دائما ما تتصدر أخبار الآثار المصرية مانشيتات الصحف والمجلات وكافة وسائل الإعلام العالمية ، وأبدا ستظل الآثار المصرية خاصة الفرعونيّة هى موضع شغف بنى البشر أجمعين، فعندما تعلن مصر عن كشف أثرى جديد نشاهد العالم وقد حبس أنفاسه ليرى ويعرف تفاصيل هذا الكشف، ربما يشعر المواطن العالمى بأن هذا التراث الذى تحمله هذه الآثار لا يمثل المصريين فقط بل يمثل الحضارة الإنسانية بأسرها، لكن السؤال هل المصريون أنفسهم لديهم نفس الشعور والاهتمام؟ هل تصنع هذه الاكتشافات بهجة حقيقية لجموع الناس مثلما يفعلها إحراز مو صلاح لهدف مع فريقه ليفربول؟ هل تحظى الآثار المصرية فى أماكنها التاريخية كالأهرام وأبوالهول وطريق الكباش ومتحف الأقصر وأبوسمبل ومعبد فيله.. وكذا ما تضمه المتاحف والمخازن وما تحويه باطن الأرض باهتمامات الناس العاديين غير المتخصصين أو المعنيين؟ والسؤال الثانى: هل نحن قادرون على إدارة تلك الثروة بشكل اقتصادى يخلق واقعا جديدا لا تصنعه آبار النفط وحقول الغاز الناضبة؟ بالتأكيد مصر قدمت قامات علمية فى الآثار يشار إليهم بالبنان وينظر إليهم العالم باحترام وتقدير، نحن أصحاب الحضارة وورثة تلك الآثار فنحن خير من يتحدث عنها وأفضل من يفك شفراتها المعقدة، لكن هل لدينا ما يسمى باقتصاديات الآثار والاكتشافات الأثرية؟ هل هناك من هو قادر على تحويل هذا الرصيد الإنسانى النادر والوحيد إلى رصيد اقتصادى يخلق رواجا سياحيا وثروة لا تنضب؟ ببساطة هل نحن مدراء ناجحون لآثارنا؟ ربما لا أكون مبالغا إذا قلت إن ما ينشر فى مصر عن الآثار اقل مما ينبغى بل إن غالبية ما ينشر يرتبط بقضايا سرقة أو تهريب الآثار! كذلك نفرط فى الحديث عن اعادة الآثار الموجودة فى المتاحف العالمية منذ عهود الاحتلال مثل حجر رشيد فى المتحف البريطانى وغيرها وكأننا قد انتهينا من استغلال وتنمية كل آثارنا، وهذا ليس دعوة للتوقف عن المطالبة بعودة تلك الآثار وهذه قضية مهمة أخرى لكن فقط هى ملاحظة على توزيع الاهتمامات بين ما تملكه ولا تجيد إدارته وبين ما لا تملكه وتجيد الحديث عنه والبكاء عليه، يا سادة الآثار يكتشفها ويرممها الأثريون ثم يشرحون لنا أسرارها، لكن إدارة هذه الآثار بشكل اقتصادى ففى تقديرى أنها أكبر من الأثريين أنفسهم فلا يجب أن يكون عالم الآثار خبير تسويق واقتصاد وسياحة وترويج، هناك خبراء أو يجب أن يكون هناك خبراء متخصصون فى إدارة المنظومة الأثرية المصرية بمنظور اقتصادى واضح، أنا لا أعرف وأظن لا أحد يعرف حجم العوائد الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للآثار المصرية! ولا أعرف أيضاً القيمة المضافة المتوقعة فى حالة إدارتها بشكل نموذجى، لكننى أعرف يقينا أن اكتشاف أثر يجب أن يكون أهم من اكتشاف بئر نفط، بشرط أن نحسن إدارة هذا الكشف الأثرى.