اعتصام رابعة البداية.. والفض وجهود الدولة الوطنية كما توثقها الكتب
عندما استشعرت الجماعة الإرهابية اقتراب نهايتها ورفض الشعب لها، لجأت لتفعيل فلسفتها الأولى القائمة على الدم والدم فقط لكن استشعار النهاية دفعها للتخلى عن قناع الوطنية الزائفة وظهرت بوجهها القبيح لتؤجج نيران الإرهاب داخل الدولة ببؤرة فى القاهرة وأخرى فى الجيزة، ولتعطيهم الدولة الفرصة تلو الأخرى فيردوا بالغدر والخيانة والتدمير لمفاصل الوطن وشعبه، حتى إذا ما بلغ الأمر ذروته وضاق نزلت الجموع تفوض القائد العام عبدالفتاح السيسى للمواجهة..جاء يوم تخلص الوطن من عملاء الخيانة والتآمر على الوطن وفض الاعتصام.. وكعهد المصريين على مر التاريخ، يلبى الشرفاء نداء الوطن مقدمين أنفسهم قرباناً فى حب الوطن، فى مواجهة أعدائه وذلك فى ملحمة رائعة، سجلها الشهداء الأبرار من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين أيضاً، فى كتب شهوداً على اللحظة.
الاعتصام.. مشهد صناعة الدويلة داخل الدولة بدأ ظهر 21 يوليو 2013 بعد 25 يوماً من بداية تكوينه ليصفه بدقة الكاتب الصحفى الراحل ياسر رزق فى الفصل السادس من كتابه اسنوات الخماسينب شارحا توافد حشود ضخمة من أتباع الجماعة الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسى ليغلقوا منطقة رابعة العدوية بأكملها بالمتاريس والحواجز والأسلاك الشائكة، الاعتصام الذى شهده ميدانا ارابعةب بالقاهرة واالنهضةب قبيل ثورة الشعب فى 30 يونيو بأربعة أيام بالجيزة كان استباقاً مخططا للخروج الجماهيرى المرتقب فى يوم الثورة ، لتظهر الأبعاد الإجرامية للاعتصام المسلح بعد بيان الدولة المصرية فى 3 يوليو 2013 لتعلو نبرات التحريض على منصات الخطابة فى الميدانين ويهدد متحدثو منصة رابعة صراحة بإشعال الحرائق فى البلاد واستهداف وحدات الجيش ما لم تتحقق مطالبهم بعودة مرسى للحكم.
يكشف الكاتب يوم إغلاق الإرهابيين للميدان بأنه للمفارقة فى اليوم ذاته وفى نفس التوقيت كان يحاور الفريق السيسى وزير الدفاع آنذاك ليؤكد له تمسكه بألا يترك المواطنين نهبا للترويع ولا البلاد مسرحا للإرهاب.
تتتبع صفحات الكتاب وصف مسار الأحداث الساخنة والحاسمة فى تاريخ الوطن، فبعد ثلاثة أيام تحدث الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى حفل تخريج دفعتين من الكلية الحربية وطالب الشعب بالنزول بعد 48 ساعة لتفويضه والجيش والشرطة لمواجهة العنف والإرهاب المحتملين، الأمر الذى يظهر بعد نظر القائد العام واستقرائه للمشهد من جانب وثقته الكبيرة فى الشعب من جانب آخر.
أحداث المنصة
استجاب المواطنون ونزلوا بعشرات الملايين مستشعرين تفشى خطر الإخوان الذين كشروا عن أنيابهم بعد يوم واحد من التفويض، وانطلقوا بأحداث عنف هائلة عرفت بـ اأحداث المنصةب حيث اشتبكت الجماعة الإرهابية مع الشرطة، ورغم أن الدولة كان بإمكانها القضاء على الاعتصام فى ذلك التوقيت أو فى بداية تكوينه أو فى يوم غلق الميدان لكنها صبرت عليهم وأعطتهم فرصا مطولة ليعودا إلى رشدهم لكن دون جدوي.
