البيروقراطية هى البنى والهياكل التى يقوم عليها تنظيم السلطات الادارية وتوزيعها وتحديد الصلاحيات وتسمية المسؤلين وتراتيبهم فى اطار منظم وفق القوانين،ومن الأسس التى تقوم عليها النظرية البيروقراطية ان الخبرة والمهارة والتأهيل هم أساس اختيار القائد، اذن هى فى حد ذاتها نظام لتسهيل العمل لا لتعقيده، إلا ان الفكر الإدارى العتيق والقائمين على تنفيذه هم من يقومون بالتعقيد، وبالتالى فإن أهم أسباب تفشى هذه الظاهرة هو الميراث الإدارى من التعقيدات على مدار سنوات طويلة ماضية، حيث مازال الفكر السائد للقيادات المسيطرة هو العمل بطريقة تقليدية دون أيابتكارات، والقضاء على تلك التعقيدات بالتأكيد يحتاج الى حلول إدارية ثورية وليست نمطية بعدما تضخمت وأصبحت سلاحاً فى أيدى بعض الموظفين يستخدمونها اذا أرادوا التعقيد أو للهروب من المسئولية ويتغاضون عنها إذا رغبوا فى تحقيق منفعة شخصية أو للمجاملة والمحسوبية وأصبحت المناخ الملائم للفساد.
والحقيقة ان قرار عدم غلق أى منشأة صناعية إلا بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بعد العرض على رئيس الوزراء،إضافة إلى ان الهيئة العامة للتنمية الصناعية هى الجهة الوحيدة المنوط بها التفتيش على المصانع، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، هو قرار جريئ وثورى وجاء فى توقيت مناسب ليضرب بيد من حديد أباطرة الفساد، ويقضى على حرب العملاء ضد المستثمرين والمصنعين وحماية للصناعة المصرية.
القرارأيضا يساهم بشكل كبير فى تصحيح أوضاع الصناعة فى مصر خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر ويمنحها قبلة الحياة لحل كافة المشاكل وتذليل العقبات التى تعوقها وتقف ضد تعديل أوضاعها، كما أنه يحمى حقوق العمال التى تعمل فى هذه المشروعات ويوفر لهم الاستقرار الوظيفى ولأسرهم كما أوضحت سابقا فى مقالى بعنوان «البيروقراطية وحلول عبقرية» فى نفس الزاوية بتاريخ 25 يوليو الماضى «الدور الذى يلعبه عمال هذا النوع من المشروعات فى التنمية حيث يمثلون شريحة كبيرة فى المجتمع، وتقنين أوضاعهم يحقق لهم الأمن الاجتماعى تحت مظلة حقيقية تضم عملهم وكذلك يوفر للدولة مصادر جديدة للنمو والإنتاج»، والقرار أيضا يحمى أصحاب رؤوس الأموال ويعزز الثقة فى مناخ الاستثمار المحلى ويسهم فى زيادة تدفقات الاستثمارات المحلية الجديدة والتوسع فى المشروعات القائمة مما يساهم فى توسيع القاعدة الصناعية فى مصر.
فى تصورى ان القرارات الثورية الادارية الجريئة لحل مشاكل المستثمرين الصناعيين يجب مساندتها بتنقية القوانين واللوائح التى تكبل «المصلح الإداري» ويجب ان تكون الشفافية هى الأساس فى كل التعاملات، وتدريب الموظفين وإجراء المواجهات بينهم وبين المسئولين الكبار وبين أصحاب المصالح يساهم ايضاً فى تخفيف آثار الفكر العتيق، مع ضرورة وضع برنامج زمنى لقضاء الخدمة والمحاسبة على أساسه ما يؤدى لقيام الموظف لواجباته على أسس ومعايير واضحة، وكذلك حان وقت تطبيق وتعميم نظام الادارة بالأهداف المحققة.
كلمة فاصلة :
ببساطة.. القرار الجريء سوف ينهض بالصناعة ويشجع صغار الصناع على الاستمرار، وهذا كله يصب فى صالح تحسين مناخ الاستثمار فى مصر، ويحقق توجيهات الرئيس السيسى بتحويل مصر إلى مركز صناعى إقليمى ودولي، وهذا يتطلب أيضا تغيير طريقة اختيار المسئولين فى هذه القطاعات على ان تقوم على مبادئ أهمها المبادرة والفكر المتطور وان يكون لدى المسئول رؤية مستقبلية لما يجب ان يكون عليه العمل فى القطاع الذى يديره وكذلك المرونة فى الافكار والأساليب الإدارية والبعد عن التقليدية اضافة إلى ضرورة تغيير نظم تقييم الاداء على ان يتضمن النظام الادارى الثواب والعقاب.