عندما أتعامل أو يتعامل غيرى مع أى موظف داخل مصلحة حكومية.. أو غير حكومية.. أتساءل فى نفسي.. الى متى يتعامل معى ومع غيرى هذا الموظف.. طبقا لمزاجه.. وطبقا لموده.. وحالته النفسية.. ففى يده إنهاء مصلحتى فى دقائق.. أو تعقيدها ومشورتى لعدة أيام.. بالرغم من انى صاحب حق.. واذا أردت إنهاء مصلحتى فى نفس اليوم.. فعلى ان ابحث عن واسطة.. أو أى طريقة أخرى كسداد المعلوم مثلا.. والاسوأ من كل ذلك.. عندما يستيقظ من النوم.. أى رئيس موقع عمل.. ويقرر اتخاذ قرار مهم ومؤثر.. ويجتمع بمساعديه أو معاونيه.. ويعرض عليهم أفكاره أو قراراته.. ولأنه رئيس العمل.. فهو يعلم جيدا انه لم ولن يخرج من بين كل هؤلاء من يعترض أو حتى يجاهر بوجهة نظره.. أو حتى يقول رأيه بصراحة.. فالجميع لا يغامر بمستقبله امام رئيس العمل.. ونحن لدينا رؤساء عمل فى كل موقع.. يعتقدون انهم وحدهم اصحاب الرأى والقرار الصحيح طوال الوقت.. ولا يقبلون مراجعة قراراتهم.. يحدث هذا امامنا جميعا.. نلمسه ونعيشه.. لا أريد ان اخوض فى قرار وزير التربية والتعليم الجديد محمد عبد اللطيف.. من تحويل مواد الى مواد نجاح ورسوب فقط.. لا تضاف الى المجموع..
هذه القرارات اعتبرها خطوة جريئة وشجاعة من الوزير للقضاء على بعبع الثانوية العامة.. نحن امام فكر مختلف.. بداية من تخفيف العبء على الطلاب وايضا مواجهة الدروس الخصوصية.. فليس مطلوبا ان يكون الطالب متخصصا فى جميع المواد.. يكفى دراستها والالمام ببعض اسسها.. اما الدراسة المتخصصة فتستكمل فى الجامعات ومن يبحث عن التخصص يجده فى مختلف اقسام كليات الجامعة.. قد يكون لدى الوزير فلسفة خاصة لهذه القرارات.. وقد يكون معه حق.. لكن يبقى السؤال.. هل هذه القرارات سوف تكون اساس إصلاح التعليم عندنا.. وعودة المدارس لدورها الاساسى فى تعليم جيد.. هل سوف يذهب الطلاب الى المدارس بعد ان هجروها.. هل سوف يرفع الوزير مرتبات المدرسين ويخفض اعداد تكدس التلاميذ فى الفصول ببناء مدارس أو فصول جديدة.. هل سوف تعقد لجنة التعليم بكل من مجلسى النواب والشيوخ.. جلسات استماع لمعرفة أسباب وفلسفة قرارات الوزير.. هل قامت وزارة التربية والتعليم.. بعمل عدة لقاءات مع أولياء الأمور ومع غيرهم من المهتمين بالعملية التعليمية.. امامى نماذج مختلفة لعدة دول.. اذكر منها فرنسا.. فقد قام الطلاب فى الثانوي.. بالاعتراض على مناهج التعليم.. قالوا انها سطحية ولا تصنع خريجا قادراً على مواجهة التعليم الجامعي.. كان ذلك على ما اتذكر فى عام 1968.. وتم إعادة النظر فى مناهج التعليم فى فرنسا.. اقول.. ان التعليم اهم مقومات نجاح الدول.. والنهوض بالتعليم.. يتطلب نظرة شاملة.. لا تكون بتحويل بعض المواد الى مجرد مواد نجاح فقط لا تضاف للمجموع.. امامنا عوامل صناعة الشخصية.. القادرة على الاعتماد على نفسها.. كيف تستطيع عمل بحث.. مجرد بحث.. من هنا لتكن البداية مع المدرس.. فهو النموذج والقدوة الذى يسيطر على وجدان الطلبة منذ البداية.. وهو العمود الرئيسى فى العملية التعليمية.. ولتكن البداية.. توفير حياة كريمة له.. تغنيه عن ذل الدروس الخصوصية.. اقول : اننا نحتاج إلى فكر وفلسفة وزير التعليم محمد عبد اللطيف.. ليس فقط فى التعليم.. إنما فى مختلف المصالح الحكومية التى تحتاج إلى مفاهيم جديدة.. اهمها أن يعى الموظف جيدا.. انه تواجد فى موقعه لخدمة المواطن وإنهاء مصلحته دون أن يدوخ السبع دوخات.. على كل رئيس عمل.. ان يفكر جيدا فى تخفيف معاناة الناس.. ليس بالكلام أو الشعارات المعسولة.. إنما بتغيير اللوائح.. نعم اللوائح العقيمة.. التى تعمق البيروقراطية وتمنح الموظف أو المسئول السلطة الكاملة فى التحكم فى مصالح العباد.. طبقا لمزاجه.. ونحن نعلم جيدا ان السلطة المطلقة.. مفسدة مطلقة.. نحن فى حاجة الى نظام عام يحكم الإدارة عندنا.. وحتى لاتكون الإدارة مزاج.. فالادارة مسئولية.