.. مازالت سماء الشرق الأوسط.. مليئة بسحب الحرب وعواصف المعارك التى لا تنتهي.
.. قد تبدو «ساعة الصفر» للحرب والصراع.. أبعد من توقعاتنا وحساباتنا.. لكنها دائما أقرب مما نتصور.
فلم تتوقف ساعة الزمن لحظة واحدة.. ولم تتعطل.. لكن «ساعة الصفر» مازالت صفراً.. كما يقول المفكر الإستراتيجى الكبير محمود زاهر.
.. لكن «ساعة الصفر».. لن تبقى صفرا إلى الأبد.. فقد بدأت تقارير المخابرات الأمريكية تتحدث عن هجوم إيرانى وشيك على إسرائيل خلال الساعات الـ24 القادمة.
.. وذكرت صحيفة فيننشيال تايمز البريطانية.. إن انتظار ضربة الانتقام الإيرانية لإسرائيل.. أصبح ثقيلاً.. مثل انتظار الموت.. الذى كثيرا ما يكون أصعب من الموت ذاته.
أكد يواف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى خلال جلسة سرية للجنة الأمن بالكنيست الإسرائيلى ان حديث رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو عن النصر الكامل على حركة حماس فى غزة.. عبارة عن كلام فارغ ليس له أى معني.. لكن إسرائيل تقف حاليا فى حالة تأهب قصوى لمواجهة أى هجوم انتقامى إيراني.. كما أن إسرائيل جاهزة لعمليات هجومية انتقامية.
.. وتكشف تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلى الوجه الحقيقى للفكر والتخطيط العسكرى الإسرائيلي.. الذى يخطط للحرب القادمة.. قبل أن تتوقف الحرب القائمة.
.. فليس من عادة إسرائيل ان تنتظر هجوما عسكريا.. أو ضربة انتقام توجه إليها.. سواء من إيران أو حزب الله.. ليس من عادة إسرائيل أن تنتظر من يبدأ ضدها الحرب.. إسرائيل تفضل دائما المبادأة بالحرب.. والقيام بالحرب الوقائية وتوجيه ضربات الاجهاض الاستباقية لأعدائها.
.. وهذا جزء من فكر وإستراتيجية ديفيد بن جوريون.. مؤسس دولة إسرائيل.. وكان يؤكد دائما ان إسرائيل دولة صغيرة المساحة.. ليس لديها العمق الإستراتيجى اللازم للدفاع عن نفسها.. ولذلك لابد أن تأخذ إسرائيل بزمام المبادرة بالحرب ضد أى عدو.. بهدف نقل المعركة بعيداً عن أراضيها.. إلى داخل أراضى العدو.. وهذا ما يمكن أن يحدث مع حزب الله اللبنانى خلال الساعات الساخنة القادمة.
.. وهنا نكتشف أنه لا توجد «ساعة صفر» واحدة للحرب والتصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط.. بل هناك «ساعة صفر» بتوقيت طهران وبيروت.. تقوم خلالها إيران وحزب الله بتوجيه ضربات انتقام مزدوجة أو منفصلة لإسرائيل.
بتوقيت تل أبيب
.. وهناك أيضا «ساعة للصفر».. بتوقيت تل أبيب.. قد تقوم خلالها إسرائيل ببدء الحرب الوقائية الاستباقية ضد إيران وحزب الله فى لبنان.
.. وذكرت لوموند الفرنسية نقلا عن تقارير للمخابرات الأمريكية ان إسرائيل يمكن ان تتعرض لضربات إيرانية انتقامية من الآن.. وخلال أيام الأسبوع الحالي.
وأكدت تقارير المخابرات الإسرائيلية ان إيران سوف توجه ضربات انتقامية مباشرة من داخل أراضيها إلى إسرائيل.. وذلك خلال الأيام القادمة.