فى أوائل أغسطس من العام ذاته اتصل الشيخ محمد حسان باللواء محمد العصار العضو البارز بالمجلس العسكرى وطلب أن يلتقى الفريق أول السيسي، وبالفعل تم ترتيب اللقاء الذى بكى فيه حسان وهو يقول ا نريد أن نحقن الدماء وألا يتعرض أحد للمعتصمين السلميين..!ب ليرد السيسى عليه اأطلب منهم أن يخرجوا من رابعة والنهضة، ولن يتعرض لهم أحد وهذه كلمتيب، لكن كعهدهم من الخيانة كان ردهم على وعد السيسى قطع الشوارع والطرق المحيطة بالميدان ومحاولة نشر الإرهاب فى الدولة.
طبيعة التفشى الإرهابى تتضح فى كتاب ااعتصام رابعة.. بين الحقائق والأكاذيبب حيث يكشف فيه الكاتب الصحفى مصطفى بكرى أن الإخوان حرصوا على تسيير مظاهراتهم بدءاً من يوم الأربعاء 31 يوليو واستمرت فى أيام الجمعة والأحد والثلاثاء من الأسبوع الذى يليه ثم طيلة الأسبوع اللاحق به، وصدرت خلال ذلك الجماعة الأطفال كدروع بشرية لها، وقد سعت إلى تحصين المنطقة التى اعتصموا فيه فبدأوا فى بناء الدشم باستخدام كميات هائلة من الاسمنت والحديد، ووضعوا الذخائر داخل الاعتصام وبمناطق محيطة، وسار المعتصمون فى ميدان النهضة على ذات النهج، وفى يوم 11 أغسطس أعلنت جماعة الإخوان حالة النفير العام فى البلاد لمواجهة ما يتردد من نيات لفض الاعتصام، وطالبت أعضاءها بالاستعداد لمواجهة الإرادة الوطنية فى جميع ميادين البلاد.
وكانت الحكومة قبل ذلك وبرئاسة الدكتور حازم الببلاوى قد بدأت فى مناقشة أمر الاعتصام مع رؤساء الأحزاب ورموز القوى الوطنية لمناقشة سبل فض الاعتصام، وقد سمحت الدولة كذلك لمبعوثى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وعدد من ممثلى دول أخرى بالزيارة والنقاش من أجل استطلاع تفاصيل المشهد وحث الإخوان على الخضوع للإرادة الشعبية، لكن خرج بيان الرئاسة يوم 7 أغسطس ليوضح أن مرحلة الجهود الدبلوماسية انتهت بعد أن كانت قد بدأت منذ أكثر من عشرة أيام بموافقة وتنسيق كاملين مع الحكومة المصرية التى سمحت بها الدولة إيمانا منها بضرورة إعطاء مساحة للجهود التى من شأنها حث الإخوان ومناصريهم على نبذ العنف وحقن الدماء والرجوع عن إرباك المجتمع وحركته.
ساعة الصفر
فى صباح يوم الأربعاء 14 أغسطس 2013 وبعد فشل جميع محاولات الفض السلمى ورفض الإخوان لها، أعلن مصدر أمنى مسئول أنه خلال دقائق سيتم فض اعتصامى رابعة والنهضة، ويرصد تقرير لجنة تقصى الحقائق التى شكلها المجلس القومى لحقوق الإنسان وتوضح أنه فى حوالى الساعة السادسة من صباح هذا اليوم ، بدأت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، وبتأمين من القوات المسلحة فى التحرك إلى المناطق المؤدية إلى ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر، وقامت بإغلاق شارعى يوسف عباس والطيران بالأسلاك الشائكة، وأحاطت جميع المخارج بأعداد من القوات التابعة لها، وفى حوالى الساعة السادسة والعشرين دقيقة صباحا بدأت قوات الشرطة فى بث رسائل إلى المعتصمين عبر مكبرات الصوت تناشدهم إعلاء مصلحة الوطن وإنهاء اعتصامهم فورًا، وتتعهد بعدم ملاحقة المواطنين باستثناء الصادر بشأنهم أوامر بالضبط والإحضار، وتؤكد كل الحرص على سلامة المواطنين وتناشدهم إجلاء المعتصمين من النساء والأطفال وكبار السن وعدم استخدامهم كدروع بشرية، وتحذر المعتصمين من القيام بأعمال عنف أو استخدام السلاح ضد قوات الفض، الأمر الذى سيقابل بمنتهى القوة والحزم، وأن عملية فض الاعتصام تتم بقرار من النيابة العامة وبحضور وسائل الإعلام المحلية والعالمية.
