قال د.هشام فريد، خبير الزراعة البيولوجية والتنمية المستدامة فى هولندا ان القطاع الزراعى يساهم فى انعاش الاقتصاد المصري، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضراوات والفاكهة وتصدير الفائض منها، مما يوفر دخلاً قومياً من العملات الأجنبية، وهناك طفرة ملحوظة فى زيادة ما يحققه قطاع تصدير السلع الغذائية المصنعة والمعلبة للخارج وزيادة الدخل القومى من العملة الأجنبية.
وكشف، فى حواره لـ»الجمهورية الأسبوعي» أن هناك بعض المحاصيل التى حققت الاكتفاء الذاتى مثل الأرز والذرة الرفيعة والخضراوات والفاكهة و كذلك الدواجن وبيض المائدة، وهناك محاصيل مازالت بها فجوات زراعية مثل القمح والذرة الصفراء والمحاصيل الزيتية وكذلك اللحوم الحمراء.
وأضاف الدكتور هشام فريد، انه حان الوقت لتشجيع الزراعة البيولوجية بعد تواجد الإرادة السياسية بالاضافة الى أكثر من 04 ألف صوبة تم بناؤها وبتحسين زراعتها زراعات بيولوجية نستطيع ان نحقق دخلا قوميا كبيرا من العملة الأجنبية.. والى نص الحوار:
> فى البداية ما تقييمك لجهود الدولة المصرية للنهوض بالقطاع الزراعي؟
>> الجهود فى مصر كبيرة وعظيمة وتستهدف حماية المكاسب وتنمية هذا القطاع بزيادة الرقعة الزراعية من أجل الوصول إلى الاكتفاء الذاتى وما يزيد يتم توجيهه للتصدير، وبالنسبة لتوفير المياه وعلى الرغم من حجم المخاطر والمؤامرات التى تحيط بها لم تقف القيادة السياسية منذ البداية مكتوفة الأيدى لعلمها بالنوايا والمخططات الدولية المتواطئة ضد مصر وحقها المشروع فى التنمية والحياة الكريمة، ولذلك كان القرار المصرى باتخاذ العديد من الإجراءات والاحتياطات لحماية مصر وشعبها من أضرار قد تصيبها من أى تصرفات حمقاء قد تضر بالشعب المصرى وتم التوسع فى معالجة مياه الصرف وإنشاء محطات المعالجة وأيضا إنشاء محطات معالجة مياه البحر وإنشاء محطة الضبعة لتوفير الطاقة ومما ينتج عن ذلك من توفير كميات كبيرة من المياه المعالجة نتيجة عملية التبريد والتى سوف تكون صالحة للزراعة.
* فى ضوء المتابعة هل ترى أن تلك الجهود كافية؟
** مصر تمتلك منخفض توشكي، الذى يستطيع ان يحتوى ملايين الأمتار المكعبة من مياه الفيضان، وقد رأينا ذلك منذ عدة أسابيع مضت وكيف كان سقوط الأمطار الغزيرة والسيول وتم فتح منخفض توشكى وامتلأ بمياه السيول ولم تتعرض مصر لأى أضرار، وتم إعادة تشغيل ترعة السلام وبناء قناطر أسيوط وسحارات سرابيوم، وتم حفر أنفاق قناة السويس لنقل مياه النيل الى صحراء سيناء وإنشاء مجتمعات زراعية وزيادة الرقعة الزراعية فى سيناء مما يعود بالتنمية والرخاء لأهل سيناء، وكل هذه الإجراءات من شأنها حماية نهر النيل من الفيضان المفاجيء وإمكانية تخزينها وتحقيق الاستخدام الأمثل منها مما يعود على الشعب المصرى بالتنمية والرخاء بإذن الله.
> وإلى أى مدى ساهمت المشروعات الزراعية فى تحقيق الاكتفاء الذاتى فى بعض المنتجات الزراعية ؟ وماهى هذه المشروعات؟
>> من أجل زيادة الرقعة الزراعية قامت الدولة بانشاء العديد من المشروعات القومية وعلى سبيل المثال وليس الحصر «مشروع مستقبل مصر»ويهدف إلى زيادة الرقعة الزراعية وزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح والذرة والمحاصيل الزيتية وتم تخصيص ٢ مليون فدان كمرحلة أولى على ان تتبعها مرحلة ثانية لتصل التوسعة إلى ٤ ملايين فدان.
والمرحلة الأولى بدأت بالفعل فى أبريل 2017 بتكلفة 8 مليارات جنيه، ووفرت 10 آلاف فرصة عمل مباشر و360 الف فرصة عمل غير مباشر فى أماكن مختلفة فى توشكى الخير والدلتا الجديدة وغيرهما، وكذلك مشروع الدلتا الجديدة وتنمية شمال ووسط سيناء ومشروع الريف المصري، كذلك قامت الدولة بانشاء مشروع الـ 100 الف فدان صوبة وهو ما يعادل 40 ألف صوبة لزراعة الخضار وأزهار القطف وبعض أصناف الفاكهة، كذلك قامت الدولة بإنشاء مشروع شرق العوينات على مساحة 560 الف فدان وتم زراعة 166 ألف فدان حتى الآن.