أوضحت تقديرات الموقف لدى جهاز المخابرات الإسرائيلى الموساد.. وجهاز المخابرات العسكرى الإسرائيلى أن إيران قد اتخذت القرار النهائى بالانتقام من إسرائيل.. بعد اغتيال إسماعيل هنية قائد الجناح السياسى لحماس فى طهران.
أشارت المخابرات الإسرائيلية إلى أن الهجوم الإيرانى قد يحدث خلال الساعات أو الأيام القادمة.. ربما قبل 15 أغسطس الحالي.
ويدور حوار واسع فى طهران حاليا حول نوع وطبيعة ضربة الانتقام الإيرانية.. تردد أن الرئيس الإيرانى الجديد يريد توجيه ضربات انتقامية لقواعد إسرائيل السرية فى مناطق خارج إسرائيل.
فى حين يوجد إصرار لدى قيادات الحرس الثورى الإيرانى على توجيه ضربات انتقامية إلى عمق إسرائيل.
.. وذكر رئيس لجنة الأمن القومى بالبرلمان الإيرانى ان إيران سوف توجه ضربة انتقام مضاعفة إلى إسرائيل بأكثر من 600 صاروخ وطائرة مسيرة.. وليس 300 صاروخ ومسيرة كما حدث فى ضربة 13 أبريل الماضي.
الموعد المجهول
كل ذلك يؤكد ان ضربة الانتقام الإيرانية.. أصبحت مؤكدة.. لم يبق سوى تحديد موعد «ساعة الصفر».. ومعرفة متى تبدأ وكيف.. وما هى الأهداف الإسرائيلية التى سوف تتعرض للهجوم؟
.. ويمكن أن يقال حاليا انه يوجد نوع من السباق المفتوح على «ساعة الصفر» بين إيران وإسرائيل.
إيران تخطط لساعة الصفر.. التى تنتقم فيها من إسرائيل.. وفى تل أبيب نجد ان إسرائيل تخطط لساعة الصفر.. التى تسبق فيها.. بتوجيه ضربة وقائية استباقية لإيران.. بهدف إحباط أى هجوم انتقامى إيراني.. حتى قبل أن يبدأ.
وذكرت التقارير القادمة من واشنطن ان وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستين ناقش مع وزير الدفاع الإسرائيلى مسألة احتمال قيام إسرائيل بتوجيه ضربة استباقية لإيران.. لكنه طالب بأن تكون واشنطن على علم مسبق بأى ضربة استباقية إسرائيلية ضد إيران.. وقال لابد ان تقوم إسرائيل باخطار أمريكا أولا.
.. هكذا يقف الشرق الأوسط.. على حافة هاوية الحرب والتصعيد العسكرى الإقليمى الواسع.. إيران وحزب الله يقومان حاليا بعملية تقدير واسعة للموقف الإستراتيجى العسكرى فى الشرق الأوسط.
وتردد ان إيران تريد استعادة وتأكيد قدرتها الثابتة على ردع إسرائيل.. وتقوم القيادة الإيرانية حاليا بدراسة متأنية لسيناريوهات ضربات الانتقام.. احتمالاتها والنتائج التى يمكن ان تترتب عليها.
دبلوماسية يائسة
وتمضى الأيام سريعا.. ولم تحدث ضربة الانتقام بعد.. والعالم يقف على أطراف أصابعه خوفا من مخاطر اشتعال حرب إقليمية واسعة فى الشرق الأوسط.. خصوصا بين إيران وإسرائيل.
السؤال المطروح الآن.. لماذا تأخرت ضربات الانتقام التى هدد بها حزب الله اللبناني.. وهددت بها إيران؟!
.. وقد جرت خلال الساعات الماضية اتصالات ساخنة بين الرئيس الأمريكى جو بايدن.. وقادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا.. فى محاولات دبلوماسية يائسة لإقناع إيران بضبط النفس.. والتخلى عن تقويض الاستقرار الإقليمي.
