كان إعلان الرئيس «عبدالفتاح السيسي» أن يكون عام 2022 عامًا للمجتمع المدنى إشهارًا لجزء مهم من الهدف القومى المصرى الأسمى المقرر فى الدستور وهو أن تكون مصر دولة مدنية ديمقراطية.
ويشير مصطلح المجتمع المدنى إلى كل أنواع الأنشطة التطوعية التى تنظمها الجماعات حول مصالح وقيم وأهداف مشتركة، وبالتالى يمثل المجتمع المدنى شبكة كثيفة من الجماعات والشبكات والروابط التى تصل بين الفرد والدولة الحديثة.
وقد اعتمد البنك الدولى تعريف المجتمع المدنى وهو: «مجموعة واسعة من المنظمات غير الحكومية وغير الهادفة إلى الربح التى لها.
حضور فى الحياة العامة، وتعبر عن اهتمامات وقيم أعضائها أو غيرهم، على أساس الاعتبارات الأخلاقية أو الثقافية أو السياسية أو العلمية أو الدينية أو الخيرية، ولا شك أن أحد الأركان الأيديولوجية المهمة للمجتمع المدنى هو الطبيعة الخيرية لأنشطته.
وقد كان لمصر السبق فى تكوين أولى الجمعيات الأهلية تاريخيًّا داخل المنطقة العربية فى عام 1821 وبعدها توالى تأسيس الجمعيات حتى بلغ عددها ما يقرب من 58 ألف جمعية ورغم هذا العدد الكبير من الجمعيات لكن العديد منها يكاد يفتقر إلى الحضور على أرض الواقع، أو غير مقنن، ويُعرف المجتمع المدنى بأنه المجتمع الذى يشمل مؤسسات ومنظمات تعمل بشكل مستقل عن مؤسسات الدولة، وبصورة طوعية لا تهدف إلى الربح، وتستهدف خدمة المجتمع فى مختلف المجالات، ويشكل المجتمع المدنى إحدى الدعائم الرئيسة الشريكة لتحقيق التنمية المستدامة بالتنسيق والتعاون مع شركاء المسئولية.
وفى إطار أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030 التى أُطلِّقَت عام 2015 ، فإن المجتمع المدنى يُعد شريكًا رئيسًا فى وضع خطط التنمية المستدامة وتنفيذها وتقويمها، وتنظيم المشاركة المجتمعية فى الحفاظ على الموارد واستدامتها، كما أن المجتمع المدنى يُعد أداة للتواصل بين المواطنين ومتخذى القرار.
وتُعد التنمية حقًّا من حقوق الإنسان التى أقرَّتها الأعراف والمواثيق الدولية فى ظل شراكة مؤسسية تجمع بين الدولة والمجتمع المدنى والقطاع الخاص تحت مظلة من القيم والمبادئ المجتمعية الثقافية، وذلك من خلال تعزيز برامج تنموية وطنية تتوحد عليها رؤى كل مؤسسات المجتمع المدنى التى تعمل فى مجال العمل العام مع شرائح الشعب كافة، بديلًا عن العمل فى جُزر منعزلة، مرتكزة على نقاط تميز وقوة وتتجسد أهمية المجتمع المدنى فى منظماته التى تستطيع أن تُسهم فى التنمية المستدامة إسهامًا حقيقيًّا إذا نجحت فى بناء الوعى التنموى واستقراره وتوظيفه من خلال مشاركة حقيقية وفاعلة فى العملية التنموية.
والتوجه العام للدولة نحو إفساح المجال للجمعيات الأهلية لدعم مجهودات الدولة فى شتى المجالات مع التغلب على مشكله افتقاد قنوات مؤسسية ثابتة لتبادل المعلومات بين المؤسسات الأهلية والحكومية؛ مما يؤدى إلى عدم الاستخدام الجيد للموارد بالإضافة إلى التحديات الإدارية والمؤسسية والتنظيمية فى بعض وحدات الجهاز الإدارى المشرف على المؤسسات الأهلية.
وتعد الشراكة التنموية بين الدولة والعمل الأهلي، تجربة ذات طابع فريد تمثل أحد أهم ملامح الجمهورية الجديدة، وذلك بما تسهم به كيانات ومؤسسات المجتمع المدنى من جهود خدمية وتنموية فى العديد من المجالات الخدمية والتعليمية والصحية لخدمة المواطنين، حيث تجسد المؤسسات مبدأ مهما من مبادئ التنمية وهو مبدأ المشاركة فى العمل لدعم جهود التنمية واستهداف الأسر الأولى بالرعاية.
وفى إطار الدعم غير المسبوق من الدولة المصرية للعمل الأهلي، صدر القانون رقم 171 لسنة 2023 لتنظيم أعمال التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى باعتباره تحالفا غير هادف للربح وله شخصية اعتبارية، ويهدف إلى تعميق مفهوم التطوع فى العمل الأهلى وتنمية المجتمع، وتعبئة الجهود الفردية والجماعية لإحداث مزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وفى هذا الاطار فإن اضطلاع المسئولين من الوزراء والمحافظين بتفعيل منظومة العمل الاهلى والارتقاء بدور المجتمع المدنى باعتبار ذلك هو السبيل الأقرب لدعم الجمهورية الجديدة فى منظومة متكاملة وتنسيق تام بين العمل المؤسسى الحكومى والعمل الاهلى التطوعى بما يعود بمردود إيجابى على واقع الحياة وبما يؤدى لتحقيق التنميه المستدامة.
وحسنا فعل السيد اللواء طارق مرزوق محافظ الدقهلية عندما بدأ آولى خطواته للعمل بالمحافظة بالتواجد الميدانى بين المواطنين للتعرف على حجم المشكلات واليات حلها على ارض الواقع ثم دعوته للقاء منظمات المجتمع المدنى وممثلى الجمعيات الاهليه فى لقاء هام جداً حيث استمع إلى رؤيتهم فى اليات الارتقاء بالعمل الاهلى لدعم جهود الدولة والاهتمام بالمواطنين الاكثر احتياجا من خلال قاعدة بيانات ومعلومات واضحه ومحدده لمن هم أولى بالرعاية الاجتماعية حتى يصل الدعم المجتمعى الى مستحقيه حيث اتضح من هذا اللقاء اهتمام المحافظ الجديد بالمجتمع المدنى والعمل الأهلى التطوعى وهذا فى حد ذاته مؤشر لرؤية جديدة للعمل التنفيذى فى محافظة الدقهلية يوازن بين العمل المؤسسى والعمل الأهلى فى سبيل تحقيق تنمية شاملة محورها الانسان… وقد برز ذلك فيما طرحه المحافظ الجديد من رؤى وافكار للارتقاء بمنظومة العمل الاهلى بصورة اكثر واقعية.
وحقيقة أؤكد ان هذا التوجه لابد ان يكون عنوان عمل السادة المحافظين والمسئولين بكافة المحافظات فى المرحلة الراهنة وصولاً للجمهورية الجديدة التى دعا اليها السيد الرئيس وننشدها جميعا.
وختاما كلنا أمل فى ان يكون التحالف الوطنى للعمل الاهلى التنموى هو عنوان جديد للارتقاء بالعمل الاهلى والصعود بدور المجتمع المدنى لقمة الاداء خاصة فى ضوء صدور قانون خاص بالتحالف الوطنى للعمل الاهلى 171 لسنة 2023 ولائحته التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء 741 لسنة 2014 لتكون الاعوام القادمة جميعها للمجتمع المدني.
حفظ الله مصر
حما شعبها العظيم وقائدها الحكيم