تنص المادة (19) من الدستور على أن التعليم حق لكل مواطن هدفه بناء الشخصية المصرية والحفاظ على الهوية الوطنية وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز.. وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه فى مناهج التعليم ووسائله وتوفيره وفقاً لمعايير الجودة العالمية.
وتؤكد نفس المادة على أن التعليم إلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة فى مؤسسات الدولة التعليمية وفقاً للقانون وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4٪ من الناتج القومى الاجمالى تتصاعد تدريجياً حتى تتفق مع المعدلات العالمية وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
وفى المادة 26 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان اكدت الأمم المتحدة ان لكل إنسان حقاً غير قابل للنقض ومضمون فى ان يكتسب دون عقبات المعارف والمهارات اللازمة لضمان حياة كريمة ومستقلة.. ولا شك ان التوافق بين الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والدستور المصرى واضح فى حق التعليم وان التعليم بلغة بسيطة جداً هو أمن قومي..!
ولا شك ان التمويل هو أحد وأبرز المشاكل التى تواجه التعليم ومن هنا ظهرت المدارس الخاصة والأجنبية بمصروفات عالية جداً. وأذكر ان المدارس الخاصة فى الستينيات والسبعينيات فى القرن الماضى كانت مخصصة للطالب الذى لم يحقق نتيجة تؤهله للمدارس العامة.. أما الآن فالأمر مختلف بل ان مصروفات الحضانة عالية جداً فما بالك بالثانوي؟
الصعوبة الأكثر خطورة هى الدروس الخصوصية والتى أصبحت مباحة بشكل علنى بل ان الدروس الخصوصية أصبحت هى المصدر الرئيسى للتعليم خاصة فى الثانوى العام وأصبحت «سناتر» الدروس الخصوصية مورداً كبيراً للمال على حساب أولياء الأمور مما يزيد من أعباء الأسرة وقد يكون ذلك أحد أسباب تسرب التلاميذ غير القادرين من المدارس وهى مخالفة صريحة للدستور المصرى ومخالفة واضحة لأمن مصر القومى لأن هؤلاء المتسربين عادة يكونون ضحايا للجهل والادعاء العالمى والشطط الفكرى والإرهاب الدينى وطبقاً لدراسات سابقة فإن التسرب فى المرحلة الإعدادية هو الأعلي.. فإذا ربطنا التسرب فى المدارس بالجهل أو عدم الاستفادة من التعليم بسبب الغش فى الامتحانات والذى أصبح ظاهرة علنية منذ سنوات لوضحت الصورة بشكل أكبر فإذا أضفنا إلى ذلك النسبة العالية من عمالة الأطفال والتى وصلت إلى معدلات غير طبيعية يفضحها هذا الكم من الأطفال الذى يقودون التوك توك أو يبيعون فى الشوارع أو أحياناً يتسولون….!!
نقص مهارة التعليم تتضح فى وسائل التواصل الاجتماعى حيث نجد أخطاء غير منطقية فى كتابات طلاب فى مراحل متقدمة فى الثانوى والاعدادي.. فإذا قارنا ذلك بالمجاميع العالية جداً والمتقاربة فى لجان بعينها لعرفنا حجم ظاهرة الغش فى الامتحانات.
ولاشك ان مجتمعنا بشكل عام يعانى من ظواهر كثيرة أغلبها يستهدف شبابنا مما يؤدى لهزيمتنا النفسية فى الداخل مثل ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعى والظواهر السلبية فى السوشيال ميديا مما انعكس وسينعكس مستقبلاً – ان لم نواجه هذا الخطر بسرعة – ولعل أبرز أسباب هذا التوغل للسوشيال ميديا وتأثيراتها السلبية على حياتنا هو الجهل حتى لمن يعرف القراءة والكتابة وتغييب العقل والابتعاد عن الدين وإهمال الثقافة الإنسانية برغم ان الدستور نص صراحة على ضرورة إقامة هذه القواعد الأساسية فى عناصر التعليم.
ولا شك ان ظواهر قلة المدارس الحكومية وزيادة عدد التلاميذ فى الفصول بشكل مخيف والمناهج التى أصبحت فى حاجة ماسة للمراجعة والتطوير بل وتطوير طرق التدريس مما يستدعى إقامة دورات تدريبية ضرورية للمعلمين.. ورفع المستوى المعيشى للمعلم باعبتاره أساس نجاح العملية التعليمية وهناك قضية أخرى أراها فى أهم القضايا التى يجب ان تشغل بال المهتمين والمراقبين لهذه القضية وهى الاهتمام باللغة العربية بحيث تكون المناهج باللغة العربية وان تدرس اللغات الأجنبية كلغة ثانية وثالثة بل ورابعة أحياناً ولكن المناهج تكون باللغة العربية واحياء هذه اللغة وكذلك المناهج الخاصة بالدين والتربية الاجتماعية.. وتوجيه التعليم ناحية المستقبل واحتياجاته خاصة فى مجالات التكنولوجيا.
قضايا التعليم والتى تفجرت مع الأزمات الأخيرة كامتحانات الثانوية العامة نحتاج إلى اكثر من رأى ورؤية وهو ما سنتناوله فى الأسابيع المقبلة إن كان للعمر بقية ان شاء الله.