.. وتؤكد كل الشواهد حاليا ان شبح الحرب والتصعيد العسكرى يخيم على الشرق الأوسط.
وقد بدأت إسرائيل فى اتخاذ إجراءات دفاعية شاملة خوفا من ضربات الانتقام القادمة.. وقامت باغلاق مطار بن جورون فى اللد.. وتحويل كل رحلات الطائرات المدنية من وإلى إسرائيل إلى مطار إيلات فى أقصى جنوب إسرائيل على البحر الأحمر.
اعترف الإسرائيليون بأن إيران وحزب الله يعتبران مطار بن جورويون المدني.. هدفا عسكريا.
.. وقامت إسرائيل أيضا باغلاق حدودها الجنوبية مع قطاع غزة.. خوفا من قيام حركة حماس الفلسطينية.. باستغلال خطر الهجوم الإيرانى الوشيك.. وتقوم بتوجيه ضربات جديدة إلى مدن ومستوطنات غلاف غزة.. كما حدث فى أكتوبر الماضي.
وقد بدأت عملية الاغلاق فعلا اعتبارا من الثانية عشرة من ظهر الأحد الماضي.
.. واعترفت الصحف الإسرائيلية بأن إسرائيل تعتمد على أمريكا اعتمادا تاما فى كل ما يتعلق بالدفاع عنها.
مقاتلات إف 22
.. وأكد لويد أوستين وزير الدفاع الأمريكى ان الولايات المتحدة سوف تقدم لإسرائيل كل المساعدات العسكرية اللازمة.. لمواجهة أى هجوم إيرانى انتقامي.
.. كما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعزيز تواجدها العسكرى فى الشرق الأوسط وقامت لأول مرة منذ سنوات طويلة بارسال سرب كامل من طائرات اف-22 الخفية الأمريكية إلى المنطقة.. بهدف احباط أى هجوم إيرانى يمكن ان تتعرض له إسرائيل وهى أكبر المقاتلات الاعتراضية فى العالم.
وقامت أمريكا أيضا بارسال غواصة نووية أمريكية لإسرائيل مع مجموعة من السفن الحربية.. تضم المدمرات والطرادات.. للاشتراك فى الدفاع عن إسرائيل.
واعترف يواف جالانت وزير الدفاع الإسرائيلى بأن إيران تستعد للقيام بهجوم كبير ضد إسرائيل.
وتوجهت حاملة الطائرات الأمريكية إبراهام لينكولين إلى إسرائيل مع مجموعة من السفن الضاربة المصاحبة لها.. فى إطار الالتزام الأمريكى بالدفاع عن إسرائيل.
.. وذكرت صحف تل أبيب ان هناك اتصالات محمومة تجرى بين إسرائيل وأمريكا حاليا لبحث الوسائل الكفيلة بردع ومنع إيران وحزب الله من القيام بالهجوم وتوجيه ضربات انتقامية لإسرائيل.
وقام وزير الدفاع الإسرائيلى مؤخرا بزيارة قاعدة نيتانيم الجوية الإسرائيلية جنوب تل أبيب.. حيث أكد من هناك ان إسرائيل مستعدة لأسوأ سيناريوهات التصعيد العسكرى مع إيران وحزب الله.
بدون رصاصة واحدة
ويقول الخبير العسكرى الإسرائيلى ياكوف كاتز ان إيران قامت مؤخرا بحملة حرب نفسية واسعة ضد إسرائيل.. حققت من خلالها مكاسب إستراتيجية كبري.
ويعترف كاتز بأن إستراتيجية إيران بالتلويح والتهديد بضربة انتقامية لإسرائيل.. لم تحدث بعد.. لكنها نجحت فى إصابة إسرائيل باضرار بالغة.. حتى بدون ان تطلق إيران رصاصة واحدة.
وأوضح كاتز ان إسرائيل قامت باغتيال اسماعيل هنية الزعيم السياسى لحماس فى طهران.. فى عملية سرية لجهاز الموساد الإسرائيلي.
