الديمقراطية الرأسمالية، التى كانت ذات يوم رمزًا للتقدم والثروة تجد نفسها اليوم عند مفترق طرق. لقد أدى سعيها الدءوب للكسب إلى عواقب وخيمة، مثل الضرر البيئى وتفاقم الفجوات الاقتصادية. ما كان يُعد يومًا نظامًا يهدف لتمكين الجميع تحول إلى نظام يخدم الطبقة الخاصة بشكل أساسي. إن طبيعة الرأسمالية المدفوعة نحو الربح لها سلبياتها. فالكثير من الصناعات تعطى الأولوية للأرباح على حساب الاستدامة الطويلة الأجل، مما يؤدى إلى مشاكل مثل التلوث واستنزاف الموارد وتغير المناخ. وغالباً ما يتجاهل السعى وراء الربح رفاهية المجتمعات والبيئات.
تتحكم النخبة الثرية فى الأمور الاّن بينما يكافح الكثيرون لتلبية احتياجاتهم اليومية. وعلى الرغم من أن الرأسمالية لا تزال تعمل للأفراد، إلا أنه يبدو أنها بالكاد تحافظ على وجودها. هذه الحقيقة واضحة فى أمريكا اليوم، حيث يكافح المواطنون العاديون للعيش الكريم، ويتساءلون عن تدنى مستوى معيشتهم مقارنة بالدول التى يرتكز ازدهارها على مساهماتهم الضريبية فى الخارج. يجب تصحيح هذا التفاوت لبقاء الرأسمالية، بالإضافة إلى مساءلة الشركات، حتى يتمكن أولئك الذين يقدمون الحلول من جنى المكافآت، بينما يواجه المسؤولون عن المشكلات العواقب.
هذا التحول بين الرأسمالية ورفاهية المجتمع، يوكد أهمية الغاية للحصول على الربح وتقديم القيمة للناس. وقد مثّل تفشى الجائحة مثالاً على هذا التحول، مما دفع الشركات إلى التكيف. حيث ازدهرت الشركات التى أولت اهتماماً للصحة ورفاهية المجتمع، مما أثبت أن الربح والغاية يمكن أن يتواجدا معاً بانسجام.
تحتاج المؤسسات الديمقراطية على مستوى العالم إلى إعادة تقييم استراتيجياتها بما يتجاوز السعى وراء أصوات الجمهور. من الضرورى مراقبة وتنظيم مصالح المجموعات، والمجموعات ذات المصالح الخاصة، والشركات للحد من تأثيرها على السياسات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، يجب اتخاذ خطوات للحد من نفوذ عمالقة وسائل التواصل الاجتماعى لتقليل تأثيرهم على الرأى العام. وهنا يجب أن تعود الديمقراطية إلى كونها أسلوب حكم «من الشعب، من قبل الشعب، ولأجل الشعب»، وليس مجرد عبد يخدم أسياد الشركات.
يبدو أن جيل الشباب قد خاب أمله فى الديمقراطية ككل، ويفضل النشاط على المشاركة داخل الأوساط السياسية. إن إشراك الشباب أمر حيوى لضمان مستقبل الديمقراطية، مما يستدعى من السياسيين الاستماع إلى أصواتهم بانتباه وإفساح المجال الكافى لسماعها.
يمكن للديمقراطيات أن تزدهر إذا أعيد تشكيل الرأسمالية لدعم الفئات المهمشة وإعادة تنظيم المؤسسات الديمقراطية لخدمة الناس بشكل أفضل وليس الشركات فقط. ت كل من الرأسمالية والديمقراطية تحتاج إلى إعادة تطوير ليفيد الجميع وليس نخبة مختارة، وإلا فإننى أرى أن هذين النظامين اللذين خدمّا العالم الحديث بشكل جيد سيكونان فى خطر كبير فى السنوات القادمة.