وهناك المشروع القومى لإنتاج شتلات قصب السكر من أجل الحفاظ على جودة المحصول ومعدلات مرتفعة من نسبة السكر فى المحصول، وتم البدء فى مشروع زراعة تقاوى البطاطس وانتاج البذور ، وأيضا هناك مشروع مبادرة حياة كريمة الذى يعتبر من أهم مشروعات العصر الحديث ومنذ عصر محمد على يقدم خدمات لأكثر من 1500 قرية خلال المرحله الأولى للمشروع وتبطين الترع من أجل دعم المزارع المصرى وتحسين معيشته بتكلفة مبدئية تعدت المليار جنيه ويعد أكبر مشروع تنمية فى العالم.
> وهل من الضرورى أن تحقق مصر الاكتفاء الذاتى من المحاصيل؟
>> هناك بعض المحاصيل التى حققت الاكتفاء الذاتى مثل الأرز والذرة الرفيعة والخضراوات مثل الفراولة وهى علميا من الخضراوات وليست فاكهة والطماطم فاكهة وليست خضار والفاكهة مثل الموالح وخاصة البرتقال وما يفيض منها للتصدير وكذلك الدواجن وبيض المائدة مما يحقق الأمن الغذائى للمصريين ، وهناك محاصيل مازالت بها فجوات زراعية مثل القمح والذرة الصفراء والمحاصيل الزيتية وكذلك اللحوم الحمراء وليس من الضرورى تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، لأن مثل هذا القرار مرتبط بأمور آخرى.
> وكيف ترى التعامل مع ملف إنتاج القمح محلياً؟
>> زراعة القمح والتوسع فيها تحتاج الى كميات مياه كثيرة وفى نفس الوقت الذى يتناقص فيه نصيب الفرد من حصة المياه لمصر، فيجب ان نعمل على ترشيد استهلاك المياه واستخدامها فى الزراعات المختلفة وبدراسات مدروسة لبعض المحاصيل واختيار التوسع فيها أو الإبقاء على نسبة الاستيراد لتعويض النقص فى المياه وهذا قرار يتخذه متخذ القرار بناء على معرفته بكل الملفات.
> وإلى أى مدى يساهم القطاع الزراعى فى إنعاش الاقتصاد؟
>> بالتأكيد يساهم القطاع الزراعى فى إنعاش الاقتصاد المصري، بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضار والفاكهة وتصدير الفائض منها مما يوفر دخلاً قومياً من العملات الأجنبية وكذلك هناك طفرة ملحوظة فى زيادة ما يحققه قطاع تصدير السلع الغذائية المصنعة والمعلبة للخارج وزيادة الدخل القومى من العملة الأجنبية.
> وكيف يكون التصنيع الزراعى قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني؟
>> يحتاج التصنيع الزراعى فى مصر إلى عدة إجراءات من شأنها تقوية هذا القطاع وزيادة عوائده من العملة الأجنبية مثل حصر الزراعات والأصناف التنافسية التى يتم اختيارها من أجل التصنيع الزراعى على ان تكون مساحات مجمعة وإنشاء مصانع التصنيع الغذائى بالقرب منها، التشجيع على الزراعات البيولوجية وتوفير مستلزمات الأنتاج من أجل الحصول على أعلى إنتاجية بصورة آمنة وصحية، وتقديم الدعم النقدى للمزارعين والمصانع لتطوير القطاع الزراعى وتحسين جودة الإنتاج من أجل تحقيق المنافسة العادلة والنوعية فى الأسواق الخارجية.
> وماذا عن امكانيات الزراعة البيولوجية فى مصر؟
>> نحتاج إلى استراتيجية متكاملة للزراعة البيولوجية فى مصر وكنت قد قمت فى عام 2004 بالتعاون والعمل مع مركز البحوث الزراعية فى الجيزة ومعهد بحوث وقاية النباتات التابعين لوزارة الزراعة وقمت بعمل تجارب على الزراعة البيولوجية فى «الفراولة والفلفل والخيار» وكانت النتائج ناجحة وواعدة جدا، وطالبت بضرورة إنشاء الصوب المحمية وقتها لما لها من فوائد اقتصادية عديدة ولكن لم يستجب رجال الأعمال فى ذلك الوقت لعدم إدراكهم لأهميتها وعوائدها الأقتصادية الهامة، وبعدها بعدة سنوات قمت بعقد أول مؤتمر للتعريف بالزراعة البيولوجية وقدمت استراتيجية مكونة من 8 خطوات تشمل العديد من النواحى وقد كان لجريدتكم الموقرة» الجمهورية» السبق فى نشر هذه الإستراتيجية فى حوار سابق لى منذ عدة سنوات مضت.
