أخطر ما يمكن أن يواجه أي أمة هو النسيان، آفة خطيرة وعواقبها صعبة، عندما ينسى الضمير الجمعي للأمة عدوهم أو من كانوا يريدون لهم الدمار والانهيار أو من تآمر عليهم أو عندما ينسى من كانوا بجانبه ويدافعون عنه ويحاربون من أجله، ومن ضحوا في سبيل أمن واستقرار دولتهم فهذا هو الخطر بعينه مهمة المثقفين والمفكرين وقادة الرأى والإعلام أن يعملوا دائما من أجل أن تظل الذاكرة يقظة والضمير الجمعي نشطًا حتى لا تتكرر الأخطاء وتتساقط الحقائق أو يتم تزوير التاريخ لصالح جماعات أو تنظيمات وتيارات لها أهداف أخري، وعندما نتحدث عن مصر خلال السنوات الماضية سنجد أن ما شهدته من أحداث بل وما تعرضت له من مخططات وثورات يفرض عليها أن تظل ذاكرتنا حية لا تغيب عنها المشاهد المؤلمة للمواطن والوطن التي تعرضنا لها جميعاً في الفترة ما بعد 2011 استرداد مصر فهم كانوا يخططون لخطفها.
لابد أن نظل متذكرين كيف كانت جماعة الإخوان تعمل لتمكين نفسها وتقزيم الدولة وتحقيق أجندات ضد مصر، وفى سبيل ذلك استخدمت كل أنواع العنف والإرهاب والحرق والقتل والتهديد وكل هذا لم يكن مجرد أنباء يتم تداولها بل وقائع مسجلة بالصوت والصورة وثابته بالحقائق وبما يكشف ماذا كان يمكن أن يحدث لمصر لو استمرت هذه الجماعة في الحكم أكثر من عام.
بالتأكيد جرائم الإخوان في حق مصر كثيرة، ويصعب حصرها، لكن واحدة من أخطر تلك الجرائم التي تحل ذكراها الآن هي اعتصاما رابعة والنهضة المسلحان واللذان لم يكونا سوى بؤرتين لهما هدف أكبر من مجرد الاعتراض أو دعم جماعة، بل كان الهدف أن ينطلق من البؤرتين مخطط نشر الفوضى وإحداث الخراب وضرب الدولة الوطنية فى مقتل، ولذلك كان التحدى أمام الدولة في هذا التوقيت هو هذين الاعتصامين، إما أن ينتهيا فتعود هيبة الدولة، أو يستمرا فتظل الفوضى وتقسم مساحتها.
كان الاختيار الحاسم هو فض الاعتصامين بإجراءات تتسم بالقانونية رغم أن كل ما كان داخل الاعتصامين وخاصة رابعة لا علاقة له بالقانون أو الشرعية، بل كان هناك تجاوز كامل لكل القوانين وهذا ما أكدته تقارير المنظمات الحقوقية ولجنة التحقيق في فض الاعتصام والمشكلة من المجلس القومى الحقوق الإنسان وقتها.
فما ذكره التقرير وما أكده شهود العيان تكشف بووضح كيف كان الاعتصامين كارثة على أمن واستقرار الدولة، بل على وجود الدولة نفسها وكيف كان الاعتصامين بهما أسلحة تكفى لتدمير بلد.
تقرير اللجنة كشف بالوقائع أن إدارة الاعتصام جماعة الإخوان سمحت بدخول عناصر مسلحة وأفراد مسلحين تابعين لها وتمركزوا في مناطق عديدة متفرقة، وهو ما تزع صفة السلمية تماماً.
هذه الجملة تكشف بوضوح كيف أن هذا الاعتصام لم يكن كما يدعون سلميًا بل كان مسلحًا، وكان كما ذكر شهود كثر بعضهم ممن خرجوا من هذه الجماعة الإرهابية بعدما اكتشفوا خيانتها، أكد هؤلاء أن تسليح الاعتصام كان يتزايد يوماً بعد الآخر، لدرجة أنه تحول إلى ما يشبه الثكنة العسكرية استعدادا للمواجهة التي كانوا يخططون لها.
والأخطر كما رصدت الشهادات المختلفة أن المخطط للاعتصامين وتحديدًا “رابعة”، أن يتوسع يومًا بعد الآخر، حتى يشمل مساحات أكبر وما يتبع ذلك من إجراءات نهايتها إيجاد دولتين وحكومتين وبدعم من دول خارجية.
الشهادات أكدت حجم عمليات القتل والدم الذي سال على أرض رابعة بأيدي عناصر الجماعة الإرهابية.
لجنة حقوق الإنسان وتقرير منظمات المجتمع المدني وبعض الشهادات كشفت أن أعدادا من الأسلحة شوهدت بحوزة بعض المدنيين داخل الاعتصام وهو ما كان يشكل تهديدًا خطيرًا للأرواح.
ولم يقف الأمر عند هذا بل وثقت اللجنة العديد من المقاطع الفيلمية لمتحدثين عبر منصة الاعتصام تضمنت خطابا يدعو للتحريض ضد الدولة وممارسة العنف والقتال تحت شعار الاستشهاد وكذلك خطاب يدعو للتمييز على أساس الدين وإهانة للرموز الدينية الإسلامية والمسيحية.
