لم يتصور العالم الازهرى والمدرس بالمعهد الدينى بدمياط محمد على عبد الرحمن سليل عائلة علماء الأزهر ان تصبح ابنته عائشة التى رفض ان تذهب إلى المدرسة طبقاً لتقاليد القرية فى ذلك الوقت وبدأت فى تلقى التعليم بالمنزل بعد ان انهت حفظ القرآن الكريم كاملاً فى الكتاب، ان تصبح مفكرة وكاتبة وأستاذة جامعية وباحثة، وان توصف بأنها حارسة التراث وفقيهة التجديد . ولدت عام 1913 وقد ظهر تفوق عائشة عبد الرحمن منذ طفولتها عندما كانت تتقدم للامتحان فتتفوق على قريناتها بالرغم من انها كانت تدرس بالمنزل، حصلت على شهادة الكفاءة للمعلمات عام 1929 وكان ترتيبها الاولى على القطر المصري، ثم حصلت على الشهادة الثانوية والتحقت بعدها بجامعة القاهرة لتتخرج من كلية الآداب قسم اللغة الغربية وكانت امها وراء هذا النجاح حيث ساعدتها وساندتها فى هذا المشوار بينما كان والدها يرفض دائماً خروجها للتعليم. فى عامها الثانى بالجامعة الفت كتاباً بعنوان الريف المصري، ثم نالت الماجستير بمرتبة الشرف عام 1941 اختارت عائشة عبد الرحمن اسم بنت الشاطئ لتوقع به كتاباتها حيث اعتبرته ترجمة حقيقية لحياتها الاولى وميلادها على شاطئ دمياط الذى ارتبطت به، تزوجت بأستاذها بالجامعة أمين الخولى صاحب الصالون الادبى والفكرى الشهير بمدرسة الأمناء، وفى عام 1950حصلت على الدكتوراه فى رسالة عن أدب ابى العلاء المعرى وناقشها فيها عميد الادب العربى د.طه حسين.
وصفت عائشة عبد الرحمن بأنها نموذج مثالى للمرأة المسلمة التى حررت نفسها بنفسها بالإسلام، وصلت إلى العديد من المناصب العلمية استاذ للتفسير والدراسات العليا فى كلية الشريعة بجامعة القرويين فى المغرب واستاذ كرسى اللغة العربية وآدابها فى جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لجامعات ام درمان 1967 والخرطوم والجزائر 1968 وبيروت عام 1972 وجامعة الإمارات 1981 وكلية التربية للبنات فى الرياض 1983 وساهمت فى تخريج اجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية كرمتها 6 دول عربية وإسلامية وقدمت 63 كتاباً للمكتبة العربية والإسلامية، وأكثر من الف مقال وظلت لمدة 20 عاماً ركناً علمياً متيناً فى كلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب.. بدأت النشر فى سن 18 عاماً فى مجلة النهضة النسائية وبعدها بعامين بدأت الكتابة بجريدة الأهرام فكانت ثانى امرأة تكتب بها بعد الاديبة مى زيادة فكان لها مقال طويل أسبوعي، ولم ينس احد مواقفها الفكرية الشهيرة حيث اتخذت مواقف حاسمة فى الدفاع عن الاسلام كما تركت وراءها سجلاً مشرفاً من الحالات الفكرية التى خاضتها بقوة وكان ابرزها موقفها ضد التفسير العصرى للقرآن الكريم ذود عن التراث ودعمها لتعليم المرأة واحترامها بمنطق إسلامى وحجة فقهية أصولية بالإضافة لموقفها الشهير ضد البهائية وكتاباتها عن علاقة البهائية بالصهيونية. وقد تركت بنت مدينة دمياط وراءها اكثر من أربعين كتاباً فى الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية ،بالإضافة لاعمال ادبية وروائية اشهرها «على الجسر» سيرة ذاتية سجلت فيها طرفاً من سيرتها الذاتية، وكتاب «بطلة كربلاء» عن السيدة زينب بنت على بن ابى طالب وما عانته فى واقعة عاشوراء ومقتل أخيها الحسين بن على بن ابى طالب والأسر الذى تعرضت له بعد ذلك . وبطبيعة الحال كان لبنت الشاطئ حظ وفير فى الجوائز المصرية والعربية فقد حصلت على جائزة الدولة التقديرية عام 1978، وجائزة الحكومة المصرية فى الدراسات الاجتماعية والريف المصرى عام 1956، و وسام الكفاءة الفكرية من المملكة المغربية وجائزة الادب من الكويت عام 1988 وجائزة الملك فيصل للأدب العربى مناصفة مع د.وداد القاضى عام 1994، كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة والمجالس القومية المتخصصة كما أطلق اسمها على الكثير من المدارس وقاعات المحاضرات فى العديد من الدول العربية احياء لذكرى بنت دمياط التى وصلت للعالمية .