ما الذى تريده أمريكا من منطقة الشرق الأوسط؟.. هل هى مع استقرار المنطقة أم مع اشعالها بحروب وصراعات؟.. ما يدفعنى إلى هذا السؤال هو موقف أمريكا الرسمى نفسه فى تعاملها مع التصعيد الأخير بعد اغتيال إسماعيل هنية والقيادى بحزب الله فؤاد شكر ففى الوقت الذى تدعو فيه واشنطن كلاً من إسرائيل وإيران إلى ضبط النفس وعدم التصعيد نجدها فى نفس الوقت ترسل تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة لتكون فى أتم الاستعداد للمشاركة فى أى عمل عسكرى لضمان أمن إسرائيل!.
هكذا تتعامل أمريكا مع التصعيد الأخير أرسلت رسائل إلى كل من إسرائيل وإيران تدعوهما إلى عدم تصعيد النزاع فى الشرق الأوسط وتؤكد أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة يمثل أولوية لواشنطن لإنهاء هذه الحرب لكننا نجد أمريكا فى نفس الوقت تساند إسرائيل وتقدم لها السلاح وترسل السفن والمدمرات وحاملات الطائرات إلى المنطقة وهو ما يؤكد انحيازها الكامل لإسرائيل مما يشكك فى دورها كوسيط يسعى بحق لعدم توسيع الصراع فى المنطقة.
يبدو أن واشنطن برسائلها إلى طهران المحملة بالتهديد والترغيب أيضا جعلت إيران تعيد النظر فى خططها لتوجيه ضربة انتقامية لإسرائيل رداً على اغتيال إسماعيل هنية على أراضيها حيث ظلت دول المنطقة طوال الأسبوع الماضى فى حالة ترقب وانتظار للضربة الإيرانية وأغلقت العديد من الدول مجالها الجوى مع طهران بعدما أعلن مذيع بالتلفزيون الحكومى الإيرانى يوم الجمعة قبل الماضية أن العالم سوف يشهد فى الساعات المقبلة مشاهد غير عادية وتطورات مهمة للغاية وتوقعت واشنطن أن الهجوم الإيرانى سيحدث يوم الأحد أو الإثنين الماضيين وأبلغ وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن مجموعة السبع يوم الإثنين الماضى بأن إيران ستبدأ هجومها الانتقامى خلال 24 ساعة لكنه لم يحدث بعد حيث مرت الساعات ومرت الأيام دون أن يظهر فى الأفق أى رد إيراني.. فهل تناور طهران بعنصر الوقت وتقوم فى أى وقت بتوجيه ضربة لإسرائيل ربما يكون متفق عليها لحفظ ماء وجهها أم أن رسائل واشنطن التى تلقتها كان لها مفعول السحر لجعل طهران تتريث فى انتظار الوعود الأمريكية.
يبدو أن واشنطن اقنعت طهران أن الطريق بات ممهداً للتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب فى قطاع غزة وأن أى هجوم انتقامى إيرانى على إسرائيل سيعرقل مساعيها وجهودها لوقف إطلاق النار فى القطاع وهو ما بدا بالفعل من تحركات واشنطن فى المنطقة الأيام الماضية والتى تكللت يوم الخميس الماضى بصدور بيان أمريكى مصرى قطرى مشترك يدعو الفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف المناقشات العاجلة يوم الأربعاء أو الخميس المقبلين لسد كافة الثغرات المتبقية وبدء تنفيذ وقف إطلاق النار دون أى تأجيلات جديدة.. فهل واشنطن جادة حقا هذه المرة لإنهاء حرب الإبادة التى ترتكبها إسرائيل فى قطاع غزة منذ عشرة أشهر خاصة وأنها تدرك جيدا بأنها لو نجحت فى ذلك فسيعزز من فرص كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطى وخليفة جو بايدن للجلوس على عرش البيت الأبيض؟.