كما شهد الاعتصام تعرض الكثير من المواطنين الحالات القبض من قبل إدارة الاعتصام بحجة التحقيق بل والتنكيل ببعضهم وتعذيبهم حتى الموت فقد سجلت شهادات عديدة ما يؤكد حدوث وفيات نتيجة التعذيب داخل الاعتصام على أيدى عناصر الإرهابية وفوق ذلك كان استخدام عناصر الجماعة الإرهابية للأطفال في الصراع السياسي بأن قاموا بالحشد الجبري للأطفال داخل الاعتصام بل وبتنظيم مسيرات من الأطفال الذين استقدموهم من دور رعاية أطفال تابعة لهم تحت لافتات تعبر عن الجماعة ورغباتها، بل ووصل الأمر إلى ارتداء الأطفال جبرا للأكفان البيضاء رافعين شعارات “شهداء تحت الطلب”.
لم تقف الجرائم داخل الاعتصام عند هذا الحد فكما رصد التقرير لم تمهل إدارة الاعتصام المعتصمين الراغبين في المغادرة فرصة ليفعلوا ذلك عندما طالبتهم قوات الأمن بالإخلاء وحددت لهم مسارات خروج آمنة، وإنما منعوهم من ذلك ليدفعوهم إلى المواجهة، كما استخدمت الجماعة الإرهابية المدنيين دروعًا بشرية وهذا ما تم توثيقه بفيديوهات مصورة أكدت هذا الاستخدام الإجرامي للدروع البشرية للاصطدام بقوات الأمن التي حاولت بكل السبل أن يتم فض الاعتصام سلميًا، لكن عناصر الجماعة الإرهابية أصروا على المواجهة المسلحة.
تقرير اللجنة الموجود على الإنترنت ومتاح لكل من يريد أن يتذكر هذه الأيام العصيبة يقول إن عملية فض الاعتصام جاءت في إطار سعى الحكومة إلى تطبيق وإعمال القوانين المصرية لكن عناصر الجماعة الإرهابية كانت تتحرك وتطلق النيران من وسط المعتصمين مع اتخاذ دروع بشرية جعلتهم في مرمى الاشتباك.
خلال فض الاعتصام سقط أول شهيد من جانب الشرطة برصاص من داخل الاعتصام وحسب التقرير وصل عدد شهداء الشرطة في هذا اليوم 8 شهداء وكما ذكر التقرير فأغلب من سقطوا خلال الفض كان السبب في وفاتهم هو عدم السماح لهم من قبل عناصر الجماعة بالخروج.
هكذا كشف التقرير حقيقة هذا الاعتصام المسلح وما شهده من جرائم لم تتوقف بعض الاعتصام بل كان رد فعل الجماعة المباشر على قرار الفض أن أطلقت أحداث عنف مسلح استمرت لـ4 أيام في 32 محافظة أحرقت خلالها العديد من الكنائس والمنشآت العامة وهاجمت فيها بعض أقسام الشرطة مما خلف نحو 686 ضحية منهم 64 من رجال الشرطة و 622 مدنيًا لا ذنب لهم.
هكذا هي الجماعة الإرهابية التي فضحت نهجها المتطرف وأنها لا يعنيها غير مصلحتها وما يحقق أهدافها لا تنشغل بالدولة أو الأمن والاستقرار.
ولذلك وبعد فض الاعتصام تنفيذًا الإرادة الشعب المصرى في التخلص من وحكم الإرهابية أو حكم المرشد لم تنظر الجماعة سوى لمصلحتها وقررت ممارسة كل أنواع الإرهاب والعنف والحرق والتهديد للمنشآت العامة، وتزايدت الجرائم الإرهابية وقرروا تحويل سيناء إلى منطقة إرهاب وعنف امتد إلى باقي محافظات الجمهورية ولا يمكن أن ينسى أحد الثمن الذي دفعته مصر لهذه الجرائم ويكفى أن المواجهة التي قام بها رجال الجيش والشرطة لمنع الإرهاب وحماية الشعب من أثاره كان ثمنها أكثر من 3 آلاف شهيد و 13 ألف مصاب وهذا هو الثمن الأكبر لكن كان هناك ثمن آخر وهو التفجيرات التي استهدفت مؤسسات الدولة، ومديريات الأمن وطالت مواطنين سقطوا في تفجيرات العبوات الناسفة التي كان يزرعها الإخوان في الشوارع .. وأمام الجامعات.
وهو ما أثر بشكل كبير على اقتصاد الدولة، وخلق صورة عامة أن مصر دولة غير مستقرة بفعل هذه الجماعة التي نالت دعمًا كبيرًا من قوى خارجية لزعزعة أمن واستقرار مصر وتنفيذ مخطط الفوضى الذي كاد يتحقق لولا يقظة وبطولة رجال الجيش والشرطة وتضحياتهم ووعى الشعب ورفضه الاستسلام لهذه الجماعة الإرهابية.
لن ينسى المصريون يوماً هذه الجرائم ولن ينسوا أن هذه الجماعة كانت تريد حرق الدولة بالكامل وأنها مارست العنف فى كل مكان وخلاياها تحركت في كل المحافظات لاستهداف كل ما يعارضهم أو يساند الدولة وكان استهداف النائب العام الشهيد هشام بركات صورة واضحة لهذه الجرائم الإخوانية، وكذلك تفجير مديرتا أمن الدقهلية والقاهرة والمتحف الإسلامي.
وظل هذا الإجرام الإخواني حتى تخلصت منه مصر وليس هذا فقط بل قاد الرئيس عبد الفتاح السيسى إعادة بناء الدولة من جديد وإطلاق الجمهورية الجديدة بما تحمله من رسالة واضحة أن مصر مهما تعرضت لمحن لكنها ستظل باقية قوية صامدة.