يذكر التقرير أن الإنذارات الأولى لفض الاعتصام استمرت حتى السادسة وخمس وأربعين دقيقة صباحًا، وأثناء ذلك دارت مناقشات بين قوات الأمن وأفراد تأمين الاعتصام فى منطقة ممر الخروج الآمن، وأكد أحد أفراد الشرطة وجود وسائل مواصلات للمعتصمين من الأقاليم، وعدم التعرض لهم.
وحسبما يوضح الكتاب وفق التقرير فإنه فى الساعة السادسة وخمس وأربعين دقيقة بدأت قوات الأمن فى إطلاق صافرات تحدث طنينا وألما شديدًا فى الآذان، تستخدم كوسيلة من وسائل فض التجمعات، تلاها تحرك الجرافات لإزالة الحواجز والسواتر الترابية والخرسانية بداخل الميدان، فبدأ المعتصمون بإلقاء الطوب على هذه الجرافات، وردت قوات الأمن على الطوب بالمياه، فألقى المعتصمون على قوات الأمن قنابل المولوتوف، وردت عليهم بقنابل الغاز المسيل للدموع الكثيف، وأطلق المعتصمون الخرطوش وصاحب ذلك تقدم قوات الأمن تجاه الميدان، وقد سقط الكثير من المعتصمين مغشيا عليهم، مختنقين من آثار كثافة الغاز، وبدأ المستشفى الميدانى يفتح أبوابه لتلقى هذه الحالات.
ولم تركن الجماعة الإرهابية إلى ذلك وحسب بل استمرت أساليبها فأخذت المنصة والإذاعة الداخلية لرابعة بمنصتها، تطالب المعتصمين بالثبات وعدم الاستجابة لمطالبة قوات الأمن، وبدأت فى تصوير عملية الفض على أنها حرب على الشرعية مدعية أنها عملية إبادة جماعية، وبدأ عدد من المعتصمين فى إشعال إطارات السيارات وجذوع الأشجار من أجل إحداث سحابة دخان تقلل من آثار الغاز المسيل للدموع.. وشهدت المنطقة الواقعة بين شارع الطيران وشارع يوسف عباس تصعيداً مفاجئاً باستخدام الأسلحة النارية من قبل المعتصمين تجاه قوات الأمن مما أسفر عن مقتل ضابط وأربعة مجندين.
من المشاهد القاسية.. كان تقدم أحد قادة الأمن يحمل مكبرا للصوت ووقف فى مواجهة دار المناسبات المجاور لمسجد رابعة لبث نداءات بإجلاء الميدان وهو يعد المعتصمين بعدم التعرض لهم، فأطلق النار عليه من قبل مسلحين من اتجاه دار المناسبات ليسقط شهيدا فى الحال.
وحسبما يوضح بكرى فى كتابه فإنه فى حدود الساعة الواحدة ظهرًا استطاعت مسيرات المؤيدين للاعتصام الوصول من شارع رمسيس، كما وصلت مسيرات من طرق أخرى أدى وصولها إلى تراجع قوات الأمن عن ميدان رابعة، بغرض وقف تقدم الوافدين من مؤيدى الاعتصام من جميع الجهات، وهو ما أدى إلى توقف العمليات المسلحة داخل ميدان رابعة مؤقتا.
