ما يحدث فى سوق الحديد بمصر يثير علامات استفهام حول استمرار ارتفاع أسعار حديد التسليح إلى أكثر من 40 ألف جنيه رغم استقرار أسعار الدولار بالأسواق وبالمقارنة بالأسعار العالمية نجد أن هناك زيادة مبالغاً فيها بشكل كبير جداً مما انعكس سلبيا على قطاع التشييد والبناء وأدى إلى ارتفاع قيمة الوحدات السكنية بنسبة عالية فما تقوم به شركات انتاج حديد التسليح المحلى يمثل تحكم وسيطرة على السوق المحلى وبالأسعار التى تناسبها وترضيها دون منازع ولا منافس.
والمثير للانتباه أن جميع الشركات المحلية المنتجة لحديد التسليح تكاد تكون شبه متقاربة تماما الفارق بينهما بسيط جدا لا يتجاوز 1000 جنيه وكأنهم متفقون على توحيد الأسعار لأن كلهم من القطاع الخاص ولا توجد منافسة لا من قطاع عام ولا من المستورد الذى فرضت عليه الحكومة رسوم اغراق بنسبة كبيرة ادت إلى منع دخوله إلى السوق المصرى وهو ما اعطى شركات الإنتاج المحلى لحديد التسليح الفرصة لتتحكم فى السوق وحدها بقوة منذ سبع سنوات وتفرض الأسعار التى تستطيع من خلالها تحقيق أكبر هامش ربح على حساب المستهلك حيث وصل فارق السعر بين الحديد من الانتاج المحلى والمستورد فى الطن الواحد إلى أكثر من 15 الف جنيه حيث تتراوح أسعار حديد التسليح عالميا وفى العديد من الدول المجاورة مثل تركيا والسعودية والأردن ما بين 590 إلى 605 دولارات للطن وهو ما يعادل 28 الف جنيه تقريباً فى حين أن سعر طن حديد التسليح فى السوق المحلى يتخطى الـ 40 الف جنيه لنجد أن الفارق بينهما كبير جداً بين سعر طن حديد التسليح المحلى والمستورد وهو ما يعد استغلال واضح للمستهلكين فى السوق المحلى الذى أصبح شبه مغلق عليهم بالرغم من حرية التجارة والسوق الحر وآليات العرض والطلب حتى تكون هناك منافسة شريفة.
وبصراحة فإن غلق سوق حديد التسليح على شركات الإنتاج المحلى بدعوة الحماية من الاغراق يمثل خطأ فادح لأنه يساعدهم على التحكم فى الأسعار والاحتكار ويقضى على المنافسة ويتسبب فى اضرار وخسائر للمستهلكين.
والحقيقة ان سوق حديد التسليح فى مصر شهد خلال الفترة الماضية تقلبات سعرية عجيبة ادت الى ارتباك فى حركة التشييد والبناء واصابت السوق بالشلل الأمر الذى يتطلب ضرورة وسرعة إلغاء رسوم الحماية لاجبار مصانع الإنتاج المحلى من حديد التسليح على خفض الأسعار والنزول بها الى ما يعادل الأسعار العالمية حتى ينعكس هذا على خفض تكاليف البناء والتشييد وبالتالى خفض اسعار الوحدات السكنية خاصة للشباب.
لقد حان الوقت لضبط سوق حديد التسليح فى مصر من خلال رفع الحظر عن الحديد المستورد ليتواجد فى السوق المصرى من اجل احداث توازن فى الأسعار والقضاء على التحكم فى الأسعار الذى تمارسه شركات الإنتاج المحلى خاصة وانها قد استفادت من الحماية وغلق السوق عليها أكثر من سبع سنوات تحكموا فيها وفرضوا الأسعار الخيالية التى حققوا منها ارباحا ضخمه دون مراعاه البعد الاجتماعى فى الحفاظ على انخفاض واستقرار تكاليف قطاع البناء والتشييد وخفض اسعار الوحدات السكنية.
لا شك ان انخفاض أسعار حديد التسليح فى السوق المحلى واستقرارها بالأسواق سيكون له مردود إيجابى على كافه القطاعات الصناعيه والانشائيه وبصفة خاصة البناء والتشييد بالاضافه الى السلع الهندسيه والمعدنيه الاخرى حيث يمثل عنصر أساسى فى مدخلات العديد من الصناعات المتنوعة.