بعد سنوات من اختراع السينما بدأت المقارنة بينها وبين الأدب، وقال النقاد إن السينما لا تعطى المشاهد الفرصة لكى يسرح بخياله، فهى تقدم له القصة بالصوت والصورة والمكان والزمان عكس الأدب الذى يمنح القارئ الفرصة لكى يذهب بخياله بعيداً ويرسم فى ذهنه صورة للبطل أو البطلة ومكان اللقاء وغير ذلك من المشاهد التى تختلف من قارئ إلى آخر.
لذلك أصبح افتقاد الخيال سمة لازمت مشاهد السينما طويلاً، لكن من المستحيل أن يكون الفنان السينمائى المبدع هو الآخر يفتقد الخيال، بل من الضرورى أن يكون كاتب السيناريو ومخرج الفيلم لديهما القدر الواسع من الخيال حتى يستطيعا سرد قصة إنسانية مقنعة للمشاهد ويكون قادراً على تصديق ما يشاهده على الشاشة.
أما عناوين الأفلام المصرية فقد تطورت من «برسوم يبحث عن وظيفة» إخراج محمد بيومى عام 3291 وحتى «الملحد» إخراج محمد العدل، الأول عنوان جذاب مثير للخيال ولكن الثانى عنوان عديم الخيال «مغلق» على ذاته لا يمنح المشاهد فرصة للتفكير أبعد من الصفة التى يحملها بطل الفيلم، وعندما نعود بالذاكرة لعناوين الأفلام القديمة نجد فيلماً مثل «دعاء الكروان» مأخوذاً عن قصة بنفس العنوان للدكتور طه حسين يحمل قدراً هائلاً من الخيال والإحساس الأدبى ويبدو للوهلة الأولى بعيداً عن قصة الفيلم المأساوية، ولكن تكرار صوت الكروان مرات عديدة فى القصة يفتح نوافذ الأمل بأن الله يستمع لدعاء كل الكائنات والبشر وهو الرحمن الرحيم.
على سبيل المثال تدور أحداث فيلم «شارع الحب» فى شارع محمد على أو شارع الفن والفنانين، ولكن يوسف السباعى اختار عنوان «شارع الحب» لأن فى الفيلم قصة حب بين المطرب منعم «عبدالحليم حافظ» والفتاة الجميلة كريمة «صباح» وكلاهما يشدو بأجمل كلمات الحب، وفى نفس الفترة تقدم السينما المصرية الفيلم السياسى «رد قلبي» وعنوانه كما نرى لا علاقة له بالسياسة وهو فيلم عن الثورة وعنوانه ليس به كلمة ثورة على الإطلاق، والقلب الذى يشير إليه العنوان هو قلب صغير من الذهب كان الضابط «علي» أهداه إلى حبيبته «إنجي» قبل الثورة وأرادت هى أن تحتفظ به تذكاراً للحب الذى جمع بين قلبها والضابط «علي» رغم الفوارق الطبقية التى منعت زواجهما قبل ثورة يوليو.
فى هذا السياق من الصعب إغفال عناوين قصص الأديب الكبير إحسان عبدالقدوس وقد كان متفرداً فى اختيار عناوين قصصه وقد تحولت معظمها إلى أفلام مثل: «أين عمري» و»لا أنام و»الوسادة الخالية» و»أنا حرة» والفيلم السياسى «فى بيتنا رجل» ولا أحد يتوقع أن الفيلم يقدم ملامح من قصة كفاح الشعب المصرى ضد الاحتلال الإنجليزي، وكيف أن الإحساس الوطنى موجود داخل كل مواطن ليس له علاقة بالعمل السياسى مثل الأب حسين رياض فى الفيلم.
خلاصة القول إن الخيال كما هو مطلوب فى القصة السينمائية، من الضرورى أن يكون موجوداً فى عنوان الفيلم وقديماً قالوا «الكتاب يبان من عنوانه» مطلوب شيء من الخيال يرحمكم الله.