه كثير من الأُسَرِ أن يكون جميع أفرادها من حَفَظة القرآن الكريم.. بل يسارعون إلى تحفيظه الآخرين حتى ينالوا ثواب نقل القرآن.
الجمهورية كانت حاضرة فى التصفيات النهائية بين الأُسر المتنافسة للفوز بأحد المراكز الأربعة ضمن افرع المسابقة الدولية فى حفظ كتاب الله تعالى التى تنظمها وزارة الأوقاف بمناسبة ذكرى ميلاد النبى صلى الله عليه وسلم، حيث تحصل الأسرة الفائزة بالمركز الأول على جائزة مالية تقارب المليون جنيه.. فى تكريم رئاسى تقديراً لحفظة القرآن فى احتفال مصر بذكرى المولد الشريف.. التنافس فى المسابقة ليس عاديا.. بل أقرب إلى تنافس العمالقة الذين لا يميزهم متانة الحفظ ولا قوة الأداء فقط بل تجاوز الأمر ذلك إلى الفروق الفنية التى لا يجيدها سوى العالمين بأسرار الحفظ والتلاوة والإتقان والأداء.
أسرة محمد طه تتكون من ثلاثة إخوة كلهم يحفظون القرآن، ويقومون بتحفيظه للآخرين، ويعملون فى مجال الدعوة، أكبرهم محمد طه مدرس قرآن بالأزهر، والثاني: أحمد طه مدرس قرآن بالأزهر، والثالث: يحى طه، إمام وخطيب بوزارة الأوقاف.
مشاركة أول مرة
أوضح الشيخ محمد طه أنهم مثل أى أسرة ريفية تتجه إلى الكُتَّاَب، وقد كان والديه حريصين على تحفيظ أولادهم القرآن من أجل القرآن فقط، وكان ذلك حلمهما، فلما وصلوا سن المدرسة ذهبوا إلى التعليم العام، وفى نهاية الابتدائية تحولوا جميعا للتعليم الأزهري، وهناك فى الأزهر تفتحت فيهم آفاق القرب من كتاب الله تعالى حفظا وإتقانا وتلاوة وأداءً وكانت دعوات والديهم تحوطهم فى كل حين، وساعدهم على التفوق دعم مشايخهم بالأزهر الذين أخلصوا لرسالة كتاب الله تعالى فى المبنى والمعني، وبدأوا يشاركون فى مختلف المسابقات المحلية والدولية لإيمانهم أن التنافس فى الحفظ يساعد على الإتقان والتمكن، وقد رغب فى المشاركة بمسابقة الأسرة القرآنية بالأوقاف فى نسختها الأعوام الماضية لكن القرار تأجل لظروف عائلية، وبعدما أتيحت الفرصة هذا العام تقدم حتى صعد هو وإخوته إلى التصفيات النهائية التى يتم اعتماد 4 من الأُسَّر لمقابلة الرئيس السيسى فى احتفال مصر بميلاد سيد البشرية صلى الله عليه وسلم، ولأنه قد ذاق حلاوة القرآن لذا حرص على تحفيظ أبنائه القرآن الكريم يقول طه : لدى اربع اولاد كلهم يحفظون القرآن منهم اثنان فى الأزهر واثنان فى التعليم العام.
أما الشيخ أحمد طه الأخ الثانى فى الترتيب العمرى للأسرة فقد حفظ القرآن الكريم فى الكُتَّاب ثم تقدم إلى مسابقة معهد القراءات فاجتاز الامتحان وحصل على إجازة تجويد وعالية القرآن وإجازة التجويد تعنى شهادة بانه يحفظ القرآن برواية حفص بأحكامها أما عالية القراءات فتعنى أنه يحفظ القرآن برواياته العشر الصغرى وهى رواية السادة: نافع، وابن كثير، وأبو عمر، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائى وأبو جعفر، ويعقوب، وخلف، موضحا أنه دخل مسابقات قبل ذلك ولكنه حريص على المشاركة فى مسابقة الأسرة القرآنية فهى تجربة جديدة تدفع إلى الحفظ، كما أنها تُحَّفِزُ الأسر على الاهتمام بالقرآن.
