بعد توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكومة بأولوية مواصلة وتكثيف جهود الحد من التضخم، من خلال برامج وسياسات متكاملة ومتسقة، مع ضمان توافر السلع والخدمات بالأسواق، كان لا بد من الاشارة الى أهم ما ركز عليه الرئيس، وهو ضمان الاستمرارفى زيادة الانفاق على قطاعات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، والسعى نحو رفع جودة الخدمات المقدمة فى تلك القطاعات.
حرص الرئيس السيسى على هذا التوجه ما هو الا اانعكاس لدراسة ومعرفة بالنماذج العالمية الحديثة، والمطبقة منذ عقود التى ثبت نجاحها بتطبيق هذا الفكر.. فالاقتصادى الهندى أماريتا سن والبالغ 90 عاما والحائز على جائزة نوبل، يؤكد أنه اذا أردنا تحسين الامكانات فعلينا تحسين القدرات، ولن يتأتى هذا الا من خلال التعليم والصحة.
أكد أماريتا أن الديمقراطية الهندية مهددة بدرجة وشكل اللامساواة الاجتماعية، بالذات اذا كانت الديمقراطية لا تعنى فقط السياسات الانتخابية والحريات المدنية وانما أيضاً التوزيع المتساوى للقوة فى المجتمع.. من هنا فإن أولى الخطوات هى استعادة حيوية الخدمات العامة المعممة لجميع السكان وعلى رأسها التعليم والصحة «حيث صارا محركين لاعادة انتاج الفوارق الاجتماعية مع تراجع الانفاق العام عليهما» وتوزيع أكثر عدالة للدخل والثروة.
وذكر ان القوة التى شهدتها الهند فى الطلب المحلي، أى الاستهلاك الخاص والاستثمار، تعود أصولها إلى الإصلاحات والتدابير التى نفذتها الحكومة على مدى السنوات العشر الماضية، كما أن الاستثمار فى البنية التحتية المادية والرقمية ساعد فى تعزيز جانب العرض والتصنيع ونتيجة لذلك من المرجح أن يكون نمو الناتج المحلى الاجمالى الحقيقى أقرب الى 7٪ فى 2025.
لذلك ندرك جميعا أن مصر انتقلت من اقتصاد الأزمة الى مرحلة الانطلاق الاقتصادي، وهى مرحلة دقيقة للغاية تحتاج الى عناية وثبات وحسم لكافة الاجراءات، فمصر تتمتع بإمكانيات كبيرة تمكنها من احداث طفرة صناعية، وذلك بفضل مواردها الطبيعية، بفضل الإصلاحات الاقتصادية التى تمت منذ اكثر من 10 سنوات وهى فترة تعتبر كافية لإحداث النقلة النوعية المأمولة، وبالتالى فإن الاقتصاد المصرى لابد وأن يعتمد على ان يكون اقتصادا انتاجيا وليس اقتصادا ريعيا يعتمد على الخدمات وتحصيل الضرائب بالتالى يجب أن نعتمد على المشروعات الصناعية والتكنولوجيا الحديثة، مع ضم الاقتصاد الموازى الى الاقتصاد الرسمى وتعظيم الاستثمار السياحى اى البدء الفورى فى استراتيجية فلسفتها صناعة السياحة فى مصر التى تمتلك ثلث آثار العالم مع تعدد المقاصد السياحية فيها.
وما نود أن نشير اليه حتى يتسنى لنا فتح المجال أمام الاصرار على الاستمرار فى رؤية الرئيس أن مصر أحرزت عددا من التراكمات فى التنمية منها التوازن بين الجغرافيا والديموجرافيا باتساع المعمور المصرى من 7٪ الى 14٪ من مساحة مصر وهى قفزة تجعل من هدف الوصول 25٪ من مساحة مصر ممكنا خلال السنوات القليلة القادمة، وهو أمر سوف يعالج الكثير من التحديات القائمة وعلى رأسها عدم قدرة الحكومة على توفير الأراضى الصناعية اللازمة لتعزيز التنمية الصناعية، خاصة فيما يتعلق بتوفير الأراضى الصناعية، وتخصيص أراض صناعية مجهزة للمستثمرين، وفى مناطق مختلفة من الجمهورية، خاصة الأماكن القريبة من موانئ التصدير وأماكن الاستهلاك، فالاهتمام بالصناعة، وتعظيم مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج المحلى الاجمالي، سيساعد فى الوصول إلى صادرات تتجاوز الـ 145 مليارا وفق رؤية مصر 2030، وبالتالى فإن مواجهة الاقتصاد المصرى للرياح العالمية العاتية بنمو يفوق التوقعات يدفعنا لتسليط الضوء حول الامكانيات التى يتمتع بها اقتصادنا، وهو ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.