لكن بعد مرور أسبوعين تقريبا على هذه العملية.. تبقى الأسئلة بلا اجابة.
أولاً: هل حققت إسرائيل أهدافها من وراء اغتيال هنية؟!
ثانياً: هل عملية اغتيال هنية تستحق كل ما تتعرض له إسرائيل حاليا من خوف وفزع هائل.. خوفا من ضربات انتقام إيرانية.
هذا الانتظار المرعب.. جعل إسرائيل تواجه موقفا صعبا وشبح الانتقام يخيم على سماء تل أبيب ومدن إسرائيل الكبري.. والخوف يملأ قلوب وعقول كل مواطن فى إسرائيل بالخوف والرعب.
فقد أصبحت إسرائيل معزولة تماما عن العالم.. وتوقفت كل رحلات الطيران المدنى من وإلى إسرائيل.. وتدهور الاقتصاد الإسرائيلي.. حتى أصبح فى حالة سقوط حر.. ويؤكد المسئولون فى تل أبيب ان الحرب الشاملة مع إيران وحزب الله يمكن ان تؤدى لتدمير المنشآت المدنية فى المياه والكهرباء فى إسرائيل.. وليس فقط القواعد العسكرية وحتى مصانع إنتاج السلاح فى إسرائيل وتوقفت حركة الاستيراد والتصدير فى إسرائيل تماما.. ولن يعود شيء فى إسرائيل إلى ما كان عليه مطلقا.
بين الخوف والرعب
.. ويعيش الملايين من يهود إسرائيل فى حالة من الخوف والقلق المرعب.. فى حلقة جديدة من جحيم التوتر الذى يتضاعف داخل إسرائيل بصورة لا تطاق.
واعترف ياكوف كاتز بأن حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبنانى تحدث بفكرة إستراتيجية منذ أيام.. وقال ان التشويق الإستراتيجي.. فى انتظار ضربات انتقامية لم تحدث بعد.. يعتبر فى حد ذاته هجوما على إسرائيل.. فقد تم وضع إسرائيل فى حالة كاملة من الخوف فى انتظار هجوم لم يحدث بعد وهذا نوع آخر من الهجوم السيكولوجى الذى أحدث أضرارا بالغة بكل مواطن فى إسرائيل.
.. وفى النهاية اضطرت أمريكا لحشد المزيد من قواتها وأساطيلها فى الشرق الأوسط للدفاع عن إسرائيل.
وهكذا تمضى الأيام والساعات بلا حصر.. وساعة الصفر.. مازالت صفراً..
.. وفى النهاية أصبحت هناك حقيقة صعبة ومريرة فى أفواه الشعب الإسرائيلي.. وهى ان مشاعر الخوف والفزع والرعب والصدمات المتوالية.. أصبحت جزءا من الحياة الطبيعية فى إسرائيل.
بين القوة والخوف
فى كل مرة تقوم فيها إسرائيل بهجوم فى منطقة ما من الشرق الأوسط لابدأن تجلس إسرائيل على الأرض بعدها.. خوفاً وفزعاً فى انتظار هجوم إيرانى انتقامي.
وهذه هى استراتيجية نتنياهو الجديدة.. التى يجمع فيها بين القوة والخوف.. يريد أن تبدو إسرائيل قوية جداً فى عيون أعدائها.. رغم أنها تموت خوفاً فى كل ساعة من انتقام أعدائها.
وهذا له تأثيراته الخطيرة على الدولة والمجتمع فى إسرائيل.. لأن حالة الحرب الدائمة تعطى لأعداء إسرائيل القدرة على التلاعب بها كما يشاءون.. من خلال إطلاق تهديدات فقط يمكنهم وقف رحلات الطيران من وإلى إسرائيل.. وإصابة الحياة فى تل أبيب بالشلل التام.. بدون إطلاق رصاصة واحدة وهذا هو واقع قدرة وقوة إيران وحزب الله وتأثيرهما الخطير على إسرائيل.. وهذا دليل واضح على مدى ضعف دولة إسرائيل من الداخل.. حتى لو كانت إسرائيل قادرة على القيام بعمليات اغتيال استعراضية فى بيروت وطهران.