أما الأخ الثالث وهوالشيخ يحيى طه ويعمل إمام وخطيب بالأوقاف فيقول إن إخوته حفظوا القرآن الكريم قبل دخولهم المدرسة، بينما حفظ هو القرآن أثناء الدراسة بالأزهر من خلال حفظ المقرر الدراسي، وحصل على ليسانس الشريعة والقانون عام 2008م وتم تعيينه بالأوقاف عام 2009، ويقوم بتحفيظ القرآن الكريم.
القرآن يحافظ على الأوقات
أسرة تاج الدين من الأسر التى تتنافس فى مسابقة الحفظ ، الأسرة تتكون من إخوة ثلاثة هم: اسماء صلاح عبدالقادر ليسانس آداب علم نفس تعمل بمحكمة الأسرة، ومحمد صلاح عبدالقادر مراجع أول بالجهاز المركزى للمحاسبات وعبدالقادر صلاح مدرس مساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدسوق.
تقول أسماء: حفظت القرآن أثناء الدراسة وكنت أقدم بتحفيظه للأطفال وتركت هذه المهمة لإخوتى بسبب العمل والأسرة، لكن نيتى أن أعود يوما لهذه المهمة الجليلة لذلك احرص على المشاركة فى التحفيظ من وقت لآخر
وعن القرآن وأثره فى عملها الذى يتمثل فى محاولة الإصلاح بين الزوجين وتقريب وجهات النظر تقول: لا شك أن حفظ القرآن له دور كبير فى تقريب وجهات النظر والإصلاح بين الزوجين، فعندما تستدل بآية كريمة على وجهة نظرك على الصبر وعلى المودة المطلوبة، وعلى أن تكون العلاقة تضحية من الطرفين وهى ما يسميها القرآن علاقة الفضل «ولا تنسوا الفضل بينكم» فإن ذلك له أثر كبير فى الإصلاح.
وعن النجاح فى الإصلاح بين الزوجين توضحأن النجاح يتحقق بالإخلاص والصبر فى أداء المهمة، والقرآن الكريم يعلمنا ذلك فى قوله تعالي: «إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما».
أما الأخ الثاني: محمد صلاح المعيد بكلية الدراسات الإسلامية فيؤكد أنه شارك فى مسابقات عالمية مثل مسابقة القرآن فى تونس، وكان ضمن العشرة الاوائل، لكنه لأول مرة يشارك فى مسابقة أسرة قرآنية، كما أحيا ليالى رمضان فى عدة دول مبعوثا من وزارة الأوقاف فسافر إلى بريطانيا والبرازيل.
يشير محمد أنه حفظ القرآن على يد شقيقته أسماء وكان لها فضل كبير بعد فضل الله والوالدين، وحصل على الماجستير فى الحديث النبوى وكل ذلك بفضل القرآن الكريم، وما زال يباشر تحفيظ القرآن للأطفال تبركًا بالقرآن الكريم، ناصحا أولياء الأمور تحفيظ أولادهم القرآن الكريم طوال العام، وليس فى الإجازة، مبينا أن دعاوى انشغال الوقت بحفظ القرآن والتعطيل عن التحصيل الدراسى ليس صحيحا، مكررا النصح لهم أن يجعلوا القرآن منهج حياة.
وعن الطريقة المثلى للتحفيظ يقول الأمر يرجع لوقت كل تلميذ فلابد أن يكون هناك وقت للحفظ ووقت للمراجعة لا يقل عن ساعة يوميا، ويختم الشيخ محمد صلاح موجها الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسى على رعايته لهذه المسابقة ورعايته أهل القرآن.
وقت للحفظ وآخر للمراجعة
أسرة مصطفى يوسف خلف كفر الشيخ تتكون من الشيخ محمد مصطفى ويعمل إماما وخطيبا بالأوقاف والشيخ السعيد مصطفى ويعمل إماما وخطيبا بالأوقاف وإيمان مصطفى الطالبة بكلية الدراسات الإسلامية وقد اشتركت هذه الأسرة للمرة الثانية وحققت فى المرة الأولى مركزاً سادساً.