البلتاجى يتزعم المعتصمين
تجمع المعتصمون وقت التوقف حول المنصة مرة أخري، واعتلت قيادتهم المنصة (البلتاجي) ودعوا المعتصمين إلى الثبات وعدم الخروج من الميدان، وظل الوضع على هذا النحو حتى الثالثة عصرا، عندما نجحت قوات الأمن فى وقف تقدم المسيرات القادمة من المحاور المختلفة، وقامت بتنظيم صفوفها والعودة مرة أخرى للميدان، وفى حدود الساعة الخامسة إلا الربع انضمت تشكيلات جديدة من قوات الأمن داخل الميدان وحدثت اشتباكات بين المعتصمين وبعض المواطنين المرافقين لقوات الأمن، وتبادلوا إطلاق المولوتوف، مما أسفر عن اشتعال النيران فى الخيام القريبة من المنصة، وانتقلت النيران إلى مسجد رابعة مما أدى إلى إحراقه، وامتدت النيران أيضًا إلى واجهة المستشفى الملاصق للمسجد..بحلول الساعة السادسة مساءً أحكمت قوات الأمن سيطرتها كاملة على ميدان رابعة وما حوله، وتم إخراج جميع المعتصمين بمحيط الميدان، كما قامت بإخلاء المستشفى الميدانى والمركز الطبى المجاور من كل الأطباء والمساعدين خارج الميدان، بعد أن سمحت قوات الأمن لأطباء وأهالى ومعتصمين بإخراج الجثامين والجرحى من المستشفى بعد امتداد الحريق إلى واجهتها وقرر المعتصمون نقل هذه الجثامين إلى مسجد الإيمان بشارع مكرم، وبحلول الساعة الثامنة والنصف مساءً انتهت عملية فض الاعتصام بسقوط 632 قتيلا من الجانبين بحسب بيان مصلحة الطب الشرعى ومصادر أخرى وما يقرب من 1492 مصابا.
هذا فيما يتعلق باعتصام رابعة أما اعتصام النهضة فيذكر الكتاب الموثق بأحكام محكمة الجنايات أنه كان الفض فيه سريعا، بخاصة بعد أن تسرب إلى المعتصمين أن السلطة عازمة على الفض، فتحرك الكثيرون منهم إلى داخل كلية الهندسة ثم أشعلوا النيران فى مبنى الكلية، ثم اندلعت اشتباكات شارك فيها أهالى منطقة بين السرايات ضد المعتصمين الذين أطلقوا عليهم الرصاص، وأسفرت عملية الفض عن سقوط 88 قتيلا و 266 مصابا، بينما سقط 63 قتيلا و 314 مصابًا فى المناطق المحيطة بالميدان.
عنف وإرهاب
وبعد فض اعتصامى رابعة والنهضة بدأ الإخوان سلسلة من عمليات عنف وإرهاب استهدفت رجال الجيش والشرطة والمنشآت العامة والخاصة وأشاعوا الفوضى فى أنحاء البلاد كافة، وأوضح بيان الدكتور شريف شوقى المستشار الإعلامى لمجلس الوزراء فى يوم 17 أغسطس أن الإخوان وأنصارهم قاموا خلال الفض بحرق 12 كنيسة و 6 مجالس مدنية و 5 مقار الدواوين المحافظات فى محاولة فاشلة لإحداث فتنة وإسقاط الدولة بالإضافة إلى اقتحام سجن مركزى ومحاولة اقتحام مكتبة الإسكندرية ومهاجمة أقسام الشرطة والسجون، كما أن عدد شهداء الشرطة بلغ فى هذه الأيام الثلاثة التى تلت فض اعتصامى رابعة والنهضة 57 شهيدا و 563 مصابًا.
يسرد ثروت الخرباوى القيادى السابق بالجماعة الظلامية ملمحا من أهم ملامح فض الاعتصام وأخطر فصوله،وهو اتخاذ النائب العام لقرار الفض، فيقول فى كتابه االقضاء والجماعةب إنه لما تعاظمت جرائم الجماعة فى اعتصامها الإجرامى المسلح وشكلوا خطرا مباشرا على جموع الشعب المصري، ثم ازدادت فداحة أعمالهم فقبضوا على عدد من الأهالى وحبسوهم فى دور مناسبات مسجد رابعة وأعملوا فيهم التعذيب ظنا منهم أنهم يتجسسون على المعتصمين إلى جانب جرائهم المتتابعة عند ذلك جاءت الخطوة الفارقة حينما أصدر المستشار الشهيد هشام بركات قراره بــ افض اعتصام رابعة ولو باستخدام القوة الجبريةب.
