فى المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير المالية أحمد كجوك الأسبوع الماضي، عرض الوزير العديد من المؤشرات الإيجابية التى حققها الاقتصاد المصرى خلال العام المالى 2023/2024، وتحدث عن نجاح الحكومة فى تحقيق فائض أولى يصل إلى 857 مليار جنيه، وفى زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 30 ٪ لتصل إلى تريليون و482 مليار جنيه، وعن المبالغ التى خصصتها الحكومة لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية، وغيرها من الأرقام التى تبعث الطمأنينة عن حالة الاقتصاد وتؤكد أن اقتصادنا بخير.
وحاول الوزير إرسال مجموعة من رسائل الطمأنينة للمواطنين حول مستقبل الاقتصاد المصري، واستمرار دعم الحكومة لمحدودى الدخل فقال إن الشعب المصرى هو المالك الحقيقى للموازنة، وإن وزارة المالية ستعمل بكل جهد لتعظيم الموارد لخلق مساحة مالية كافية للإنفاق على مجالات التنمية البشرية وكل ما يهم المواطنين، وأن أرقام الموازنة مهما تحسنت ستكون بلا معني.. إذا لم تنعكس فى تحسين أداء الاقتصاد وتنافسية مجتمع الأعمال وتحسن مستوى المعيشة.. وأنه رغم أن الحكومة لم تفرض ضرائب جديدة العام الماضى إلا أنها نجحت فى زيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 30 ٪ وأن هذه الزيادة تم توجيهها للانفاق على برامج الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
لكن الرسالة الأهم فى رأيى جاءت فى قوله «إننا سنقوم بترتيب أولوياتنا من جديد، حتى يكون الإنفاق العام أكثر مراعاة للبعد الاجتماعى من أجل احتواء أثر الإصلاحات الاقتصادية».
هذه الرسالة دفعتنى لسؤال الوزير عن جهود الحكومة للسيطرة على ارتفاع الأسعار وخفض معدلات التضخم، لأن المواطن لا يعنيه الأرقام التى تعلنها الحكومة، بل يعنيه قدرته على شراء السلع الأساسية ومستلزمات حياته اليومية. وكانت إجابة الوزير أن التضخم أصبح مشكلة عالمية، وأن السيطرة عليه تتطلب تضافر كل الجهود، والتنسيق بين الوزارات والجهات المختلفة بما يحقق توافر وعرض كميات كافية من السلع بالاسواق، وتوافر العملة الاجنبية لاستيراد السلع والخامات وسرعة تدفقها للسوق المحلي، بالإضافة إلى التنسيق مع البنك المركزى الذى يضع السياسة النقدية ويتحكم فى حجم السيولة المالية.
الجهد الذى تبذله الحكومة لا ينكره إلا جاحد، ومشروعات التنمية التى تقام فى كل حى ومدينة وكل محافظة لايتجاهلها إلا فاقد البصر والبصيرة، ورغم ذلك سيظل تدبير الاحتياجات الاساسية للاسرة يحتل الأولوية القصوى لعائلها. والمواطن أصبح لديه قناعة بأن التغيرات الجيوسياسية والحروب والصراعات الإقليمية والأزمات العالمية ليست وحدها المسئولة عن الارتفاعات غير المبررة فى أسعار السلع، لأن هناك سلعاً ترتفع أسعارها ارتفاعات مبالغاً فيها رغم أنها تنتج محلياً وغير مرتبطة نهائياً بما يحدث فى العالم ولا علاقة لها بحرب روسيا وأوكرانيا أو بارتفاع أسعار الدولار، لكنها ترتفع لأسباب أخرى لعل أبرزها الجشع والاستغلال وتغليب المصالح الخاصة على المصلحة العامة للوطن.