تنطق أدبيات إدارة المؤسسات بصفة عامة والوطنية منها خاصة ان الاعتبار الأساسى لضمان استقرار تنفيذ الرؤى التنموية الشاملة، يتبلور فى صناعة القيادات لتتناسب مع متطلبات تنفيذ السياسات المخطط لها وفق معايير التكنوقراط والتى سبق وتحدثنا عنها فى المقالات السابقة حيث تظهر حكومة الكفاءات وحسب.
تشير التجارب العالمية فى إدارة الدول إلى توارث الخبرات من الصف الأول للقيادات إلى الصف الثانى ومنه إلى الثالث وبذلك نكون أمام ما يشبه المزرعة لإنتاج القيادات فى مكانهم المناسب أو صناعة القيادات، حتى إذا ما خلا مكان نجد له بديلاً ثانياً ليشغله وبكفاءاة تفوق ما كانت عليه أو تناظره.
للصف الثانى من القيادات معاييرهم فى الاختيار فلابد أن يكونوا أصحاب صلة وثيقة بالملف وخبرات متفردة ودراسة علمية متخصصة ويكونوا من الشباب، ولهم رؤى إبداعية ومهارات خاصة، مطلعين على التجارب الدولية،وغير ذلك من سمات، لكن ما يجدر ملاحظته أن اختيارهم يتساوى فى أهميته وتأثيراته اختيار الصف الأول من القيادة، الأمر الذى حرصت عليه الدولة بشكل تفصيلى فى تشكيل الحكومة الجديدة وجاء القرار الرئاسى يتضمن اسماء تتحقق فيها هذه الصفات وأكثر وأنعكس ذلك على حوكمة مؤسسات الدولة بشكل بالغ الكفاءة ودفع حركتها كما يتضح فى كل خطوة.
الواضح ان فى هذا الاتجاه إحدى سمات التحول نحو جمهوريتنا الجديدة فكم طالبنا بتجهيز وإعداد كفاءات بشرية قادرة على العمل فى مواقع قيادية بمختلف القطاعات، الأمر الذى اعتبرته الدولة أولوية قصوى ووجه الرئيس بتفعيل دور الأكاديمية الوطنية للتدريب وتكون تابعة للرئاسة وأطلق البرنامج الرئاسى لإعداد القادة، واتسع دور معهد إعداد القادة لنصبح أمام عدد ضخم من الكوادر المؤهلة.
امتدت هذه الفلسفة لإعداد شباب الجامعات لنجد نماذج المحاكاة المتعددة والتى تستهدف إحاطة الدارسين وحديثى التخرج بطبيعة العمل الوطني، وبالتالى أصبحت هناك منظومة كاملة ظهرت أولى قطافها فى اختيارات مساعدى الوزراء والمحافظين ليبشروا بانطلاقة وطنية تستحق التأمل.