النائب العام.. يتحدث
ويضيف الكاتب أنه طلب لقاء المستشار هشام بركات ليعرف منه المزيد عن الحقائق التى صاحبت اعتصام رابعة المسلح والدواعى التى دفعته لإصدار قرار الفض، فقال له الم أتردد لحظة وأنا أوقع على قرار فض هذا الاعتصام المسلح، ولم يكن هذا القرار سياسيا، ولكنه كان قضائيا يستهدف حماية الأمن العام للبلاد، بعدما توافرت الأدلة على أنهم يحتفظون داخل الاعتصام بأسلحة، وأنهم ارتكبوا داخله العديد من الجرائم التى ترتب عليها مقتل عشرات الأشخاص، وأنا أعلم علم اليقين أننى سأكون مستهدفا من تلك العصابة الإجرامية، ولكننى حينما أجمعت أمرى وأصدرت هذا القرارب..وأستكمل المستشار الجليل حديثه عن مشاعره الشخصية بعد اتخاذ القرار واستقرائه للأحدث المحيطة والمستقبل قائلا ا أنا لا أخشاهم، ولا يخيفنى أبدا أنهم حاولوا اغتيال اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، والتحقيقات فى هذه القضية كشفت عن أنهم قرروا اغتياله على خلفية فض اعتصامهم المسلح برابعة، ولك أن تعلم أن اسمى هو فى صدارة قائمة اغتيالاتهم، وأنا أنتظر قدرى برضاء تام لأننى أديت واجبى تجاه وطنى وديني.ب لكن يد الغدر أبت إلا أن تجمع للمستشار إلى جوار شرف خدمة الوطن، شرف الاستشهاد من أجله، وتضيف هى لسجلاتها من الخسة والعار صفحات من الإساءة لرموز الوطن الذين لم يصونوا نعمة الانتساب إليه.
إن ما حدث وقت الاعتصام من جرائم ليست بالجديدة على الجماعة الإرهابية أو كما يدعى البعض بكونها تيارا محدثا على فكرهم، بل هى فلسفة تدميرية تكونت منذ وضع البنا اللبنة الأولى للإرهاب والعنف والدم ليسير فيهم فلسفة الجرم التى حدث به مفكرو الوطن وأصحاب الإنشغال به منذ أكثر من 60 عاماً كأنهم ينظرون من سجف الغيب عن حال تكشف فى عام أسود من تاريخ الوطن إبان حكمهم ختموه بما لا يخطر على بال.
حتى قال عنهم طه حسين، مستنكرا فكر الجماعة: انصبح ذات يوم فنكتشف فريقا منا كانوا يهيئون الموت والهول والنكر لإخوانهم فى الوطن ولإخوانهم فى الدين ولإخوانهم فى الحياة التى يقدسها الدين كما لا يقدس شيئا آخر غيرها من أمور الناسب..فلو كان العميد مشاهداً لما شاهده المصريون وقت الاعتصام أو اطلع على ما نقله الشهود ونطقت به الوثائق، ما اختلف حديثه عن ذلك أو زاد عليه..ووصف كامل الشناوى تأثيرات هذه الفلسفة قائلا اإن هذا الإرهاب هو حكم على مصر بالشلل، والتأخر، والفزع، إننى لأعجب كيف استطاع الإرهابيون أن يصنعوا كل هذا وهم آمنون مطمئنون؟
وإنى حزين أن يوجد إنسان واحد، لا جماعة منظمة، تصنع الموت للناس، وتحترف التخريب والتدمير، وإن قلبى ليقطر حزنًا إذا كانت هذه الجماعة ترتكب جرائمها باسم الإسلام، وتجد من يصدقون دعواها !ب
كتبت هذه الكلمات فى كتاب اهؤلاء هم الإخوانب والذى كتب بأقلام أعلام الفكر الوطنى (جلال الدين الحمامصي، محمد التابعي، على أمين، كامل الشناوي)، إلى جوار طه حسين، حتى يعرف المصريون حقيقة جماعة الدم والخراب، ولتصارح الأجيال الجديدة أنفسها بأهمية الأخذ بما يقوله أصحاب الدراسة والخبرة، فلو اطلع المجتمع بما قاله هؤلاء الرواد وقتها لما وصلنا لوقت يعتصمون فيه ويتخذون الناس دروعا، فلا بد اليوم من مطالعة فعلية ووعى حقيقي، حتى لا ننسي.