يقول أكبر الإخوة الشيخ محمد حفظت القرآن الكريم على يد عمى الشيخ السعيد خلف فى الكتاب، وعن السن المناسب لبدء تحفيظ القرآن للطفل خاصة وهو يقوم بتحفيظ الاطفال يقول: الأفضل أن نبدأ مع الطفل عندما نجده يستطيع الحفظ، لأن لكل طفل ظروفه، وتتفاوت القدرات من طفل لآخر، فالبعض يبدأ من سنتين، والبعض من أربعة، وعن طريقة تحفيظه الاطفال يقول: إن كل طفل له طريقة تصلح معه فى دفعه للحفظ، فبعضهم يصلح معه الترغيب والتشجيع القولى والمكافآت، وبعضهم لا يشغله هذا وانما يُقبل على الحفظ إذا قارنته بآخرين يحفظون ولا يحفظ أو قدمت له مثلا اكبر منه واصبحوا كذا وكذا، فأنت تعرف طبيعة الطفل أولا ثم تتعامل معه بما ينفعه.وعن إقبال أولياء الأمور على تحفيظ ابنائهم القرآن الكريم يقول من واقع تجربتى هناك إقبال كبير من أولياء الأمور على تحفيظ أبنائهم القرآن خاصة من هم فى التعليم العام فهم يحفظون حبا فى القرآن كما أن المسابقات لها عامل كبير فى اقبال الاطفال على الحفظ فالمسابقات فى قريتنا « محلة دياى مركز دسوق « على مدار العام، وعن الأسئلة فى المسابقة يقول انها دارت حول الحفظ والتجويد والمعانى والمتشابهات والتفسير، فمثلا يسألك كم مرة تكرر قوله تعالى ويذكر أية بعينها.
أما الشيخ السعيد مصطفى الأخ الثانى والأول على دفعته فى كلية التربية جامعة الأزهر ويعمل إماما وخطيبا بالأوقاف وباحث الماجستير فيقول: اشتركت فى العديد من المسابقات المحلية والعالمية وفزت فى كثير منها ومنها مسابقة شيخ الأزهر.
وعن الحفظ «أون لاين » يقول: ممكن التحفيظ عن بُعْدٍ لمن له ظروف ، خاصة كبار السن المشغولين وقد قمت بالتحفيظ عن بُعْدٍ فى حلقات لعدد من الطلاب المصريين وكانت النتائج مرضية، ويتحدث عن مقارئ القرآن فى المساجد فيقول إنه مشترك فى جميع المقارئ كالمقرأة النموذجية وهى مقرأة يتم اختيار أعضائها من افضل الأئمة وتقام بعد صلاة الظهر بالمسجد يوم الأحد ،ومقرأة الأعضاء وتعقد كل يوم الإثنين بعد صلاة الظهر بالمسجد الكبير بمرسى مطروح، كما أنه شيخ مقرأة الجمهور بمسجد التنعيم بمطروح حيث يعمل إماما له كما يعمل عميدا لمركز إعداد محفطى القرآن بمطروح ومحاضرا بالمركز الثقافى التابع للأوقاف.
أما إيمان مصطفى وهى العضو الثالث فى أسرة خلف القرآنية فطالبة بكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر فتقول حفظت القرآن الكريم على يد عمى الذى يعمل مدرسا بالأزهر.
وبسؤالها: هل كان يعاقبك عمك مثلما يعاقب الآخرين، أكدت أنه لم يكن يعاقبها لأنها كانت تحفظ ولا تُهمل، وعن المشاركة فى المسابقات أوضحت أنها دخلت المسابقة المحلية فى القرية وحصلت على المركز الأول ودخلت مسابقة الإمام الأكبر وحصلت على مركز متقدم، معربة عن امنياتها مواصلة الدراسة حتى الدكتوراه، إضافة إلى مواصلة دورها فى مساعدة أخيها فى تحفيظ أبناء القرية القرآن.
