لايمكن لأحد إنكار أن عملية التنقل فى مصر صارت سهلة وميسورة خاصة فى القاهرة العاصمة رغم الزيادة السكانية التى تضاعفت حوالى 6 مرات منذ نحو 07 عاما.
وفى اعتقادى أن السبب وراء ذلك خاصة فى السنوات العشر الأخيرة كان التوسع فى مد شبكة مترو الانفاق فى خطوطه الثلاثة التى امتدت من قلب القاهرة حتى أطرافها النائية بأقاليمها بالجيزة والقليوبية.. وكذلك التوسع بشبكة الطرق والمحاور المرورية فى كافة الارجاء ويرجع الفضل فى ذلك إلى الرؤية الثاقبة والمتابعة الدءوبة والميدانية من الرئيس عبدالفتاح السيسى كان ولايزال لايبخل بأجازته الاسبوعية يوم الجمعة بالقيام بالمرور فجرا وفى أوقات متفاوته يستمع ويناقش المسئولين والعاملين فى هذه المشروعات التى جعل من مصر واحدة من كبريات دول العالم التى تمتاز وتصنف عالميا فى هذا المجال.
ولاتخلو أسباب سهولة حركة الانتقال أيضا من الارتفاع الملحوظ فى مستويات معيشة المواطنين ما ساعدهم على امتلاك سيارات خاصة جعلتهم يتركون أماكنهم فى المواصلات العامة لمواطنين آخرين ما جعلنا نشاهد الكثير من اتوبيسات النقل العام والنقل الجماعى الذى يفترض أن محافظة القاهرة تشرف عليه تسير شبه خالية فى غير أوقات الذروة وتضمن لمعظم الركاب مقاعد لهم فى أغلب الأوقات..
ولعله يدرك حقيقة حل أزمة المواصلات والمرور فى مصر أجيال بعينها عاشت فترة الستينيات والسبعينيات فى مصر عندما كانت اتوبيسات النقل العام أشبه بعلب السردين– وكان هذا يعتبر شائعا فى الصحف وقتها– من شدة الزحام وتكدس الركاب بها حتى أنهم كانوا يتدلون من الابواب فى مشهد غير إنسانى يدلل على مدى معاناة الناس فى هذه الأزمة المزمنة.
ومن الأمانة أن نذكر أنه كان لمحافظة القاهرة فى بداية ثمانينيات القرن الماضى دور فى حلحلة الازمة عندما تفتق ذهن محافظها على إنشاء شركة للنقل الجماعي– بجانب الاتوبيسات العامة بأسعار غير مدعومة تعرف مركباتها بالمينى باص تسع حوالى 62 راكبا وكانت بداية لدخول القطاع الخاص فى هذا النشاط الخدمى العام والذى توسع بعد ذلك ليشمل عشرات الشركات باعتباره نشاطا مربحا خاصة فى الفترة الاخيرة حيث كان يفضله الكثير من الركاب لنظافته وسرعته وضمان مقاعد خالية فيه خاصة فى مواقفه الثابتة علاوة على أمانة وحسن معاملة سائقيه الذين كانوا يخصصون لمراقبة ومحاسبة لايخضع لها غيرهم من سائقى الميكروباصات العامة الذين يطلق عليهم عفاريت الأسفلت من تهورهم وأساليبهم غير اللائقة فى التعامل مع الركاب.
ولكن للأسف تراجع إشراف محافظة القاهرة خلال السنوات الماضية على هذه الشركات العاملة فى هذا المشروع الخاص وأصبح لايوجد أى فارق بين هذا المشروع الخاص شبه الحكومى وغيره من الميكروباصات الأخرى بل أسوأ منها فى تهالك المركبات ومقاعدها وعدم توفر عناصر الأمان للركاب فيها بالاضافة إلى بطء الحركة لحرص السائقين على إلتقاط أكبر عدد من الركاب خلال الرحلة التى قد يقطعونها فى أكثر من ساعة ونصف الساعة فى حين أنها لا تأخذ أكثر من نصف المدة لو سار السائق بشكل طبيعى لايرهق فيه الراكب معه ولا يحقق مكاسب هائلة على حساب راحته ووقته.
ومن شكاوى الركاب هذه الايام هو المغالاة فى تعريفة الركوب والتى صارت الآن 21 جنيها للرحلة الواحدة.. وهذا سعر فى نظرهم مرتفع فى تذكرة الركوب فى تاريخ عملية النقل الداخلى فى مصر وهى بالتأكيد مرشحة للزيادة مع كل تحريك لأسعار الوقود.
وفى تصورى إنه إذا كان هناك إشراف حقيقى من محافظة القاهرة على شركات النقل الجماعى هذه فإنه يمكن تخفيفا عن معاناة الناس تجزئه سعر الركوب وفقا للمسافة.. فليس من الانصاف أن يتحمل راكب لمحطة واحدة أو محطتين نفس ثمن رحلة الركوب لراكب يتنقل من أول الخط حتى نهايته.. وهذا النظام معمول به فى الميكروباصات الخاصة وأظنهم يحققون أرباحا جيدة منه.. فى حين أننا نرى الآن عربات النقل الجماعى المينى باص– تسير شبه خالية بسبب هذا السعر غير العادل الذى يرهق الركاب ماديا ومعنويا.
باختصار.. نأمل أن يراجع محافظ القاهرة الجديد منظومة العمل فى هذه الشركات التى تخضع للمحافظة على الورق فقط ولكن فى الواقع تسير على مزاج مالكيها والمنتفعين منهم..!!