ويقول ياكوف كاتز لقد اغتالت إسرائيل فؤاد شكر فى بيروت وهنية فى طهران..ولكن فى مقابل ذلك تم اغتيال شيء أهم داخل الشعب الإسرائيلي.. هو الإحساس بالهدوء والطمأنينة والأمن.. والحقيقة أنه منذ هجوم حماس فى ٧ أكتوبر الماضى تم اغتيال وإعدام الأمن الإسرائيلى ذاته!!
يقولون فى تل أبيب حالياً إن استمرار حالة الصراع والحرب المتصاعدة إلى الأبد.. هى فى الواقع قصة وجود وبقاء دولة إسرائيل.. وأن هذه هى الحقيقة التى يجب أن يتعايش معها كل من يريد الحياة فى إسرائيل.. فهذا يعنى أن المعارك لا تتوقف والحرب بلا نهاية.
الوجود والبقاء
وهناك من يتساءلون علناً فى تل أبيب.. ماذا يقول كل ذلك بالنسبة لمستقبل إسرائيل.. وجودها.. وبقائها؟
الغموض وانعدام الوضوح يلف كل شيء.. ولم يعد هناك سوى شيء واحد مؤكد.. هو أن إسرائيل قد فقدت القدرة على اتخاذ زمام المبادرة الاستراتيجي.. فقد تمكنت إسرائيل من اغتيال فؤاد شكر وهنية.. لكن هذه الاغتيالات عمليات تكتيكية استعراضية رخيصة.. لا تنطوى على رؤية واضحة لمستقبل إسرائيل..لا يوجد مخطط أكبر وأوسع مدي.. بعيداً عن هذه الحرب المستمرة إلى الأبد.. لا يوجد مخطط يفتح الطريق أمام إسرائيل إلى مستقبل تنعم فيه بالأمن والسلام.
حان وقت الرحيل
يعترف الإسرائيليون صراحة بوجود حالة من الخوف العميق داخل المجتمع الإسرائيلي.. وسط أنباء وتكهنات لا تتوقف حول متى وأين وكيف يمكن أن توجه إيران وحزب الله ضرباتهما الانتقامية لإسرائيل.
حالة الحرب الدائمة فى إسرائيل منذ أحد عشر شهراً حتى الآن.. دفعت عشرات الآلاف من الإسرائيليين إلى الرحيل ومغادرة إسرائيل إلى الأبد.. صحيح لم تصل الحياة داخل إسرائيل إلى حالة الشلل التام.. لكن إسرائيل تعيش فى حالة من التأهب ليس لها مثيل.. استعداداً لأسوأ سيناريوهات الحرب مع إيران وحزب الله.. ولذلك ارتفعت أصوات قوية داخل إسرائيل تطالب الجنرالات بتوجيه ضربات استباقية لإيران وحزب الله.. لإحباط وردع ومنع أى ضربات انتقامية ضد إسرائيل.
على مدى أيام
أكدت صحيفة لوموند الفرنسية أن إسرائيل يمكن أن تتعرض فعلاً لسلسلة من الهجمات الإيرانية خلال هذا الأسبوع.. واعترفت صحف تل أبيب بأن الهجوم الإيرانى يمكن أن يستمر لعدة أيام.. لكنه فى كل الأحوال.. سوف يأتى فجأة.. إيران تريد تحقيق مفاجأة استراتيجية.. رغم أنها لا تريد حرباً شاملة مع إسرائيل فى هذا التوقيت.