مشاركة المرة الثانية
أسرة الشيخ جاب الله عوض جاب الله وتتكون من الأب وابنتيه إيمان واسراء، ويقول الشيخ جاب الله: يعمل بوزارة الأوقاف إماما وخطيبا، وقد حفظت القرآن فى الصغر بالكُتَّاب، موضحا أن هناك فرق بين الحفظ فى الصغر والحفظ فى الكبر، وأن الحفظ فى الصغر كالنقش على الحجر و لا بأس أن يبدأ الإنسان الحفظ فى الكبر، ولكن على يد شيخ مشافهة لأن الله قال عن القرآن لرسوله «وانك لتُلَّقَى القرآن» فالقرآن يحفظ شفاهة،« وقد قالوا: من لا شيخ له فالشيطان شيخه»، وعندما قرأ أحد الصحابة قوله تعالي للفقراء الذين أُحْصِرُوا» دون مَدٍ راجعه من كان يسمع ونطقها بالمَدِ وقال هكذا علمنى رسول الله.
وعن أبنائه المشاركين فى المسابقة قال لدى 4 بنات: آلاء، وهناء، وعلياء، وإسراء، كلهن يحفظن القرآن لكنى شاركت أنا وإيمان واسراء، وقد اشتركنا العام الماضى وحصلنا على المركز الخامس على مستوى الجمهوريةويدعو الشيخ جاب الله أولياء الأمور إلى تحفيظ أبنائهم القرآن لأنه يعين على الاستقامة والتفوق والمذاكرة ويبارك فى الوقت، ولابد لمن يحفظ القرآن من أن يكون له ورد يومي، مضيفا انه عضو مقرأة بالأوقاف ويرأس مقرأة يوم الجمعة بالمسجد ويُقبل عليها أعداد كبيرة، كما لديه مقرأة الأئمة ونشاط صيفى للطفل بالمسجد.
فى مصر فقط
الشيخ على الدين سلامة مدير شئون القرآن بالأوقاف والذى يتابع المسابقة يؤكد أن : مسابقة الأُسرة القرآنية لا توجد الا فى مصر وعمرها 4 سنوات ويزيد الإقبال عليها عاما بعد عام، وتأتى فى إطار المسابقة الدولية للقرآن الكريم كفرع من فروعها والتصفيات الأخيرة بين ١١ أسرة من 36 أسرة وتحصل الأسرة الأولى على جائزة قدرها 600 ألف جنيه والثانية 400 ألف جنيه، أما مجمل الجوائز فى كل الفروع وهى ٧ فروع فتبلغ ١١ مليون جنيه.
مبعث للأمل
د.جمال فاروق الأستاذ بجامعة الأزهر أحد المحكمين فى المسابقة يرى الفكرة جميلة وتبعث على الأمل فعندما تجد عشرات الأسر تحفظ كلها القرآن الكريم ويقبلون على مدارسته معا ويقومون بتحفيظه للآخرين فهذا مبعث فخر بالأسرة المصرية الحريصة على كتاب الله ومبعث اطمئنان على المجتمع المصرى الذى يولى كتاب الله مكانة خاصة فى قلبه ويحرص أن يكون ابنه من حفظته، ولا يتوقف الأمر عند الأسر وإنما المسئولون الذين يقومون برعاية حفظة كتاب الله الرعاية التى تليق بهم ،كما أن المسابقة فى ذاتها تشجع الناس على الإقبال على كتاب الله خاصة وأن التكريم يتم فى احتفال مصر بليلة القدر ويحضره الرئيس والإمام الأكبر وعلماء ومصر ورجالاتها فاروق يضيف أن أسئلة المسابقة تدور حول الحفظ بالأحكام مع المعانى والتفسير وكذلك فى المتشابهات، مشددا على أن الفروق بين الأسرة والأخرى لا تكاد تذكر لأن هذه تصفيات نهائية أى أن الأسر المشاركة هى الأسر التى اجتازت كل مستويات المسابقة.