> وماذا يعطل الزراعة البيولوجية فى مصر؟
>> لم يكن هناك غير مجهودات فردية لا تحقق الهدف ولا تستطيع انتاج منتج بيولوجى متكامل وحقيقي، وذلك لعدم توافرمقومات الزراعة البيولوجية والمقاومة الحيوية المتكاملة وعدم وجود قانون يحدد ويقرر استخدام المواد البيولوجية فى ظل عدم وجود خبرات حقيقية لعدم توفر الممارسة الفنية، ولكن الآن الوضع أصبح مختلفاً عن قبل 20 عاماً مضت، وهناك إرادة سياسية وأكثر من 40 ألف صوبة تم بناؤها واذا أحسنا زراعتها زراعات بيولوجية نستطيع ان نحقق دخلا قوميا من العملة الأجنبية، وجاهز لمناقشة وشرح هذه الإستراتيجية من أجل تفعيل إستراتيجية الزراعة البيولوجية فى مصر ومن أجل مستقبل افضل.
وأنا دائما اقول ان تفعيل الزراعة البيولوجية هى ضرورة ملحة من أجل صحة المواطن المصري، ولذلك أستطيع ان اقول إن الزراعة البيولوجية تمثل أمناً قومياً، ومن الضرورى التحول والتركيز على الزراعات البيولوجية من أجل صحة الإنسان لانها زراعات نظيفة وخالية من السموم وزراعتها فى الصوب توفر من 70 إلى 80 ٪ من مياه الري، وتحقق زيادة فى الانتاج 4 أو 5 أضعاف المحصول، كما انها تصلح فى كل بيئة ونسب نجاحها متفاوتة على حسب الظروف البيئية المحيطة والمتغيرة،إلى جانب ان الطلب على المنتجات البيولوجية فى السوق العالمية أصبح مطلباً أساسياً وفى ازدياد وتعتبر ميزة تنافسية فى الأسواق العالمية.
> فى ضوء كل هذا.. كيف ترى مستقبل الزراعة فى مصر؟
>> مستقبل الزراعة فى مصر مبشر جدا وواعد، وخاصة مع استمرار الدولة على اتباع النهج الحالى والتوسع فى الرقعة الزراعية وتوفير مستلزمات الإنتاج والتوجه الى الدعم النقدى المباشر للفلاح وأيضا زيادة الانتاج بالتوسع الرأسى بزراعة واستنباط أصناف عالية الانتاجية والجودة، وأيضا ضرورة الاهتمام بالإرشاد الزراعى والتوسع فيه وتبادل الخبرات بين المزارعين بعضهم البعض .
> وما توصياتك من واقع خبرتك الطويلة ؟
>> أوصى بإنشاء جمعيات زراعية فى هذه الملفات يكون المزارعون هم ملاكها الحقيقيين ولهم حرية الشراء والبيع لكل مستلزماتهم الزراعية وغيرها ليكون ذلك مصدر دخل إضافى فى حالة تحقيق مكاسب يتم توزيعها عليهم لأنهم اصحاب الجمعيات فعلا، وبذلك يتم القضاء على الفساد فى المنظومة الزراعية وزيادة تكاليف الإنتاج زيادة غير حقيقية تذهب الى جيوب الفاسدين ويتحملها المستهلك المصرى فى نهاية الأمر، لأن أى زيادة فى سعر التكلفة يتحمله المستهلك النهائى للسلعة.
كما أوصى بأن تدخل الدولة كشريك مع المزارع من أجل ضمان وتحقيق الخطة الاستراتيجية الزراعية للدولة، وأيضاً ضمان سعر عادل فيه هامش ربح عادل للمزارع لضمان الاستمرارية وتحقيق معيشة كريمة للمزارعين.
وأوصى بزراعة المحاصيل التى تحتاج إلى كميات مياه غزيرة خارج مصر عن طريق شركات وطنية وكنوع من أنواع التكامل الاقتصادى مع دول حوض النيل والدخول فى شراكات زراعية وتجارية معهم مما يعزز التعاون الاقتصادى والسياسى بيننا وبين هذه الدول الأفريقية .
وتوقعاتى «إن شاء الله» مبشرة بالخير لأن مصر حالياً تحت قيادة رشيدة وتعمل بمبدأ التنمية المستدامة والحفاظ على المكتسبات الحالية وتنميتها وعندى كل الثقة فى الباحثين ورجال العلم والخبراء انهم قادرون على تحمل المسئولية وتطوير المنظومة الزراعية بما يحقق الاكتفاء الذاتى من بعض المحاصيل فى ظل المعطيات والتحديات الحالية والمستقبلية، وسوف تكون مصر قريبا من أهم الدول فى تصدير الخضراوات والفاكهة والصناعات الزراعية .