لكن سيناريو الحرب الشاملة يبدو هو الأقرب لأن إسرائيل سوف ترد بمنتهى العنف على أى ضربة انتقامية لإيران وحزب الله.. وترددت أنباء أن الهجمات الجوية الإيرانية ضد إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة يمكن أن تستمر ثلاثة أو أربعة أيام.. لكن متي.. لا أحد يعرف.
ذكرت الصحف الإسرائيلية أن تل أبيب توازن حساباتها حالياً بدقة شديدة لتحديد مدى وجدوى قيامها بتوجيه ضربة وقائية استباقية لإيران.. وربما حزب الله وحده أولاً.
صنع المفاجأة
هناك عناصر محددة فى المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تفضل صنع المفاجأة الاستراتيجية التى قد لا تؤدى بالضرورة إلى التصعيد الكامل والحرب الشاملة مع إيران وحزب الله لكن مثل هذه المفاجأة يمكن أن تؤدى لردع إيران وميلشياتها.
ذكرت جيروزاليم بوست أن أمريكا تتعمد استعراض قوتها العسكرية فى الشرق الأوسط.. وقوة أساطيلها.. بهدف تأكيد استعدادها للدفاع عن إسرائيل.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو يجد نفسه حالياً فى مأزق حقيقي.. هل يواصل ضبط النفس.. وعدم التصعيد مع حزب الله اللبنانى باعتبار أن لبنان هى الجبهة الثانوية فى الحرب مع إسرائيل.. مقارنة بإيران الجبهة الرئيسية.
مع ذلك ترتفع أصوات بين الجنرالات تطالب بالبدء بتوجيه ضربة وقائية لحزب الله أولاً.. تقوض قدرة حزب الله الاستراتيجية فى الصواريخ والطائرات المسيرة.
السحابة السوداء
يطالب الجنرالات فى تل أبيب بضرورة أن تتخلص إسرائيل من السحابة السوداء التى تملأ سمائها وحياتها بالخوف والقلق.
وذكرت مصادر المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أن إيران تفضل حرب الاستنزاف الطويلة ضد إسرائيل.. بدلاً من ضربة انتقام واسعة.. تضع الشرق الأوسط على حافة الهاوية والحرب الإقليمية الشاملة.
أوضحت المصادر أن هناك تنسيقاً عسكرياً وثيقاً بين أمريكا وإسرائيل حالياً.. والأحاديث التليفونية تجرى مرتين يومياً على الأقل بين وزير الدفاع الأمريكى ووزير الدفاع الإسرائيلي.
وعلى مدى هذه الساعات تجرى عمليات واسعة لتقييم المواقف والمعلومات.. حول مختلف التطورات ومن الواضح حتى الآن أن إيران تتحسب لرد الفعل العسكرى الأمريكي.
ويؤكد الجنرال الإسرائيلى المتقاعد يسرائيل تسيف أن إسرائيل تقف حالياً على خط التصعيد العسكرى وأن إسرائيل أصبحت قريبة جداً من التورط فى حرب إقليمية واسعة.. وسط تهديدات إيران وحزب الله بالانتقام لاغتيال هنية وفؤاد شكر.
قال: إن إسرائيل تتجه نحو تصعيد عسكرى خطير جداً ولا أحد يعلم ما هى نوايا وخطط حزب الله وإيران.. لا أحد يعلم حتى بين الجنرالات وقادة جيش الدفاع الإسرائيلي.
اعترف ضباط الجيش الإسرائيلى بأن «قوة الرضوان» التابعة لحزب الله اللبنانى يمكنها اختراق حدود إسرائيل الشمالية من أجل السيطرة على مستوطنات ومدن إسرائيلية فى الجليل.. ويخطط حزب الله للسيطرة على مستوطنة أو قاعدة عسكرية إسرائيلية فى الشمال.. ولا شك أن حزب الله يرى فى ذلك نصراً كبيراً.
الهروب الجماعي
اعترفت الصحف الإسرائيلية بحقائق جديدة تماماً وهى قيام أعداد كبيرة من الإسرائيليين بالهروب والفرار من أجواء الحرب والتصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط.. وفضلوا الرحيل ومغادرة إسرائيل والعودة إلى بلدانهم الأصلية فى أمريكا ودول أوروبا.
وذكرت الصحف أن الكثير يحملون أكثر من جواز سفر.. جواز السفر الإسرائيلى وجواز السفر الأمريكى والأوروبي.. وهؤلاء سارعوا بالهروب السريع من إسرائيل.. والعودة إلى بلدانهم الأصلية مع عائلاتهم ورءوس أموالهم.
وقد اعتاد الإسرائيليون يومياً على سماع الأنباء الحزينة لسقوط القتلى والجرحى بين جنود الجيش الإسرائيلى وعن وفاة الرهائن فى الأسر.. داخل غزة.
وتدوى صفارات الإنذار فى تل أبيب ومختلف مدن إسرائيل يومياً ثلاث مرات على الأقل.. تحذر من انطلاق الصواريخ القادمة من لبنان أو من غزة.
وقد أصبحت نصف مدن إسرائيل خالية من السكان فعلاً.. بعد هروب سكان الشمال والجنوب من مستوطناتهم وبعد استدعاء كل جنود الاحتياط للخدمة فى الجيش الإسرائيلي.
الآن.. أصبح كل شيء فى إسرائيل يبدو محطماً تماماً وقد تعرض المهاجرون الجدد فى إسرائيل لصدمات عنيفة ومتوالية.. واضطر غالبيتهم إلى مغادرة إسرائيل فى رحلة ذهاب بلا عودة خوفاً من أجواء الحرب والمعارك التى لا تتوقف.
ليسوا وحدهم
المفاجأة أن المهاجرين الجدد ليسوا وحدهم فى الهجرة من إسرائيل بلا عودة.. بل هناك الآلاف من يهود إسرائيل الذين سارعوا بالرحيل خوفاً من أجواء الحرب وانعدام الأمن والاستقرار.
وكل من لديه أكثر من جواز سفر فى إسرائيل سارع بالرحيل ومغادرة إسرائيل.. ولم يبق سوى اليهود الذين لا يملكون سوى جواز السفر الإسرائيلى فقط تقريباً.. واعترفت صحف تل أبيب بأن البقاء فى إسرائيل فى زمن الحرب والتصعيد العسكرى المتواصل مؤثر للغاية وهناك إحساس عميق بالصدمة والحزن بين كل يهود إسرائيل.
والسؤال الذى يتردد على ألسنة الجميع فى كل مكان من إسرائيل حالياً.. هو لماذا نبقى هنا ونعيش فى إسرائيل وهى منطقة حرب ومعارك لا تتوقف؟!
استقرار اقتصاد إيران
ويقول الإسرائيلى آشر فريدمان إن إسرائيل تخطط لتوجيه ضربات انتقام لإيران لتدمير المنشآت البترولية وتدمير ميناء بندر عباس والقواعد العسكرية ومصانع إنتاج الصواريخ والمسيرات فى إيران.. كما تخطط إسرائيل لتدمير منشآت إيران النووية فى عمليات رادعة تقوض استقرار اقتصاد إيران.
لكن كل ذلك يؤكد فى النهاية أن سماء الشرق الأوسط مازالت مليئة بسحب الحرب وعواصف المعارك التى لا تتوقف وتبدو ساعة الصفر للحرب والصراع أحياناً أبعد من توقعاتنا وحساباتنا.. مع أنها دائماً أقرب مما نتصور.. حتى وإن كانت ساعة الصفر مازالت صفراً.. كما يقول اللواء محمود زاهر.. والساعات أو الأيام القادمة سوف تجيب بأحداثها على كل الأسئلة التى تبدو حتى الآن بلا إجابة.